سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
منشد: لهذه الأسباب استقلت من اللجنة الإدارية للاتحاد وهذه تفاصيل ما حدث في مؤتمر الحزب قال إن لشكر معروف بكرهه للأطر والكفاءات وتفضيله أصحاب النفوس الضعيفة
في هذه الرسالة التي بعثها الطيب منشد الى «المساء» والتي ننشرها في جزئين، يكشف أسباب استقالته من اللجنة الإدارية المنبثقة عن المؤتمر الوطني التاسع لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ويلقي بالضوء على كثير من الأحداث والتفاصيل التي رافقت انعقاد المؤتمر، وقرار الحزب عدم المشاركة في حكومة عبدالإله بنكيران وكيف استغلت عناصر تنتمي الى أحزاب سياسية أخرى علاقتها القوية ببعض الاتحاديين للدفع بهم للتصويت على ادريس لشكر دون بقية المرشحين. بظهور نتائج الدور الأول وتقارب المرشحين الأول والثاني في الأصوات (96 صوتا كفارق)، مما جعل عملية الدور الثاني مفتوحة على كل الاحتمالات، وبينما ارتفعت وتيرة الحملة استعدادا للحسم، تجمعت معطيات أخرى خارجية لدى الأخ الزايدي، تفيد باشتداد الضغط الخارجي لحسم النتيجة لصالح المرشح الآخر (ادريس لشكر)، مما جعل الأخ الزايدي وبعض الإخوان الآخرين يتخذون قرارا يقضي بتنظيم ندوة صحفية داخل المركز، بعد إخبار رئيس المؤتمر وإرسال برقية احتجاج لوزير الداخلية، والانسحاب من الدور الثاني. شخصيا، لم أكن حاضرا أثناء اتخاذ هذا القرار، حيث كنت متواجدا بمركز المؤتمر، فاستدعيت هاتفيا للالتحاق بمكان الاجتماع، وقد مارست ضغطا معنويا على الإخوان رغم قناعتي بوجهة نظرهم. غادرت مكان الاجتماع، وقد بقيت لدي الشكوك في أن الإخوان سينفذون موقفهم، خصوصا بعد توفرهم على العديد من المعطيات وإخبارهم رئيس المؤتمر، لذلك لجأت للأخ محمد اليازغي، الذي التقيته صدفة بمقر المؤتمر وطلبت منه الاتصال بالإخوان قصد تهنئتهم، حيث اتصل بهم فعلا. ومن حينها وأنا أعيش في حيرة، هل موقفي كان صائبا، أم إنني قد أخطأت في ثنيهم عن الإعلان عن معطيات هم متأكدون منها، إلى أن صدر التصريح الصحفي للأخ الزايدي في الموضوع. في ظل أجواء الاحتقان هذه، تم انتخاب الكاتب الأول الجديد، وبدأت الاستعدادات لانتخاب أعضاء وعضوات اللجنة الإدارية قبل تناول وجبة العشاء، حيث بدأ يتشكل طابور أمام مكتب التصويت، طال الانتظار بحجة استنساخ لائحة المرشحين والمرشحات جهويا ووطنيا حتى حوالي الساعة الواحدة صباحا، حيث تسربت أول نسخة من لائحة الترشيحات الوطنية، وكانت مملوءة بالأخطاء، من تكرار لنفس الأسماء وبأرقام مختلفة، إلى عدم وجود آخرين، وإقحام أسماء غير مؤتمرة في قائمة المرشحين. يضاف إلى ذلك غياب قوائم المرشحين على مستوى الجهات، مما جعل بعض مسؤولي الجهات يتصلون برئيس المؤتمر واضعين أمامه هذه المعطيات، متسائلين كيف يمكن التصويت في الجهات مع غياب اللوائح، وهو ما جعل رئاسة المؤتمر تقرر التأجيل ليحدد موعد للجولة الثانية للتصويت على أعضاء اللجنة الإدارية يومي 12 و13 يناير. الغريب في هذه الجولة الثانية، أنه تقرر دعوة المؤتمرين للتصويت