قد يكون العنوان الأبرز للعام الذي نودعه هذا الأسبوع هو الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت تأثيراتها تنعكس على المغرب، رغم تسرع بعض مسؤوليه بإعلان حصانة بلادنا من عدوى أزمة ضربت أكبر القوى الاقتصادية في العالم. وعلى الصعيد الداخلي واصل الملك محمد السادس طوافه عبر أرجاء البلاد، كما تواصلت مبادراته، من إطلاق الجزء الثاني من برنامج إصلاح الحقل الديني بالبلاد إلى الرسالة الملكية الموجهة إلى المناظرة الوطنية للرياضة التي يعتبرها أهل الميدان أهم حدث في عام عزت فيه النتائج الإيجابية. إضافة إلى تعيين رئيس الهيئة المركزية لمحاربة الرشوة ورئيس المجلس الأعلى للمنافسة. لكن الصورة التي تظل عالقة في أذهان المواطنين ستبقى، لا شك، هي تلك التي ظهر فيها ملك البلاد متجولا بين دروب أنفكو، القرية المهمشة التي تعيش الشتاء محاصرة بالثلوج، وتقدم لها بعضا من أبنائها قرابين. وهي الزيارة التي اطلع فيها محمد السادس على الأوضاع المزرية التي يعيشها أبناء منطقة لم تستفد من برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مما جعله يبادر بإقالة عامل خنيفرة. وعلى المستوى السياسي شهد العام نهاية زعامة محمد اليازغي للاتحاد الاشتراكي الذي عقد مؤتمره الوطني على شوطين أسفرا عن تولي عبد الواحد الراضي كاتبا أول لحزب الوردة. كما أن مؤتمر العدالة والتنمية أسفر عن مفاجأة فوز عبد الإله بنكيران بقيادة الحزب، متقدما على أمينه العام السابق سعد الدين العثماني. واهتمت وسائل الإعلام بحدث نزول فؤاد عالي الهمة، الذي يوصف باعتباره صديق الملك، إلى الساحة السياسية بتأسيس جمعية «حركة لكل الديمقراطيين»، التي جمعت يساريين سابقين بيمينيين وأعيان، والتي تمخضت عن ميلاد حزب الأصالة والمعاصرة من خلال اندماج أربعة من الأحزاب الصغيرة، وهو الحزب الذي شارك في الانتخابات التشريعية الجزئية، رغم أنه لم يعقد بعد مؤتمره التأسيسي. وسجل العام ثلاث إشراقات حقوقية أولها اللقاء الذي جمع مسؤولين أمنيين مع مناضلين حقوقيين وضحايا سنوات الرصاص، وكان موضوعه إصلاح السياسات الأمنية، وثانيها إعلان الملك محمد السادس رفع المغرب تحفظاته المتعلقة برفع كافة أشكال الميز ضد المرأة، إلى جانب تشكيل لجنة تقصي الحقائق البرلمانية في حول الأحداث التي عرفتها سيدي إفني في يونيو الماضي. لكن هذا لم يحجب التراجعات المسجلة في المجال الحقوقي، والمحاكمات التي باتت تهدد وجود الصحافة المستقلة بالمغرب، وعلى رأسها الأحكام على جريدة «المساء» بغرامات ثقيلة، ومنع بث نشرة الحصاد المغاربي لقناة «الجزيرة». ورغم أن السلطات الرسمية واصلت إعلان تفكيك مزيد من الخلايا الموصوفة بالإرهابية، فإن أشهرها هذا العام كانت تلك المرتبطة باسم عبد القادر بلعيرج، لكونها شملت ستة من الوجوه السياسية المعروفة بتوجهاتها الإسلامية وبينها واحد من اليسار الموحد. لكن هذا العام تميز أيضا بحادثة «الهروب الكبير» التي نفذها تسعة من المعتقلين الإسلاميين من السجن المركزي بالقنيطرة، قبل أن يتم اعتقال سبعة منهم بالمغرب والثامن بالجزائر فيما لا يزال التاسع حرا طليقا. وكان من مخلفات هذا الهروب تأسيس المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج. ومن أبرز أحداث العام انهيار عمارة المنال التي كانت في طور البناء بالقنيطرة وأودت بحياة 18 من عمال البناء. وأخطر منها كانت محرقة روزامور التي خلفت وفاة 56 من عمال مصنع لصناعة الأفرشة بالمنطقة الصناعية ليساسفة بالدار البيضاء. وأخيرا، سجل العام غياب مجموعة من وجوه السياسة والثقافة والفن والرياضة، من بينهم عبد الكريم الخطيب والحبيب الفرقاني ومحمد العربي الخطابي ومصطفى عكاشة وعبد الصادق ربيع واللغوي لخضر غزال والفنانون حسن المفتي وحسن الصقلي وعبد الرفيع الشنقيطي وعمر شنبوط وعبد القادر لطفي وميلود لبيض والشيخ أحمد مول «الباسبور لخضر».