لم تكن عملية فرار 9 سجناء مدانين بأحكام ثقيلة في قضايا الإرهاب، ليلة ال7 من أبريل الماضي، عبر حفر نفق أرضي في السجن المركزي بالقنيطرة، ب«الحدث العادي». بل كانت عملية الفرار أشبه بفيلم هوليودي أخرج بإتقان كبير. ولأن الأمر كذلك، فقد تعددت الروايات في هذه القضية التي ظلت إلى حد الآن واحدا من الألغاز الكبرى التي لم تفك بعد. وهذه واحدة من الروايات التي يقدم فيها عبد الهادي الذهبي، الملقب بأبي أنس وواحد من السجناء التسعة الفارين، الذي أشرف على عملية الفرار، نفسه على أنه هو من هندس عملية «الهروب الكبير» من أولها إلى آخرها. الحلقة 6 ومررنا في إموزار كندر بمحاذاة رجال الدرك واشترينا الجرائد وطالعنا صورنا وأخذنا حماما عموميا وبعد مغرب هذا اليوم، وهو يوم الأربعاء، أدينا الصلاة ونزلنا باتجاه الطريق الرئيسية المؤدية إلى مدينة إفران، حيث كنا نود التوجه إلى إيموزار كندر، فكان لا بد من الوصول أولا إلى إفران جنوبا ثم شمالا.. كانت المسافة طويلة جدا، وهو ما جعلني أطرح على الإخوة اقتراحا بعدما قطعنا 22 كيلو مترا باتجاه إفران وجهزت خريطة حول المغرب وحددت المكان الذي كنا نتواجد فيه، حيث بقيت إفران في الجنوب الشرقي وإيموزار كندر شرقا زائد 5 درجات شمالا. فكان لا بد من تحديد المواقع التي نريد التوجه إليها خصوصا وأنه لم تكن لنا بوصلة، علما بأننا كنا سنتوغل داخل جبال الأطلس المتوسط لمسافات طويلة وكان من الحكمة اتخاذ احتياطات من هذا القبيل لكي لا نتوه في هذه الجبال. وضعنا هذه الخطة صباح يوم الخميس 10 أبريل بعدما هيأنا مكانا بين الأشجار بحيث لا نرى داخل دائرة محاصرة بشجيرات قمنا بتقطيعها حتى يمر هذا اليوم بسلام، فكانت بعض الأغنام تمر بمحاذاتنا وتأكل من هذه الأغصان وكان الراعي يجلس بجوارنا ونحن سبعة لا نحرك ساكنا لكي لا يحس بنا أو يرانا وكي لا يشك في أمرنا، وهو ما من شأنه أن يجعل السلطات تحدد مكاننا، فهي لا تعرف الوجهة التي سلكناها. وبعد عصر هذا اليوم وابتعاد الرعاة عن هذا المكان، توجهنا شرقا زائد 5 درجات يمينا باتجاه إموزار كندر، وبدأنا نتوغل وسط جبال الأطلس المكسوة بالأشجار الكثيفة، وهي مناطق تنعدم فيها الساكنة. وقد وجدنا في طريقنا عبر مراحل أكثر من 12 قنبلة قديمة مرمية بين الصخور والأشجار في هذه المناطق النائية، والتي لم تفجر بعد، وكانت كل قنبلة تزن من 8 إلى 10 كيلوغرامات، فكانت تشكل خطرا على كل من صادفها، وهو ما جعلنا نحملها ونخبئها بين الصخور والأشجار.