تشن القوات النظامية السورية حملة واسعة لاستعادة أحياء، يسيطر عليها المقاتلون المعارضون في مدينة حمص وسط البلاد حيث تدور اشتباكات هي الأعنف منذ أشهر، حسب ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس الاثنين. وتأتي هذه العمليات العسكرية غداة مقتل 264 شخصا جراء أعمال العنف في مناطق سورية مختلفة خلال الأسبوع الماضي، بينهم 115 جنديا نظاميا و104 مقاتلين معارضين، حسب المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويقول إنه يعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية في سوريا. وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن عدد قتلى القوات النظامية والمقاتلين المعارضين «الأعلى في يوم واحد» الذي أمكن توثيقه منذ بدء النزاع قبل نحو عامين. ميدانيا، قال المرصد أمس: «تدور اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب المقاتلة عند أطراف حيي القرابيص وجورة الشياح وحي الخالدية وأطراف أحياء حمص القديمة، تترافق مع قصف عنيف من القوات النظامية» على مناطق في أحياء القرابيص وجورة الشياح وباب التركمان وباب هود أدى إلى سقوط جرحى. وأوضح مدير المرصد أن الاشتباكات في حمص «هي من الأعنف منذ أشهر»، وأن العملية العسكرية «كبيرة وواسعة». وأشار المرصد إلى أن «القوات النظامية وقوات الدفاع الوطني المسلحة الموالية لها بدأت هجوما أول أمس على هذه الأحياء» الواقعة وسط المدينة، ما أسفر عن «مقتل وجرح العشرات من القوات النظامية وقوات الدفاع الوطني». وشكل النظام السوري مطلع السنة قوات للدفاع الوطني تتألف من مدنيين مسلحين يساعدون القوات النظامية في قتالها ضد مسلحي المعارضة. وما زالت بعض أحياء المدينة التي يعدها الناشطون المعارضون «عاصمة الثورة» التي اندلعت ضد الرئيس السوري بشار الاسد منتصف شهر مارس 2011 ، خارج سيطرة القوات النظامية التي تفرض عليها حصارا منذ أشهر. وفي مدينة الرقة (شمال)، تحدث المرصد عن «اشتباكات بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات النظامية في ساحة الإطفائية ومحيط دوار الدلة ومحيط فرع الهجرة والجوازات» بعد منتصف ليل أمس الاثنين. وأشار إلى أن المقاتلين المعارضين «دخلوا مبنى الهجرة والجوازات» في المدينة قبل أن يعاودوا الانسحاب منه، مؤكدا أن طائرات حربية تابعة للقوات النظامية «نفذت غارات جوية استهدفت المنطقة الواقعة شمال سجن محافظة الرقة والتي يتمركز فيها مقاتلون من الكتائب المقاتلة»، بعد سيطرتهم ليل السبت الأحد الماضي على هذا السجن الواقع شمال المدينة. وأشار المرصد إلى وقوع «اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب المقاتلة في شارع الباسل وبالقرب من فرع الأمن السياسي في مدينة الرقة». وشهدت ضواحي الرقة السبت الماضي اشتباكات وصفها المرصد بأنها «الأعنف» منذ بدء النزاع السوري قبل نحو عامين، وأدت إلى مقتل نحو 30 مقاتلا معارضا وجنديا نظاميا. ويشن المقاتلون منذ أيام هجمات على حواجز عسكرية في محيط المدينة التي تسيطر عليها القوات النظامية، علما أن أجزاء واسعة من ريف الرقة تحت سيطرة مسلحي المعارضة. وفي محافظة حلب (شمال)، تدور اشتباكات داخل الجامع الأموي وسط مدينة حلب الذي سيطر عليه مقاتلو المعارضة في 28 فبراير، حسب المرصد الذي أوضح أن القوات النظامية «تحاول إعادة سيطرتها على الجامع». وفي ريف حلب، تحدث المرصد عن اشتباكات في محيط مطار منغ العسكري، الذي يحاول مقاتلو المعارضة اقتحامه، وذلك ضمن «معركة المطارات» التي بدؤوها الشهر الماضي للسيطرة على عدد من مطارات المحافظة. وعلى صعيد متصل أجرى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في الرياض، أمس الاثنين، محادثات حول إيران وسوريا وقضايا أخرى مع نظرائه الخليجيين، الذين أعلنوا تأييدهم تسوية النزاع السوري عبر الحوار، مطالبين في الوقت ذاته بحماية دولية للمدنيين. والتقى كيري بشكل منفصل نظيره الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح والبحريني الشيخ خالد آل خليفة، ومن المتوقع أن يلتقي وزراء خليجيين آخرين وولي عهد السعودية الأمير سلمان بن عبد العزيز. وكان التقى فور وصوله إلى الرياض وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل. وقد طالبت دول الخليج في ختام اجتماعها مساء الأحد في الرياض «الأطراف في سوريا بالتعاطي مع مبادرة رئيس ائتلاف المعارضة احمد معاذ الخطيب»، منددة في الوقت ذاته ب»القتل العنيف غير المبرر للشعب السوري» وب»حماية المدنيين وفقا للفصل السابع». وافاد البيان الختامي للاجتماع الدوري بأن المجلس الوزاري «يطالب الأطراف في سوريا والمجتمع الدولي بالتعاطي مع مبادرة» الخطيب «الهادفة إلى الاتفاق مع أطراف النظام، الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء على خطوات لنقل سريع للسلطة». كما «يطالب مجلس الأمن بإصدار قرار ملزم يحدد منهجية واضحة وإطار زمني للمحادثات».