كثيرا ما يردد الأزواج والزوجات، على حد سواء، أنّ الرجل بحر غامض والمرأة لغز كبير، متناسين روعة الاختلاف بين الجنسين، والكامنة في التكوين الجسدي والنفسي.. ومن شأن فهم طبيعة هذا الاختلاف أن يُغيّر حياة كل من الجنسين إلى الأفضل ويزيدَ من قدرتهم على التعايش الزوجي بالمحبة والمودة، أما عدم استيعابه والتعايش معه فيؤدي إلى تفكيك العلاقة الزوجية، حيث إنه من الصحي في العلاقة الزوجية أن يفهم كل واحد منهما اختلاف تكوينَ الآخر، وشخصيته أيضا من خلال الأفعال والتصرفات، وهما وسط مُعترَك الأحداث اليومية واختلاف تأثر كل واحد منهما بها، وهذا لا يعني بالضرورة تفضيل أحدهما على الآخر.. بل إن الأمر يتعلق بتفضيل وظيفيّ من باب إحداث التكامل بينهما، بمعنى أنّ الرجل، مثلا، يَصلُح لقيادة الأسرة وتحمّل مسؤوليات الحياة وتأمين الحماية والأمن لبيته وأسرته، لاتّصافه بالخشونة والصلابة وقوة العضلات واستخدام التفكير قبل الحركة والشجاعة.. ما يجعل المرأة تشعر بالاطمئنان، بالأمان وبالقوة عندما تكون تحت حماية زوجها، وهذه الصّفات التي يتميز بها الرجل تناسب وظيفته في الحياة لتكمل الطرف الآخر.. أما المرأة فيكمن تميُّزها في كونها الأمَّ التي تربّي الأبناء ولها قدرة على تدبير البيت أيضا.. إلخ. إلى جانب أدائها عدة أعمال يؤدّيها الرجل، ولذلك فهي مثله تماما، وليست أقلَّ منه مرتبة، أما في الامور الأخرى فهما مختلفان عن بعضهما، كما في طريقة الحوار والكلام والتفكير والشعور والأحاسيس وأسلوب التعبير عن الحبّ والاحتياجات، فالمرأة مثلا تكون إصابتها بالعدوى أقلَّ من الرجل، لامتلاكها القدرة الكافية على مقاومة الأمراض والصبر على الآلام أكثر من قدرة الرجل، ويتبيّن ذلك أثناء الولادة والحمل وفترة الحيض.. لكون البنية الجسمانية للمرأة وطبيعته تجعلها أكثرَ استعدادا للمقاومة والمواجهة.. لهذا وجب على الرجل أن يراعيّ هذا الأمر ويُحْسن التصرّف معها ولا يركز على انفعالات المرأة، التي تكون خارجة عن إرادتها، كما أنّ عاطفة المرأة الجياشة تجعلها سريعة التأثر وسريعة الانفعال، وقد يظنّ البعض أن هذا «ضعف» منها، ولكن في الحقيقة هو في منتهى القوة والحكمة، لأنه يكمل ما ليس لدى الرجل من صفات، حيث إنّ هذا الأخير والمرأة خُلقا ليكمل بعضهما البعض، فالمسألة ليست مسألة تفاضل وإنما مسألة تكامل، فكل واحد قد زود بما يناسب وظيفته في الحياة، مثل الليل والنهار.. إنّ المرأة لا تحتاج إلى قوة العضلات لتحمل ابنها وتعطف عليه، وإنما تحتاج العطفَ والحنان والتضحية لتكمل أمومتها على ما يرام.. تحتاج إلى العذوبة والرّقة حتى تكسب قلب زوجها، فتزيلَ همومه كي «يستريح».. كما أنّ الإنفعال والتأثر يجعلانها شديدة الخوف على أبنائها، فتحميهم من المخاطر التي قد يتعرّضون لها.. ولولا هذه العاطفة الجياشة لدى المرأة لَما استطاعت الصبر في تربية الأبناء وتحقيقِ مطالبهم والسهر على راحتهم، فهذه العاطفة تجعلها أشدَّ إخلاصا في العمل الذي تؤدّيه، سواء مع زوجها أو أبنائها أو في عملها.. فوجود اختلاف الصفات بين الرجل والمرأة معناه تحقيق التكامل بينهما، والاختلاف في الخصائص يؤدي إلى اختلاف نوعية وظيفة كل منهما، فإنْ تعاملنا مع هذا المفهوم الإيجابيّ لهذا الاختلاف الرائع فسيرشدنا ذلك إلى اقتراحات عملية، تخفف من الاحباط وخيبات الأمل وتزيد من السعادة والمودة وتُمَكننا من فهم كيفية الاستماع إلى الطرف الآخر وكيفية الدعم والتشجيع.. فكلما ازددنا فهماً لطبيعتنا ولنفسية هذا الاختلاف الرائع، والذي معناه تحقيق التكامل، سيحيى كل من الزوجين حياة زوجية سعيدة.