فوض الرئيس المصري محمد مرسي محافظي محافظات قناة السويس في أمر حظر التجول، واختصر رحلته الأوروبية بسبب الاحتجاجات التي دفعت الجيش إلى التحذير من الدخول على خط الأزمة، محذرا من «عواقب وخيمة قد تؤدي إلى انهيار الدولة». وأصدر مرسي قرارا جمهوريا، منتصف ليل الثلاثاء/الأربعاء، بتفويض محافظي بورسعيد والسويس والإسماعيلية (محافظات القناة) في أمر تخفيف حظر التجول أو إلغائه، «حسبما تستدعي الحالة الأمنية في نطاق هذه المحافظات». وكان مرسي قد قرر فرض حظر التجول في تلك المحافظات، التي تقع على قناة السويس، وانتشر فيها العنف بالتزامن مع الذكرى الثانية لثورة 25 يناير والنطق بالحكم في قضية «مجزرة بورسعيد». وتحدى الأهالي قرارات مرسي مع تنظيم مسيرات ليلية شارك فيها الآلاف من سكان تلك المحافظات، واستمرت إلى ما بعد منتصف الليل، رددوا خلالها شعارات تطالب برحيل الرئيس المصري. وكانت حالة من الهدوء قد سادت كل مدن محافظة السويس، بعد استكمال الوحدات التابعة للجيش انتشارها لتأمين المنشآت الحيوية في المحافظة. في حين استمرت حالة الغضب بين بعض أنصار المعارضة إزاء قرار فرض حالة الطوارئ وحظر التجوال في مدن القناة. وكانت الرئاسة قد ذكرت أول أمس أن الرئيس سيقرر في جلسة الحوار الوطني الثانية، الأسبوع المقبل، ما إذا كان سيقلص حالة الطوارئ التي فرضها أو يلغيها وفقا للتقارير الأمنية التي ترده من القيادات ومسؤولي الأمن. وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس المصري أرجأ الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها إلى فرنسا غدا الجمعة، حيث كان من المقرر أن يجتمع مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ويبحث معه خصوصا التدخل العسكري الفرنسي في مالي، الذي اعترض عليه مرسي. ويأتي الإعلان عن اختصار زيارة ألمانيا وتأجيل زيارة فرنسا عقب تحذير من القائد العام للجيش المصري، عبد الفتاح السيسي، من أن الدولة «على شفا الانهيار»، بينما دعت «جبهة الإنقاذ الوطني» -الائتلاف الرئيسي للمعارضة المصرية- إلى التظاهر يوم غد الجمعة في كل أنحاء البلاد بعد أحداث العنف التي شهدتها البلاد في الأيام الأخيرة الماضية. وأكد وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي أن «استمرار صراع القوى السياسية واختلافها حول إدارة شؤون البلاد قد يؤدي إلى انهيار الدولة»، وأضاف أن حماية قناة السويس أحد الأسباب الرئيسية لانتشار قوات الجيش في مدن القناة. وقال القائد العام للقوات المسلحة المصرية إن التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تواجه مصر حاليا تشكل تهديدا حقيقيا لأمن البلاد وتماسك الدولة. وأضاف، أثناء لقائه بطلاب الكلية الحربية، أن محاولة التأثير على استقرار مؤسسات الدولة أمر خطير يضر بالأمن القومي. كما أشار السيسي إلى أن نزول الجيش في بورسعيد والسويس يهدف إلى حماية الأهداف الحيوية والاستراتيجية للوطن، وعلى رأسها مرفق قناة السويس المهم الذي لن يسمح بالمساس به، حسب تعبيره. من جهته، قال قائد الجيش الثاني الميداني اللواء أركان حرب أحمد وصفي، في مقابلة مع الجزيرة: «إن القوات المسلحة المصرية على قلب رجل واحد، وهي الأداة الرئيسية لحفظ الاستقرار في مصر وإنها حريصة على مصلحة المصريين جميعا على اختلاف فئاتهم». وتوقع اللواء وصفي، الذي تنتشر القوات التي يقودها في بورسعيد، عودة الاستقرار إلى المدينة، بل ومصر كلها خلال أيام قليلة جدا، وأشاد بتعاون أهالي بورسعيد مع هذه القوات. في الأثناء، وقعت مناوشات محدودة أول أمس بين المتظاهرين وعناصر الأمن قرب ميدان التحرير بالقاهرة، حيث رشق المتظاهرون بالحجارة جنود الأمن المركزي الذين ردوا بإطلاق الغاز المدمع. من جهة أخرى، أعلن النائب العام طلعت عبد الله أنه قرر ملاحقة أعضاء مجموعة تطلق على نفسها «البلاك بلوك» باعتبارها «إرهابية»، بعد أن ظهر بعض أعضائها ملثمين يرتدون قمصانا في الاشتباكات مع الشرطة في الأيام الأخيرة قرب ميدان التحرير في القاهرة وبعض المحافظات الأخرى. وقال عبد الله في بيان إن «تحقيقات النيابة العامة في البلاغات المقدمة ضد جماعة «البلاك بلوك» كشفت عن أنها جماعة منظمة تمارس أعمالا إرهابية يندرج تشكيلها وعناصرها ومن ينضمون إليها من عناصر تحت طائلة العقاب وسوف يطبق عليها قانون العقوبات لارتكابهم أعمالا تخريبية وإتلافا وترويعا للآمنين واعتداء على الأشخاص والممتلكات». كما أعلنت وزارة الداخلية أول أمس القبض على 15 شخصا يشتبه في مشاركتهم في الصدامات التي سقط فيها 40 قتيلا واندلعت إثر صدور أحكام بالإعدام على 21 متهما في قضية «مذبحة بورسعيد»، التي قتل فيها العام الماضي 74 شخصا معظمهم من مشجعي النادي الأهلي إثر مباراة مع الفريق المصري البورسعيدي.