سألت قيدوم المعلقين الإذاعيين عبد الفتاح الحراق، الذي يخوض آخر نهائيات كأس إفريقيا في مشواره المهني، قبل أن يرتمي في غياهب المغادرة الطوعية: -لماذا لا تنقل أطوار مباريات المنتخب المغربي في لاكان؟ قال عبد الفتاح بنبرة جادة: -نقل مباراة لم تشتر الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة حقوقها أشبه بسرقة موصوفة. جلس إلى جانبي حكيم تميم صحفي بإذاعة البحر الأبيض المتوسط، في أغلب مباريات المنتخب، وكان منشغلا مثلي بتتبع أطوار المواجهات وإحصاء البطاقات الصفراء، وبين الفينة والأخرى يضرب كفا بكف كأيها الناس واضعا لوازم الشغل السمعي جانبا، انتفض في داخلي فضولي الصحفي وسألته عن سر عطالته، وكيف يأتي إلى دوربان دون أن ينقل على أثير الإذاعة وقائع المباريات. -لا يمكن أن أجازف وإذاعتنا لم تشتر حقوق النقل الإذاعي. لم تنقل إذاعة البحر الأبيض المتوسط مباريات المنتخب، وفوضت الأمر لإذاعة محلية تسمى أمواج المحيط الهندي التي تتلاطم بالقرب من ملعب موزيس مابيدا الذي يفترش الرمال. بعد أن امتنع الزميلان عن الكلام، ورفضا اللجوء للوصف الإذاعي ب«الكونتربوند». في الطريق إلى الملعب وجهت نفس السؤال لعميد المعلقين التلفزيونيين سعيد زدوق، الذي انتقل من ضفة الإعلام المرئي إلى المسموع، فالتفت إلي غاضبا وهو يستوي في جلسته: -أنا محترف ولا يمكنني أن أقوم بوصف مباراة وأنا أعلم مسبقا أنني أتطاول على حق غيري. في ملعب سوكر سيتي بجوهانيسبورغ أو ملعب موزيس مابيدا بديربان، كان عادل العمري موفد راديو مارس يصر على نقل أطوار المباريات، متحملا لعبة القط والفأر مع مراقبي سبور فايف التي تبيع وتشتري في سلعة الكان، بأثمان لا تراعي القدرة الشرائية لكل بلد. ينسل عادل وسط الجماهير المغربية، يتحمل الصخب ويشرع في وصف المباريات، دون أن يحمل هما لعيون المراقبين. قرأ زميلي عادل السؤال في عيني، وقال: - نجيك كود، هاد الشي ديال الحقوق راه ضد حقوق الناس، المستمع المغربي له الحق في الاستماع إلى وصف حي لمباراة منتخب بلاده بلغة تراعي رغباته، ولأنني أومن بمبدأ «زعم تاكل اللحم» فأنا أصر على نقل المباريات هاتفيا وذلك أضعف الإيمان. الجمهور المغربي استأنس بصوت العمري، فهو يقربه من التشكيلة قبل ظهور اللاعبين على رقعة الملعب، ويعرفهم بلاعبين تغيب ملامحهم من كثرة جلوسهم على كرسي البدلاء، وبين الفينة والأخرى يمنحهم فرصة إرسال تحية عبر الأثير إلى الأهل والأحباب. طالبت سبور فايف بمبلغ 400 ألف دولار لبيع حقوق النقل الإذاعي لمباريات المنتخب المغربي في «الكان»، لكن شركة لعرايشي قالت: «آخ العافية هاذي» واكتفت بشراء حقوق النقل التلفزي، بينما رفضت سبور فايف تقليص السعر، رغم أن العقل المدبر لها مغربي اسمه ادريس عكي، والذي يؤمن بالبيزنيس ولا شيء سواه. -كم عدد الإذاعات المغربية التي تخصص حيزا من برامجها للرياضة؟ -طيب الوطنية والأمازيغية والدولية وميدي1 وإذاعة دوزيم، وشدى إف إم، وكازا إف إم، وأصوات، وراديو مدينا، وهيت راديو، وكاب راديو، وراديو أطلتنيك، وراديو لوكس، وميد راديو، وراديو مارس. -كل هذه الباقة من المحطات الإذاعية ألا تستطيع أن تؤدي مناصفة فيما بينها مبلغ 400 ألف دولار، وتتحف مستمعيها بتغطية مشتركة، كي لا تجد في غياب الحقوق مبررا للصمت وتجد في الصمت حكمة.