حصلت «المساء» على الأرضية التأسيسية، التي من المفترض أن يضعها أكثر من 400 سلفي في السجون المغربية بعد يومين بيد وزير الداخلية امحند العنصر ووزير العدل والحريات مصطفى الرميد، «لإعلان توبتهم واستعدادهم التراجع عن أفكارهم السابقة والتحاور مع الدولة بدون شروط مسبقة ونبذ التطرف والغلو والقبول بكل التيارات في المجتمع المغربي». وفي الأرضية التأسيسية المؤطرة لهيئة أسماها السلفيون «هيئة المراجعة والمصالحة داخل السجون المغربية»، يؤكد المعتقلون الإسلاميون أنهم يرحبون بجميع أطياف التيار السلفي «الذين راجعوا أفكارهم المتطرفة الداعية إلى العنف كأسلوب لتغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية». ويعتبر الموقعون على البيان التأسيسي أنهم «متشبعون بقناعتهم المنفتحة على المجتمع والمعترفة بالنظام الملكي المغربي والإسلام على الطريقة المغربية بدون غلو ولا تطرف». وأعلن المعتقلون الإسلاميون أنهم راجعوا أفكارهم وانتهوا إلى التوبة من الأخطاء السابقة. وفي رسالة ينون بعثها إلى وزارة الداخلية المغربية، أكدوا على أنهم يدخلون أفواجا في تنظيم جديد وأنهم «يتوبون بدون تقية أو إكراه». وتعتبر هذه أول مرة يتم فيها تأسيس إطار بهذا الحجم في السجون المغربية، يهدف إلى تشكيل تنظيم يضم سلفيي السجون المغربية من أجل وضع مبادرة المصالحة بيد الدولة، وتجاوز العقبة التي كانت تعترض الحوار بين الدولة والسلفية الجهادية، والتي لخصها عبد القادر بلعيرج، المعتقل الإسلامي المحكوم بالمؤبد بتهم الإرهاب والجريمة المنظمة، ل»المساء»، «في تحجج الدولة بغياب المحاور الرئيسي في قضية المعتقلين الإسلاميين». ويعتبر حسن الخطاب، المتهم بتزعم خلية «أنصار المهدي» والمحكوم عليه ب30 سجنا نافذا، القائد الفعلي ل»لجنة الوطنية للمراجعة والمصالحة بالسجون المغربية». وقد اعترف ل»المساء» بأنه ارتكب أخطاء منهجية في قراءة النصوص الدينية، وهو اليوم يعلن عن توبته من التكفير الذي سبق أن ألصقه بالنظام المغربي، وأحيانا بالمجتمع ككل. ويضيف «كان لنا طابع ثوري في تفكيرنا وأردنا التغيير بالعنف، غير أنه منذ قدوم الربيع العربي ونحن نؤكد على استحالة الحديث عن العنف كطريقة للتغيير». ويدعو الخطاب، الذي اعتبرته السلطات المغربية بُعيد اعتقاله من أكبر المتشددين المغاربة والمكفّرين للنظام، إلى «إعادة قراءة القرآن والسنة وتجاوز القراءة الحرفية للنص الديني». ما يصدر عن حسن الخطاب وبلعيرج يتبناه عدد كبير من المعتقلين الإسلاميين (السلفيين)، أي التيار الواسع الذي انخرط في مسلسل «المراجعات»، بخلاف تيار يرفض الحديث عن «المراجعات»، ويعتبر أنه غير معني بها بتاتا، ولو أنه يُجسد أقلية في الواقع، وهم من يُسمى في المغرب ب»أمراء الدم»، بسبب تورطهم في قضايا القتل، ورفضهم أي حوار مع الآخر. وينفي عبد الرزاق سوماح، أمير «حركة المجاهدين بالمغرب»، أن تكون المبادرة التي أطلقوها مجرد تقية تفرضها ظروفهم في السجون. وقال ل»المساء»: «عندما كنا شبابا يافعين أردنا قلب النظام بالعنف وتغيير المجتمع حسب طريقة فهمنا للنص، لكن سرعان ما اصطدمنا بالحائط»، معتبرا أن المراجعات الفكرية التي يقودونها في السجون «وليدة 30 عاما من التفكير، مما يعني أنها ناتج قناعة راسخة». واعترف سوماح بأنه ارتكب أخطاء كثيرة، وهو اليوم يجهر بمراجعاته بدون خوف، مشيرا إلى أن «السلفيين وصلوا إلى نضج فكري غير مسبوق عندما فطنوا إلى أن مكانهم الطبيعي هو المشاركة في السياسة والتصالح مع السلطات تماما كما حدث للتيارات الإخوانية».