يحتفل العالم، اليوم، باليوم العالمي للمرأة. ويعود سبب اختيار يوم 8 مارس لهذا الاحتفال -في ما يقال، والله أعلم- إلى أنه اليوم الذي اختارته الآلاف من عاملات النسيج الأمريكيات للتظاهر في نيويورك عام 1908 مطالبات بالخفض من ساعات العمل ومنع تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع. لذلك كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية أول بلد يحتفل بثامن مارس كعيد سنوي للمرأة ابتداء من سنة 1909، ثم الاتحاد السوفياتي بعد نجاح الثورة البلشفية عام 1917، حيث اعتبر اليوم «ثورة للنساء العاملات ضد عبودية المطبخ»؛ وقد تطلب الأمر انتظار أكثر من نصف قرن لكي تصادق هيئة الأممالمتحدة على جعل هذا اليوم عيدا عالميا مشتركا بين جميع (أو معظم) الدول الأعضاء ابتداء من سنة 1977. إلا أن المآل الذي انتهى إليه هذا الاحتفال السنوي لم يمر دون إثارة تعاليق شرّيرة من قبل بعض الملاحظين (الذين يطلقون آذانهم وأعينهم و«يلاحظون» دون أن يطلب منهم أحد ذلك)، حيث اعتبروا الاحتفال في حدّ ذاته إهانة للمرأة: من جهة، لأن «اليوم العالمي للمرأة» صار يندرج، دون أي تميّز خاص، ضمن باقي أيام هيئة الأممالمتحدة، من قبيل «اليوم العالمي للزهايمر» (21 شتنبر) أو «اليوم العالمي للمسنين» (1 أكتوبر الذي كان، على أيامنا، يوم الدخول المدرسي) أو «اليوم العالمي للحفاظ على طبقة الأوزون» (16 شتنبر)... على سبيل العد لا الحصر؛ ومن جهة ثانية، لأن تخصيص يوم واحد في السنة للاحتفال بالمرأة ومنجزاتها يعني، ضمنيا، أن باقي أيام السنة (أي 364 يوما) هي عبارة عن احتفال دائم ب«السنة العالمية للرجل». ولا يفوت هؤلاء «الملاحظين» تسجيل استغرابهم اكتفاء المرأة بيوم واحد في السنة وسعادتها به، حتى وإن كانت من المدافعات الشرسات عن فكرة «المناصفة» التي تعني، عمليا، في حال تطبيقها، تقسيم السنة بالتساوي بين المرأة والرجل، بمعدل 180 يوما عالميا لكل منهما، مع ترك اليوم المتبقي للاحتياط (ربما يظهر «جنس ثالث» في المستقبل) أو، فقط، للاستراحة من الأيام العالمية ومن هيئة الأمم المتحدة. قد يبدو هذا هو «عين العقل» في الوقت الراهن، دفاعا عن المرأة وحقوقها، على أساس أن «الهجوم هو خير دفاع»، وخاصة بعد تأسيس ما أطلق عليه «الشبكة المغربية لحقوق الرجال»، ونشرها دراسة تبين أن الأمور انقلبت رأسا على عقب في الآونة الأخيرة، حيث صارت المرأة عندنا هي من يعتدي على الرجل، وليس العكس، وذلك بمعدل سنوي لا يقل عن 8000 رجل يتعرضون للاعتداء من قبل النساء، عشرون في المائة منهم يتعرضون لعنف جسدي مباشر، يتم اللجوء فيه إلى السكين أو المقلاة أو طنجرة الضغط أو «يد المهراس» أو أي أداة من أدوات المطبخ الصالحة للقيام بالمهمة خير قيام؛ وذلك دون أي تمييز في السن والانتماء الجغرافي والطبقة الاجتماعية، حيث يغطي «اعتداء» النساء على الرجال كل مناطق البلاد، وكل الأعمار (من 26 إلى 75 سنة)، وتمارسه النساء الأميات مثلما تمارسه أستاذات جامعيات وإطارات عليا في مؤسسات بنكية. وهذا كله لا يعمل سوى على تأكيد خلاصات استبيان أجري في بريطانيا -في ما يقال، والله أعلم- سئل فيه رجال عن الكلمة العليا في البيت وإلى من تؤول في نهاية المطاف؟ فأجاب تسعة من عشرة ضمنهم بأنها تؤول إلى المرأة (طبعا) لأنها على حق دائما، في حين اختفى الرجل العاشر، الذي كان له رأي مختلف، ولم يظهر له أثر منذ ذلك الحين. وقى الله رجالنا من كل اعتداء أو اختفاء، وكل عام والمرأة المغربية بألف خير.