رسم عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، خلال الخلوة التي نظمها الفريق النيابي لحزبه نهاية الأسبوع بالخميسات، خريطة طريق لعلاقة حزبه بالمؤسسة الملكية، مؤكدا في رسالة إلى من يهمه الأمر أن «لا تغيير إلا بالتعاون والاتفاق مع الملك على الإصلاح». واعتبر بنكيران، خلال الكلمة التي ألقاها أمام برلمانيي حزبه صباح أول أمس السبت، أن لا حديث عن الإصلاح وتنزيل الدستور بدون التوافق مع المؤسسة الملكية، مشيرا إلى أن ما يميز المغرب عن غيره من بلدان الربيع العربي كمصر وتونس وليبيا وسوريا هو أن أغلب الإنجازات تحققت تاريخيا بالتوافق بين المؤسسة الملكية والأحزاب السياسية. سياسة التوافق مع القصر، التي يحرص عليها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، لم تدفعه إلى مصادرة حق الفريق النيابي في انتقاد الأوضاع، إذ أبقى له على حقه في الانتقاد وإبداء الملاحظات. وكان لافتا خلال لقاء رئيس الحكومة ببرلمانيي حزبه إشادته بالقنبلة التي كان قد فجرها عبد الله بوانو، رئيس فريق النيابي، حينما طالب، خلال جلسة مساءلة مدير صندوق الإيداع والتدبير، الثلاثاء الماضي أمام لجنة المالية بمجلس النواب، بمساءلة مصطفى الباكوري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عما يزيد عن 3.7 مليارات درهم، قيمة الخسارة التي تكبدها الذراع المالي للدولة بسبب فقدان أسهم شركة «كلوب ميد» الكثير من قيمتها في سوق البورصة، وهي الشركة السياحية الفرنسية التي يمتلك الصندوق نسبة تقل عن 10 في المائة من رأسمالها. من جهة أخرى، وجد بنكيران في اللقاء التواصلي الذي خصص لتقييم أداء فريق النيابي خلال الدورة الخريفية الماضية، الفرصة لتقديم وصاياه العشر إلى برلمانيي حزبه، داعيا إياهم إلى التمسك بالمرجعية الإسلامية، التي يستند إليها الحزب والدفاع عنها، و«تذكر» الاختيار العام المتعلق بما سماها قواعد الاعتدال والمشاركة والحفاظ على المكتسبات. وقال فيما يشبه رسالة اطمئنان إلى من يهمه الأمر: «لم نأت كحزب سياسي لإرباك وضع الأمة»، داعيا إلى الحفاظ على الاختيارات العامة للحزب والتشبث بها. وفيما حرص بنكيران على تذكير «إخوانه» بصيرورة الحزب منذ نشأته، أوضح المتحدث ذاته أن حزب العدالة والتنمية لم يلجأ إلى القيام بما سماها «التقنيات» من أجل الوصول إلى مراكز المسؤولية والقرار بطرق ملتوية، مشيرا إلى أن ما حصل عليه حزبه من ثقة وتطور إلى حد الساعة جاء نتيجة الكد والعمل الجاد، فضلا عن تمسك قياداته بالمرجعية التي يحرص عليها الحزب وبالاجتهاد والمصداقية ونزاهتهم ونظافة اليد. إلى ذلك، تحاشى بنكيران، خلال الكلمة العامة التي ألقاها، الحديث عن أي تعديل للتشكيلة الحكومية التي يقودها وموعد الانتخابات القادمة، مؤكدا بالمقابل على تماسك الأغلبية التي يقودها بالقول: «ربحنا الأغلبية قبل وبعد الانتخابات الجزئية الأخيرة .. والآن نحن أمام تحديات كبيرة، منها صندوق المقاصة وصناديق التقاعد والانتخابات وإصلاح القضاء...». ووقف الأمين العام للحزب الإسلامي عند ما اعتبرها منجزات حققتها حكومته، مشيرا إلى أنه «بالرغم من بعض القرارات التي اتخذتها كانت تحمل حمولة لا شعبية إلا أن الشعب تحملها لأنه يؤمن أن الأغلبية ورئيس الحكومة لا يرومون من ورائها الإضرار به». وفي الوقت الذي خضع وزراء العدالة والتنمية لجلسة مساءلة مساء أول أمس السبت، تميزت بتقديمهم عروضا حول العمل الحكومي خاصة ما يتعلق بالمجتمع المدني وقانون المالية، شكل اللقاء التواصلي الفرصة لرسم خريطة طريق للفريق النيابي خلال الدورة الربيعية القادمة، على مستوى تنزيل الدستور وتقوية المؤسسة التشريعية، وطبيعة خطاب نواب العدالة والتنمية للمرحلة المقبلة، فضلا عن كيفية إسناد الحكومة. وحسب مصادر من الفريق النيابي، فإن الفريق بصدد وضع مخطط تشريعي خاص به، بتنسيق مع فرق الأغلبية، مشيرة إلى أن اللقاء التواصلي كان مناسبة لتقييم الحصيلة الرقابية والتشريعية والدبلوماسية والتكوينية عن دورة أكتوبر الماضية، ومناقشة أداء أعضاء الفريق الممثلين بمكتب مجلس النواب.