في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن حوار بين الدولة ومشايخ ما يسمى بتيار السلفية الجهادية، دون أن تتضح معالم هذا الحوار حتى الآن، أصدر حسن الكتاني، أحد هؤلاء المشايخ، وثيقة من سجنه هي عبارة عن كتيب صغير هاجم فيه التكفيريين وانتقد فيه السلفية الوهابية بسبب التشدد والغلو الذي تتميز به. والوثيقة هي عبارة عن أسئلة وجهت إلى الشيخ الكتاني من قبل بعض سجناء السلفية الجهادية في السجن المدني بسلا حيث يعتقل الكتاني المحكوم بثلاثين عاما في إطار قانون مكافحة الإرهاب، حصلت عليها «المساء» وتحمل عنوان: «الأجوبة الوفية عن الأسئلة الزكية». وجاء في أحد هذه الأسئلة: «شيخنا، نود منكم الإجابة عن بعض الأسئلة التي كثر حولها الجدال، حتى وصل الأمر بين الإخوة إلى تكفير بعضهم بعضا، ونظرا لعدم الإلمام بأقوال أهل العلم في بعض الأبواب»، وبدا من خلال الإجابة أن الشيخ الكتاني لم يكن يعرف أن التكفيريين كثيرو العدد داخل السجون، وسط ما يسمى بالسلفية الجهادية، حيث قال: «أما الغلاة فما كنت أظنهم بهذه الكثرة ولا حول ولا قوة إلا بالله»، وشبه الكتاني هؤلاء التكفيريين بالخوارج بسبب تهورهم بتكفير المسلمين دون وجه حق. وعن سؤال آخر ورد فيه: «ما حكم من يتحاكم إلى القانون الوضعي عند الضرورة، علما بأن البلاد ليس بها محاكم شرعية تفصل في النزاعات بين الناس؟»، استعرض الشيخ الكتاني مسيرة الحكم في العالم الإسلامي وحلول القانون الوضعي الأجنبي مكان الشريعة الإسلامية في العهد العثماني، وقال إن الملك محمد الخامس شكل لجنة من العلماء لكتابة مدونة للقانون مستمدة من الفقه الإسلامي، «فلما أنجزت قسم الأحوال الشخصية أوقف عملها، ولما مات السلطان قرر خلفه الحسن الثاني تطبيق قانون فرنسي وإلغاء عمل لجنة العلماء، وقد استنكر ذلك جماعة من كبار العلماء مثل محمد الباقر الكتاني ومحمد بن عبد الرحمان العراقي وعلال الفاسي»، وبين الكتاني أن التحاكم إلى القانون الوضعي هو حالة اضطرارية لا تخرج المسلم عن دينه، وقال: «فمن زعم أن التحاكم إلى المحاكم القانونية الوضعية كفر مطلقا دون نظر لهذه الأعذار فهو جاهل لا يدري ما يخرج من رأسه». وفي مكان آخر من نفس الوثيقة، ينتقد حسن الكتاني الدعوة النجدية لمحمد بن عبد الوهاب، التي يعتبرها الكثير من السلفيين المغاربة مرجعيتهم، وقال: «إن الذين يقرؤون كتب النجديين وكتب مؤرخيهم يلاحظ أمرا غريبا، وهو أنهم يعدون دعوة ابن عبد الوهاب مثل الرسالة المحمدية، فكل من بلغته فخالفها أو عاداها، فضلا عمن حاربها، فقد كفر أو كاد»، وأضاف أن «الجهل بالواقع كان حالة غالبة على جل النجديين».