فقط، بل إنه خلال اجتماع للمكتب السياسي كان هناك اقتراح لاستدعاء الجهات منفصلة للتصويت بمقر الحزب، هذا الاقتراح قاومه، حسب علمي، الأخ عبد الهادي خيرات، بحجة أنه غير قانوني، في حين كان من المفروض قانونيا أن يلتئم المؤتمر للمصادقة على أشغال لجنة التأهيل كما هي الأعراف في مؤتمرات الأحزاب والنقابات وجمعيات المجتمع المدني. قبل الشروع في عملية التصويت على أعضاء اللجنة الإدارية يوم السبت 12 يناير، لوحظ وجود العديد من اللوائح في كواليس المؤتمر، لوائح كبرى تضم ما يقارب ثلثي المرشحين والمرشحات، ولوائح صغرى تضم أربعة أو خمسة أسماء. وإذا كان المؤتمر في شوطه الأول يتشكل من معسكرين، فإن أصحاب اللوائح الصغرى خرقوا هذا المبدأ، حيث نجد أسماء تنتمي إلى هذا المعسكر الآخر في إطار تحالفات مرحلية للدعم والمساندة المتبادلة (هاك وأرى)، هذه العملية أربكت السيناريوهات المعدة سلفا. عملية التصويت شابتها بعض الخروقات، كضبط بعض الأشخاص وقد وضعوا داخل صندوق التصويت كمية من الأوراق الخاصة بجهتهم، وذلك أمام الملأ واحتجاج المراقبين. شخصيا، غادرت مركز المعمورة في الثانية زوالا من يوم السبت 12 يناير، ولم أعد إليه إلا يوم الأحد في الساعة الواحدة زوالا تحت تأثير الاتصالات الهاتفية المتعددة، حيث بلغت بما جرى أثناء عملية الفرز. مباشرة بعد وصولي، استمعت إلى العديد من الإفادات حول الفرز، وبتواتر المعطيات من عدة مصادر، علمت أن محاضر أنجزت ثم اختفت لتعوض بمحاضر جديدة، وأن أشخاصا أخبروا بطريقة أو أخرى أنهم فازوا ليقال لهم بأن ذلك خطأ، وأن فلانا اطلع على أصواته في جهة معينة ليعلم فيما بعد أن تلك الأصوات تقلصت، مما يؤكد صحة المعلومات المتواترة، إعادة الفرز في بعض الجهات، وذلك تحت الإلحاح، بالإضافة إلى وجود مرشحين ساهموا في عملية الفرز، وفي ذلك تعارض مع الأعراف الديمقراطية. وقد علمت في حينه أن رئاسة المؤتمر شكلت لجنة من عضوات المكتب السياسي السابق للقيام بمراجعة نتائج الفرز ببعض الجهات، حيث اعتبرت أن هذا الإجراء لن يكون سوى تأكيدا لنتائج غير حقيقية، واقترحت على الأخ رئيس المؤتمر تأجيل الإعلان عن النتائج ليومين، وأن يشكل فريقا خارج المعسكرين لإعادة افتحاص النتائج وتصحيح أوراق التصويت، على الأقل تلك التي لم يستعمل فيها الفارزون القلم. فيما بعد أخبرت من طرف الأخ الزايدي بأن رئيس المؤتمر أخبره بمقترحي وهو موافق عليه، ولحد كتابة هذه السطور لا أعلم لماذا لم يفعل هذا المقترح، الذي بدا لي أن رئيس المؤتمر قد وافق عليه من حيث المبدأ. وفي كل الأحوال، فإن المعطيات التي توفرت لدي، ومن مصادر مختلفة تنتمي إلى المعسكرين واكبت عملية الفرز، أفادت بوجود عدد كبير من الخروقات شابت عملية الفرز، وأن بعض الفارزين والفارزات تحولوا إلى مصوتين جدد غيروا النتائج رأسا على عقب. وعلى كل حال، فقد كفانا الأخ عبد الواحد الراضي رئيس المؤتمر، خلال أول اجتماع للجنة الإدارية ليوم السبت 19 يناير، حيث أكد أن عملية التصويت بمركز معمورة عرفت عمليات غش. وبشكل عام، فإن هذا