كشفت التحقيقات التي فتحتها فرقة الشرطة القضائية بميناء طنجة المتوسطي، في قضية شبكة تهجير القاصرين صوب أوروبا، عن تورط شركة للأمن الخاص متعاقدة مع إدارة الميناء، في تسهيل عمليات الهجرة السرية، وهي الشركة المكلفة بمراقبة الشاحنات المتوجهة إلى الموانئ الإسبانية. وكانت عناصر الأمن بالميناء قد تمكنت من تفكيك إحدى أخطر عصابات تهجير القاصرين بطريقة غير شرعية، عندما داهمت منزلا في إحدى قرى عمالة الفحص أنجرة، وبداخله 10 أطفال لا يتجاوز عمر بعضهم 15 سنة، كشفت معلومات أمنية أنهم كانوا يستعدون للهجرة سرا صوب إسبانيا. وأدت هذه العملية إلى توقيف شخصين يتزعمان الشبكة التي تخطط لعمليات التهجير، حيث كشفت التحقيقات عن أن الموقوفين يتقاضيان مبالغ متفاوتة من أولياء القاصرين أو منهم شخصيا لتهجيرهم داخل شاحنات نقل السلع في أغلب الحالات، ويتحدر هؤلاء القاصرون من مدن عدة كبني ملال وخريبكة وسيدي قاسم وقلعة السراغنة والرحامنة. وأدى تعميق البحث مع المتهمين الرئيسيين إلى الكشف عن مفاجأة من العيار الثقيل، حينما اعترفا بوجود عناصر تعمل داخل الميناء المتوسطي تسهل عملية الهجرة السرية، كاشفين أن مجموعة من حراس مراقبة الشاحنات، تابعين لشركة «برانكس» للأمن الخاص. وذكرت مصادر مطلعة أن ما لا يقل عن 7 من العاملين في مراقبة الشاحنات متورطون في هاته الشبكة وسيواجهون تهم «المشاركة في عمليات الهجرة غير الشرعية والتستر عليها»، حيث كشفت التحقيقات أنهم كانوا يقومون بالاتفاق مع السماسرة من أجل تسهيل عملية الهجرة عبر حشر القاصرين داخل شاحنة، ويعمد هؤلاء الحراس إلى منع كلاب المراقبة من الاقتراب من الشاحنة حتى لا يفتضح أمر المرشحين للهجرة، وهي الطريقة التي مكنت فعلا المئات من الأطفال من الانتقال صوب الضفة الأخرى. واعترف الموقوفون، الذين بلغ عددهم 9 أفراد، بتورطهم في هذه الشبكة، وأحيلوا على الوكيل العام للملك باستئنافية طنجة بداية الأسبوع الجاري، إلى جانب 10 من القاصرين المرشحين للهجرة السرية. وحسب معطيات مصادر قضائية، فإن جل العاملين في مراقبة الشاحنات الموقوفين اعترفوا بتورطهم في هذه الشبكة مقابل حصولهم على نسبة من الأموال، كما كشفت التحقيقات عن هوية العقل المدبر لهذه العمليات، وهو شخص يتحدر من مدينة آسفي لا زال البحث عنه جاريا، وأنه كان يتولى التنسيق مع حراس الأمن الخاص واستخدام سماسرة لإقناع القاصرين وذويهم بالهجرة صوب أوروبا. وذكرت مصادر «المساء» أن الملف لا زال مفتوحا أمام تطورات أخرى ستتكشف بمجرد توقيف متزعم الشبكة، مضيفة أنه من الممكن متابعة أولياء القاصرين في حال ثبت تورطهم في الزج بأبنائهم في هذه المغامرة.