أفادت مصادر موثوقة «المساء» أن تعزيزات أمنية كبيرة اتجهت صباح أمس نحو مدينة الحسيمة، بعد أن كان الهدوء قد عاد الى منطقة بني جْميل في المدينة ذاتها، إثر أعمال التخريب التي طالت مقر القيادة والجماعة، عقب قيام «برّاح»، في السوق الأسبوعي الذي يقام كل سبت، بإعلان قرار السلطات حظر زراعة الكيف، وهو الإعلان الذي أثار غضب عدد من ساكنة المنطقة، الذين قاموا بضرب «البرّاح»، قبل أن يقرروا الردّ بقوة من خلال الهجوم على عدد من المقرات الرسمية.. وكشفت مصادر من المنطقة أن الاحتجاج، الذي شارك فيه حوالي 1400 شخص، «أطّره» عدد من الأطر العليا المعطلة والمجازين العاطلين، إضافة إلى عشرات المهاجرين المغاربة في إسبانيا ممن أجبرتهم الأزمة على العودة. وأضافت المصادر ذاتها أن الوضع في المنطقة ما زال متوترا، بعد أن عمدت السلطات إلى إرسال مزيد من التعزيزات الأمنية، علما أن العناصر محدودة العدد التي أرسِلت من أجل احتواء الوضع بعد قطع الطريق الساحلية لم تستطع التدخل أمام العدد الكبير للمحتجّين. وكان المحتجون قد لجؤوا إلى قطع الطريق الساحلية الرابطة بين تطوانوالحسيمة من خلال وضع الحجارة والصخور، ما أدى إلى «شلّ» حركة المرور، في الوقت الذي قام المئات منهم بمحاصرة مقر القيادة، مطالبين القائد باستفسارات حول حقيقة حظر زراعة الكيف.. وأمام عدم تواجد هذا الأخير في المقر تم اقتحامه وتخريبه، ليتكرر الأمر نفسُه مع مقر الجماعة، التي تم اقتحامهما وإلحاق أضرار بعدد من تجهيزاتها. وعقب هده الأحداث، أعلِنت حالة استنفار لدى الأجهزة الأمنية، في الوقت الذي انتقل مسؤولون في السلطة، من بينهم الوالي، إلى عين المكان، حيث عملوا على فتح حوار قاد إلى «هدنة» في انتظار اتضاح مدى جدية قرار حظر زراعة الكيف بفي المنطقة، علما أن المصالح الأمنية لم تباشر أيَّ اعتقال إلى حد الآن. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الدافع الأساسيّ للاحتجاجات هو الطريقة المستفزة التي تم بها التعامل مع المحتجّين من قِبل مسؤول في الدرك، بعد أن وصفهم بعبارات قادحة، مثل «المجرمين» و»ذوي السوابق»، وهو الأمر الذي أكده نور الدين مضيان، النائب البرلمانيّ الاستقلالي عن المنقطة، والذي أكد أن توقيت إعلان حظر زراعة الكيف كان مستفزا بالنظر إلى «الركود الاقتصاديّ والاجتماعي غير المسبوق الذي تعيشه ليس منطقة بني جْميل فقط، وإنما تارجكيست وكتامة وبني بوفراح وغيرها»، وقال إن جل السكان يعيشون من مورد وحيد هو الكيف وإن «بعضهم لا يملكون مالا لشراء كيلو من السردين».. وإنّ المطلوب هو «بدائل حقيقية وواقعية وليس قطع الأرزاق، الذي قد يقود إلى فتنة». وأضاف مضيان أنه سبق تنبيه الولاية إلى أن الوضع يتجه نحو مزيد من الاحتقان والتوتر بعد تكريس المقاربة الأمنية، من خلال تصعيد عمليات المداهمة والمراقبة من قِبل الدرك والسلطات المحلية، وهو ما قاد إلى حادث تبادل إطلاق النار قبل أربعة أيام في منطقة مولاي الشريف بين الدرك وأحد المواطنين، الذي لقيّ تعاطفا من قبل سكان الدوار الذي ينتمي إليه. من جهتها، لمّحت السلطات المحلية في إقليمالحسيمة إلى أن هذه الأحداث قد تكون لها خلفيات انتخابية، بعد أن أكدت -حسب ما نشرته وكالة المغرب العربي للإنباء- أنها «لا تستبعد وقوف بعض الجهات٬ لأسباب انتخابوية، وراء تأليب المواطنين ضد الحملات المنظمة حاليا للحد من الاعتداء على المِلك الغابويّ وضد زراعة القنب الهندي في المنطقة»، دون أن تحدد هذه الجهة، مؤكدة في الوقت نفسه أن مصالح الدرك الملكي فتحت تحقيقت تحت إشراف النيابة العامة للتعرف على مرتكبي هذه الأعمال ومن يقف وراءهم. وأشارت السلطات المحلية إلى أن شرارة هذه الأحداث انطلقت إثر قيام مجموعة من الأشخاص بتحريض مرتادي السوق الأسبوعي على الرد على الحملات التحسيسية التي تقوم بها السلطات العمومية حاليا من أجل الحد من الترامي والاعتداء على الملك الغابوي وضد زراعة القنب الهندي في المنطقة. وردا على ذلك، اعتبر مضيان أن محاولة مسح الأحداث في «جهات لها أهداف انتخابية» هو تهرّب واضح من المسؤولية، وقال إن «نزع فتيل ما وقع في المنطقة تم بتدخّل شخصيّ منه، إضافة إلى تدخل نائب برلمانيّ من حزب الحركة الشعبية»، وأضاف أن الحديث عن استغلال انتخابيّ هو استهداف مباشر لحزب الاستقلال، بحكم أن المنطقة تعدّ قلعة انتخابية للحزب، مطالبا الجهات الرسمية ب»إيجاد حلول وبدائل حقيقة للسكان عوض الاكتفاء بالمقاربة الأمنية».