المؤتمر شابته الكثير من الخروقات القانونية والتنظيمية يمكن إيجازها فيما يلي: • فهو المؤتمر الأول في تاريخ الاتحاد الذي لم يعرف التحضير له نقاشات في الفروع والأقاليم والجهات وعلى مستوى القطاعات، حول الأوراق المحضرة. • اللجنة التحضيرية التي اشتغلت على هذه الأوراق غابت عنها الفعاليات وأطر الحزب الذين يفرض القانون الداخلي تواجدهم بنسبة 10 %، باعتبارهم يشكلون قيمة مضافة، حيث تم الاستغناء عنهم بمبادرة من المكتب السياسي. •تركيبة المؤتمر، يشترط القانون الداخلي أن تضاف إليها 5% من الأطر والكفاءات كمؤتمرين و5% كمشاركين، وزعت هذه النسب على عضوات وأعضاء المكتب السياسي (3+3 لكل عضو)، وخلافا لمقتضيات القانون الداخلي والأعراف الحزبية، لم تعرض قائمة هؤلاء لا على اللجنة التحضيرية ولا على المجلس الوطني للمصادقة. وأتذكر بالمناسبة فترة التحضير للمؤتمر الوطني السادس، حيث شكلت اللجنة التحضيرية أولا من عضوات وأعضاء اللجنة المركزية، حيث شرعت اللجنة في التحضير للمؤتمر. ونظرا للخلافات التي كان يعيشها آنذاك المكتب السياسي، شكلت لجنة تمثل طرفي الصراع مكونة من الأخوين محمد جسوس وعبد المجيد بوزوبع للتوافق على قائمة 10% المكونة من الأطر والفعاليات، وعندما فشلت هذه اللجنة في عملها، اقترح الكاتب الأول آنذاك، الأخ عبد الرحمان اليوسفي، على الأخوين الأموي واليازغي أن يقدم كل منهما قائمة بعشرين فردا من الجنسين، ثم اجتمعت اللجنة المركزية للمصادقة على لائحة الأربعين وإعطائهم صفة أعضاء اللجنة التحضيرية. •تم الاتفاق خلال فترة التحضير على التصويت والفرز الآليين، وتم التعاقد مع إحدى الشركات للقيام بهذه العملية حرصا على سلامة ونزاهة العملية، وخصوصا أن بوادر التلاعب في الأصوات ظهرت في المؤتمر السابع ومورست ببشاعة خلال المؤتمر الثامن أثناء انتخاب المجلس الوطني والمكتب السياسي، وقد اتخذت جميع الترتيبات من أجل إنجاح عملية التصويت والفرز الآليين، ليتم التراجع عن ذلك في اللحظات الأخيرة قبيل انتخاب الكاتب الأول. • خلال هذا المؤتمر وجهت الدعوة إلى كل أطياف المشهد السياسي المغربي باستثناء الفدرالية الديمقراطية للشغل، الكنفدرالية الديمقراطية للشغل وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، علما أن أرضيات وكلمات المرشحين للكتابة الأولى تحدثت بقوة عن اهتمامهم بتقوية القطاع النقابي الاتحادي، وتجميع العائلة الاتحادية، فإبعاد التنظيمات الثلاثة له دلالاته العميقة والواضحة. • لأول مرة في تاريخ المؤتمرات الحزبية، أبعدت صور شهداء وقادة ورموز الاتحاد من منصة الخطابة وقاعات الاجتماعات، وهو مؤشر له دلالاته السياسية الفاضحة. و أشير هنا إلى أنني حضرت الجلسة الافتتاحية قبل المؤتمر ب15يوما، وكانت تزين المنصة صور كل من الفقيد عبد الرحيم بوعبيد والشهداء عمر بنجلون والمهدي بنبركة ومحمد كرينة، والفقيد محمد الفقيه البصري، والمؤسس شيخ الاسلام مولاي محمد بلعربي العلوي. • لأول مرة في تاريخ الحزب، كان عدد كبير من المؤتمرين خارج الجلسة العامة