قال مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، إن المنظومة القانونية المتعلقة بالأسرة والطفل والمرأة عرفت تطورات هامة، خاصة مدونة الأسرة، التي شكلت منعطفا مهمّا في تدبير الشأن الأسريّ، بالنظر إلى ما تحققه لكل من المرأة والرجل والطفل من أسمى مظاهر الإنصاف والكرامة. وأشار الرميد، في كلمته التي ألقاها في الندوة الجهوية العاشرة للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة «قضاء الأسرة»، أول أمس السبت في سطات، إلى التدابير التي عزّزت المنظومة القضائية ودعمت حماية كل مكونات الأسرة، خاصة ما يتعلق بالتشريعات الوطنية واستكمال انخراط المغرب في منظومة حقوق الإنسان الدولية، وفاء لالتزاماته الدولية بعد المصادقة على البروتوكول الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وشدّد الرميد على المجهودات الكبرى التي بُذلت للعمل على تفعيل القوانين الناظمة للأسرة والنهوض بالقضاء الأسريّ عن طريق تسهيل الولوج إلى العدالة وضمان التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف عموما، وفي الوسط الأسريّ على وجه الخصوص، مذكرا في الوقت ذاته بالإضافة النوعية التي عزّزت مسار حقوق الأسرة، بمختلف مكوناتها، بعد إخراج القانون التنظيمي للمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، إلى جانب هيئة المناصفة. وأشار الرميد إلى أن الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة انطلق لمعالجة الإشكالات الكبرى التي تواجهها العدالة المغربية بتنظيم ندوات الحوار الجهوية والمتعلقة بالتنظيم القضائيّ والنجاعة القضائية وتسهيل الولوج إلى القانون والعدالة وتأهيل المهن القضائية والموارد البشرية وتخليق منظومة العدالة واستقلال السلطة القضائية وتأهيل قضاء الأسرة. وحول المستويات التي يجري وفقها الحوار الوطني، أضاف الرميد أن الحوار يسير على المستوى الداخلي على صعيد الهيئة العليا ولجنها الموضوعاتية، وعلى المستوى الجهوي الموسع يسير الحوار على صعيد هيئة الحوار الوطني بحضور ممثلي مختلف فعاليات المجتمع المدنيّ والهيئات المهنية، إلى جانب الاستعانة بالخبرات الأجنبية، والزيارات الميدانية للدوائر القضائية والمقترحات المكتوبة التي تقدمها الهيئات السياسية والنقابية والجمعوية. وأوضح الوزير أن الهيئة العليا للحوار تواصل اجتماعاتها المكثفة من أجل بلورة منهجية واضحة وفعالة لتجميع الخلاصات التي نتجت عن محطات الحوار في انتظار عقد المحطة الكبرى للحوار، المتمثلة في المناظرة الوطنية، التي ستضع مشروع الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة، الذي سيُرفع إلى الملك. فيما انصبّت باقي المداخلات حول المحاور الرئيسية للندوة، التي تناولت قضاء الأسرة وإشكالية الثقافة والحماية القانونية للحقوق التي يضمنها الدستور للأسرة، والقضايا الإشكالية في قانون الجنسية، والولوج إلى مرفق العدالة وتفعيل مدونة الأسرة والحماية الجنائية للأسرة. وتساءل المتدخلون عن إشكالية التعدد وعن أطفال الشوارع والتعويضات «الهزيلة» في النفقة وإشكالية الترخيص للزواج وإعطاء الإذن للقاصرين بتوثيق الزواج.. وطالب المتدخلون بإحداث عدالة الأحداث في قسم قضاء الأسرة وإصلاح مسطرة الشقاق ومسطرة الصلح ومسطرة الكفالة والتبني ومسطرة النفقة. وفي اختتامه الندوة، أشار الرميد إلى أن إشكالية سن الزواج تتطلب وقتا كافيا لمناقشتها، رغم أن المدونة حدّدت السن في 18 سنة، توافقا مع المواثيق الدولية وفي إطار أسباب معينة، إلا أن القضاة يقعون تحت ضغط المحيط، إذ يتم أحيانا الترخيص لزواج بنت 14 سنة لأنّ المجتمع بوعيه وثقافته لا يساير تحديد سن الزواج في 18 سنة، إذ تطرح مشاكل من قبيل الزواج دون توثيق العقد. ودعا الوزير إلى الاعتماد على الصلح والحسم في النزاعات بين أفراد الأسرة داخل المؤسسات الشعبية وبالطرق الشعبية، وأدان العنف ضد النساء واعتبره «جريمة»، متسائلا في الوقت نفسه عن وسائل الإثبات المحتكَم إليها ما بين القواعد العامة والوسائل الخاصة. في سياق ذي صلة، شارك المئات من كتاب الضبط، المنتمين إلى النقابة الديمقراطية للعدل، في وقفة احتجاجية موازاة مع الندوة التي نظمت في مقر ولاية جهة الشاوية ورديغة، احتجاجا على ما وصفوه ب»القمع المُمنهَج الذي تتعامل به الحكومة مع نضالات النقابة، خاصة بعد قرار منعها مسيرة الشغيلة السلمية في مدينة طنجة خلال الأسبوع الماضي، وفك المعتصم التضامني بالقوة». وشهد محيط الولاية إنزالا أمنيا قصد الحيلولة دون اقتحام المتظاهرين مقر الندوة. واستنكرت الشغيلة المحتجّة أسلوب الحكومة، الذي وصفته بالمهين لكرامة موظفي هيئة كتابة الضبط، وردّد المحتجون شعارات طالبوا من خلالها الجهات المسؤولة ب»فتح تحقيق وتحديد المسؤوليات وتمكينهم من الحق في صون كرامتهم، تفعيلا لمواد الدستور الضامنة لمساواة المواطنين». واعتبر المُحتجّون أن «ما وقع في طنجة من تدخل أمنيّ في حق تظاهرة سلمية حلقة جديدة في الانتهاك المستمر للحقوق والحريات النقابية في المغرب»، وجددت الشغيلة المحتجّة تأكيدها مطالبة الحكومة بالتراجع عن الاقتطاع من أجور المضربين.