- لماذا برأيك ازدهر فن الغرافيتي مع الربيع العربي؟ وهل للأمر علاقة بطبيعة هذا الفن الذي خرج من الهامش ليعبر عن أحلام الناس؟ علاقة الغرافيتي بالثورات وطيدة، ولذلك حين لاحت أولى تباشير الربيع العربي وجدنا هذا الفن في المقدمة، قريبا من الناس ويتصدر الواجهة في المظاهرات والمسيرات، وفي المعتصمات في عواصم الربيع العربي. وأكاد أقول، من موقع الباحث والمتابع لحركة نشوء وتطور هذا الفن في العالم العربي، إن الفن الغرافيتي هو لسان الثورات العربية، حيث نجد الصورة والأيقونات على الجدران وعلى الأرض وعلى مداخل الخيمات المضروبة في ميدان التحرير في مصر، حيث يمكن القول حيثما تولوا وجوهكم فثمة الغرافيتي. بل إن الظاهرة امتدت إلى الرسوم وإلى التشكيل، حيث تحولت الشوارع المحاذية لميدان التحرير إلى معرض مفتوح لبورتريهات الثوار الذين استشهدوا أو الذين أُعطبت أعينهم، فضلاً عن اللوحات التشكيلية التي تدخل في باب الفن الغرافيتي. كذلك في المغرب، كانت هناك شعارات كتبت على الجدران في المدن المغربية وما زالت تكتب، ففي مدينة الدارالبيضاء استنفرت بعض الكتابات الشرطة، خاصة بعض الشعارات التي تدعو إلى الجهاد. شعارات أخرى كتبت على جدران مدن مغربية أخرى واكبت الربيع المغربي انطلاقا من بداية حركة 20 فبراير، مروراً بحملة مقاطعة الدستور، حيث انتشرت كتابات غرافيتية تدعو إلى مقاطعة التصويت على الدستور، الذي لم يستجب في رأي كاتبيها إلى تطلعات جزء كبير من المغاربة. فالغرافيتي لسان الشعوب، حيث نلاحظ أن الكل كان يشارك في هذه الثورات، وكان يحمل شعاره الخاص ولافتته الخاصة، وتحول الوجه والصدر وبقية أعضاء الجسم إلى جدران للكتابة ولرسم الأيقونات والرموز، بل امتدت الرسوم إلى الفطائر اليمنية، حيث كتبت نساء الثورة اليمنيات على الفطائر كلمة «ارحل» لعلي عبدالله صالح. وتطورت الأمور لتتحول الجدران الافتراضية على الفيسبوك إلى حوامل للفن الغرافيتي، وبدأنا نقرأ شعارات وخطابات مستمدة من المنطق الغرافيتي. هذا المنطق، الذي يعتمد على اللغة المحلية، همه الاستراتيجي هو التواصل والشجب والتعبئة ودفع الناس إلى الانتقال من الافتراضي إلى الحركة، ثم إلى المسيرة، ومن ثم إلى الثورة . - ما أوجه العلاقة بين الغرافيتي والكتابة؟ تأسيساً على علاقة الغرافيتي بحد الكتابة، ينطرح إشكال إبستمولوجي يتعلق بمفاهيم الكتابة/ الغرافيتية وملامحها الابستمولوجية، وهل تحديد هذه المفاهيم ومناقشتها يؤسس للملامح الأولى لنظرية الغرافيتي؟ إذا كانت الكتابة شرعية تعني أو تشير في جانب من جوانبها إلى غياب مؤلف أو توقيع اسمي، فهل هذا الغياب شامل ومطلق في الغرافيتي؟ ألم يوقع ريستيف دولابروتون سيرته الغرافيتية ووسمها بعنوان «تسجيلاتي أو كتاباتي». أكثر من ذلك ألم توقع أعمال غرافيتية بأسماء مستعارة سرعان ما انكشفت حقيقتها؟ وأكثر من هذا وذلك ألم نشر إلى أن «التأليف» الغرافيتي يتماثل مع التأليف الكتابي، ما بين غرافيتيا موقعة بشكل فردي، وغرافيتيا موقعة بشكل ثنائي، وثالثة موقعة بشكل جماعي؟