وخارج قاعات الاجتماعات، وهو ما يؤشر على اهتمامات المؤتمرين والمؤتمرات. • العديد من المؤتمرين والمؤتمرات لم يطئوا طوال أيام المؤتمر أرض المركز ولم يختلطوا بالمؤتمرين، فقط حضروا حين بداية التصويت. • صدور مذكرات تنظيمية موقعة باسم رئيس اللجنة التحضيرية، والحقيقة التي يعلمها جميع أعضاء اللجنة التحضيرية أنهم لم ينتخبوا أو يعينوا رئيسا لها. قد يقولون إن المكتب السياسي هو من عين الرئيس، وفي هذه الحالة سيكون العذر أكبر من الزلة، إذ كيف يمكن لجهاز تنفيذي أن يعين رئيسا لمؤسسة منبثقة عن الجهاز التقريري (المجلس الوطني) وفي غيابها، وذلك شبيه بأن يصبح رئيس اللجنة الإدارية (الحبيب المالكي) عضوا بالمكتب السياسي الحالي، خلافا للوثيقة التنظيمية المصادق عليها. • العديد من المؤتمرات والمؤتمرين المسجلة أسماؤهم في القوائم لم تعط لهم «شارات المؤتمر»، مما جعل بعضهم ينسحب غاضبا والبعض الآخر، وبعد أن أنهكه الانتظار والاتصالات بأعضاء الرئاسة وموظفي الإدارة، سمح لهم بالتصويت أخيرا تحت إشراف رئاسة المؤتمر. على كل حال، مر المؤتمر في الأجواء المذكورة سلفا، وبعد ذلك تمت دعوة اللجنة الإدارية للاجتماع قصد انتخاب أعضاء وعضوات المكتب السياسي. فقبل الحديث عن هذا الاجتماع، أذكر بموقفين: • الموقف الأول اتخذته المجموعة الداعمة للأخ الزايدي عندما اجتمعت يوم 27 يناير بالدارالبيضاء، حيث قررت بالإجماع عدم المشاركة في عملية انتخاب المكتب السياسي. •الموقف الثاني اتخذته مجموعة من مناضلي الدارالبيضاء والمساندين للأخ فتح الله ولعلو، خلال اجتماعهم يوم الجمعة 18 يناير، هو الآخر يقضي بعدم المشاركة في نفس العملية، مع ترشيح الأخ محمد كرم لرئاسة اللجنة الإدارية، ما لم يترشح الأخ عبد الهادي خيرات. خلال اجتماع اللجنة الإدارية ليوم السبت، أخبرت من طرف الإخوة محمد الزايدي، عبد العالي دومو وأحمد رضا الشامي بأن هناك ضغوطات معنوية تمارس عليهم للجلوس مع الكاتب الأول الجديد والتوافق قصد مشاركة جميع الأطراف في عضوية المكتب السياسي، وأن من بين الذين قاموا بهذه المساعي الحميدة الأخ عبد الواحد الراضي والأخ عبد الهادي خيرات، وآخرون من بينهم الأخ عبد الرحمان العزوزي، الذين تبين لي فيما بعد أنه كان بعيدا عن هذه التحركات، لأنه ملتزم بقرار مناضلي الدارالبيضاء. فعلا تمت جلسة بين الكاتب الأول الجديد والإخوة محمد الزايدي، أحمد رضا الشامي، محمد عامر وعبد العالي دومو، واقترح عليهم (ادريس لشكر) التزامه بضم ثمانية مناضلين (6 ذكور و2 إناث) للمكتب السياسي في إطار ضرورة تواجد كل الأطراف داخل المكتب السياسي خدمة لمصلحة الحزب، وحفاظا على وحدته. أخبرت هاتفيا بالقرار، وهنا أصرح أمام المناضلين والقراء بأنني كنت ضد هذه العملية لمعرفتي بطبيعة الكاتب الأول (ادريس لشكر)، وتأكدي من أنه لن يلتزم بما وعد به، لكنني تساءلت مع نفسي قائلا: ألا يمكن أن أكون في هذه المرة ظالما للشخص؟ ألا يمكن أن يغلب التطبع الطبع على خلاف القاعدة؟ تمنيت، خدمة للحزب وللوطن، أن يخيب ظني في الشخص هذه المرة، لكن وبظهور النتائج، غلب الطبع على التطبع، أكرر ما قاله عبد الهادي خيرات «إن الكاتب الأول فشل في أول امتحان اجتازه». الآن، أولا: هناك الاتحاد الاشتراكي الذي يقف على أبواب مرحلة جديدة. ثانيا: هناك مكتب سياسي جديد. ثالثا: هناك كاتب أول جديد للغرب. رابعا: هناك رأي عام اتحادي ينتظر. سأحاول في الختام أن أقف ولو بشكل مقتضب أمام العناوين الأربعة. • الاتحاد الاشتراكي: بعد انتخابات 2007، كان الاتجاه العام في البلاد يسير نحو الاقتداء بالنموذج التونسي والمصري في تأسيس حزب الدولة، هذا الحزب أريد له أن يكون كبيرا، وأن تتوفر له كل الإمكانيات المادية واللوجيستيكية والبشرية، وحتى يكون جذابا، كان عليه أيضا أن يضم فعاليات من كل الأحزاب، خصوصا الوطنية والديمقراطية منها، وعندما تأسست «حركة لكل الديمقراطيين»، قلت خلال نقاش داخل المكتب السياسي قبل المؤتمر الثامن، ونحن نناقش الظاهرة، قلت إن هذه الحركة هي مقدمة لمشروع حزب سيعلن عنه بعد نهاية المؤتمر الوطني الثامن للحزب، لاستقطاب الغاضبين من المؤتمر أو الذين قد يجدوا أنفسهم خارج أجهزته. لكن ما يسمى انتفاضة الربيع العربي (ولو أن هذه التسمية لا تروقني وإن كان لابد من إضافة كلمة الربيع فيجب تسميته بربيع الإخوان)، والذي أطاح برؤساء وبأحزاب الدولة بكل من تونس ومصر، ومع مجيء حركة 20 فبراير بالمغرب والحراك الذي عرفه الشارع المغربي، عدل المخطط وأصبح في تقديري التوجه يسير في اتجاه تشكيل أحزاب الدولة بدل حزب الدولة، أي كيف يمكن أن تصبح الدولة تؤثر في مصير كل الأحزاب من خلال التحكم في بعض قياداتها، سواء كانت في الأغلبية أو في المعارضة. • المكتب السياسي الجديد: أعرف جل أعضاء وعضوات المكتب السياسي، فالذكور منهم على سبيل المثال أعرفهم واحدا واحدا خلال العديد من المحطات النضالية التي عرفها الحزب باستثناء العضوين المنتميين إلى الصحراء، فلا أعرفهما معرفة مباشرة رغم زياراتي المتعددة للأقاليم المسترجعة (العيون، الداخلة، بوجدور)، إما في إطار حزبي أو نقابي، فبعض هؤلاء الإخوة أعطوا لهذا الحزب الشيء الكثير، وأن من بينهم من ولد في فراش أسرة اتحادية. ضحت بكل شيء من أجل الاتحاد والبلاد. كما أن هناك بعض المناضلات يشرفن الاتحاد، فهل سيكون في مقدور هذا البعض من الجنسين القدرة على الوقوف في وجه كل محاولات فصل الحزب عن تاريخه وتراثه ومحيطه؟. • الكاتب الأول الجديد (ادريس لشكر): قُرئ علي ما كتبه بعض الصحفيين، واستمعت لما قاله بعضهم من كون «الكاتب الأول للاتحاد رجل تنظيم بامتياز، لذلك حسم المعركة لصالحه»، وهو قول يجافي الحقيقة كما يعرفها الاتحاديون والاتحاديات، فالسي إدريس (لشكر) خلال حياته الحزبية الطويلة ما كان يوما رجل تنظيم، لكنه يمتاز بخاصية التقرب «ولبس» رجالات التنظيم، فعندما كان عضوا بالمكتب الوطني للشبيبة الاتحادية كان كل من مالك الجداوي وعبد الهادي خيرات رجلي التنظيم داخل الشبيبة في تلك المرحلة، كان إدريس لشكر يتقرب منهما. في منتصف الثمانينات، انتخب الأخ احمد الريح