لا يتعلق الأمر هنا بأحد التدابير الجديدة لضمان تسيير أنجع لنظام المقاصة والتي من المنتظر أن تعتمدها الوزارة المكلفة بالشؤون الاقتصادية والعامة قريبا، بل ببرنامج تمت تسميته ب«تيسير» للتحويلات المالية المشروطة المنجز في إطار الحد من ظاهرة الانقطاع المدرسي، حيث أبرمت مؤخرا كل من «بريد المغرب»، ووزارة التربية الوطنية والجمعية المغربية لدعم التمدرس اتفاقية شراكة تروم إجراء تحويلات مالية من طرف مؤسسة بريد المغرب على رأس كل شهرين لفائدة الأسر المستهدفة من برنامج «تيسير». ويستهدف البرنامج عينة أولية من 80 ألف تلميذ وتلميذة ينحدرون من حوالي 40 ألف أسرة من الوسط القروي، يتابعون دراستهم في مرحلة التعليم الابتدائي في 266 مجموعة مدرسية، تتشكل من 1255 وحدة مركزية وفرعية، وتتوزع على 17 إقليما تنتمي إلى كل من جهة مكناس تافيلالت، وتادلة أزيلال، ومراكش تانسيفت الحوز، وسوس ماسة درعة والجهة الشرقية. وذكر البلاغ الذي نشر عقب توقيع اتفاقية الشراكة ما بين أنس العلمي المدير العام لبريد المغرب، ولطيفة العابدة عن الجمعية المغربية لدعم التمدرس بحضور نزار بركة الوزير المنتدب المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة وعزيز دادس العامل منسق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أن هذه التجربة خصصت لها الجمعية، بشراكة مع المجلس الأعلى للتعليم ووزارة التربية الوطنية، دعما ماليا سيستفيد منه كل تلميذ وتلميذة بإحدى وحدات العينة، حيث حددت قيمته بالنسبة إلى المستويين الأول والثاني ابتدائي في 60 درهما، فيما حدد بالنسبة للمستويين الثالث والرابع في 80 درهما ثم المستوى الخامس والسادس في 100 درهم. وسيسلم هذا الدعم المالي عبر مكاتب «بريد المغرب» مباشرة إلى أب أو أم التلميذ أو ولي أمره، وذلك لخمس مرات في السنة على رأس كل شهرين أي خلال مدة عشرة شهور في كل سنة من السنتين التجريبيتين، بعد التأكد من مواظبة الأبناء على التمدرس بشكل طبيعي ودائم من خلال إطلاعهم على دفتر التواصل واتصالهم بإدارة المدرسة وأساتذتها. وقد اعتمد في تحديد الوحدات المدرسية المعنية ببرنامج «تيسير» على عدة معايير، منها الانتماء إلى مجال تدخل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وألا تقل نسبة الفقر في الجماعات المستهدفة 30 في المائة، وألا تقل نسبة الهدر المدرسي في هذه الجماعات القروية عن 80 في المائة، بالإضافة إلى الانتماء إلى جهة تشمل أكبر عدد من الجماعات الفقيرة ذات نسب عالية من الهدر المدرسي. أما في ما يخص قياس مدى تأثير الدعم المالي المشروط للأسر المعنية على مواظبة التلاميذ وكيفية مراقبة هذه المواظبة، فقد صنفت الوحدات المدرسية حسب صيغ التجريب المعتمدة في مجموعتين، بحيث تستفيد الأسرة في المجموعة الأولى من الدعم المالي دون اعتبار مواظبة التلميذ، أما في المجموعة الثانية فتستفيد الأسر من الدعم المالي شريطة ألا يتغيب فيها التلميذ أربع مرات في الشهر. يشار إلى أن هذه التجربة مستنسخة عن تجارب دولية أخرى خصوصا برنامج «بولسا فاميليا» بالبرازيل وسوليداريدادس» بالمكسيك ويسعى برنامج «تيسير» المغربي والذي يمتد على مدى موسمين 2008-2009 وكذلك 2009-2010 إلى رصد مدى تأثير الدعم المالي المشروط لفائدة الأسر المعوزة على نسبة الاحتفاظ المدرسي وعلى النتائج الدراسية لتلاميذ هذه الأسر. هذا وتبين الإحصائيات المدرسية التي أجريت خلال السنوات الأخيرة أن أكثر من 300 ألف تلميذ وتلميذة من الفئة العمرية15 - 6 سنة ينقطعون سنويا عن الدراسة.