كاتبا إقليميا بالرباط، حيث كان على صلة دائمة بمسؤولي القطاعات والفروع الحزبية، وبكل أطر وفعاليات الحزب بالمنطقة، فكان إدريس لا يكاد يفارقه. وبوصول السي إدريس إلى المكتب السياسي بعد المؤتمر السادس للحزب، أصبح لا يفارق الأخ محمد اليازغي كظله، باعتبار هذا الأخير أحد رجالات التنظيم الحزبي في تلك المرحلة. ما هو معروف على الكاتب الأول الجديد (ادريس لشكر) كرهه للتنظيم وشغفه بالحلقية، وهو ما تجلى في إضعاف الشبيبة الاتحادية عندما كان مسؤولا عنها باعتباره عضوا بالمكتب السياسي، وما فعله من تلاعبات في المؤتمر الأخير للقطاع النسائي الاتحادي لازالت آثاره قائمة إلى اليوم، ومحاولته شق الفدرالية الديمقراطية للشغل لولا تضافر جهود المناضلين والجهد الذي بذله الكاتب الأول السابق (عبد الواحد الراضي) وبعض أعضاء المكتب السياسي، وما قام به داخل بعض الجهات الحزبية، بالإضافة إلى كرهه المعروف للأطر والكفاءات، وتفضيله لأصحاب النفوس الضعيفة. فهل يغلب التطبع الطبع هذه المرة؟ أرجو ذلك. وهنا أتذكر ما قاله لي الأخ لشكر حين زارني لإخباري بترشيحه قد انتقدت سلوك الحلقية في طبعه فصرح لي قائلا: لو فزت بالكتابة الأولى سترى أن أول ضحاياي سيكون محيطي. • الاتحاديات والاتحاديون يعيشون قلقا مما عاشه الحزب في أفق التحضير للمؤتمر وما مورس داخل المؤتمر ذكرهم بما عاشوه في مواجهة الجهاز الإداري من تزوير لإرادة الناخبين في السبعينات والثمانينات والتسعينات، ويتساءلون عن مصير حزب القوات الشعبية، وعن المآل الذي وضعته فيه نتائج المؤتمر التاسع. في تقديري، هناك سيناريوهان، الأول يسير في اتجاه دمج بعض فصائل G8 أو على الأقل أحد فصائلها في الاتحاد الاشتراكي خلال الأيام أو الأسابيع القليلة القادمة، في محاولة لامتصاص القلق الاتحادي وإظهار القيادة الجديدة بمظهر الحريص على تجميع العائلة الاتحادية واليسار، علما أن ردود فعل مناضلي الحزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي كانت خيبة أملهم في نتائج المؤتمر، لا تقل عن خيبة أمل الاتحاديات والاتحاديين عموما. السيناريو الثاني يرتبط بالانتخابات المقبلة الجماعية والجهوية، حيث سيدعم الاتحاد بالعديد من العناصر التي مارست الانتخابات بقذارة من خلال عدة أحزاب، وقد شرع في تنفيذ هذا السيناريو بإدخال عدد كبير من هذه العينات إلى الحزب بمدينة الرباط، حيث خصص لهم استقبال كبير، بعد أن دعموا الحزب في الانتخابات التشريعية بدائرة اليوسفية ليوم 25 نونبر 2011، وذلك كله لإظهار أن الحزب بدأ يتحسن وضعه الانتخابي وتموقعه الجماهيري. والسؤال المطروح هو كيف سيواجه الاتحاديون والاتحاديات هذا الوضع لإنقاذ حزبهم مما قد يكون محضرا له؟ تعلمت في مدرسة الاتحاد خلال مسارها الطويل، بنجاحاتها وإخفاقاتها، أن الاتحاديين والاتحاديات عندما يوحدون صفوفهم ويجمعون أمرهم ويحددون هدفهم، يستطيعون مواجهة كل التحديات مهما تعددت وعظمت، تلك هي مدرسة الرواد الذين قضوا وهم يدافعون عن الوطن والمواطنين في العيش الكريم والعدالة الاجتماعية.