يبدو أن رياح الفساد بدأت تهب على الأكاديمية السويدية التي تمنح جوائز نوبل كل سنة، مكافأة للعلماء على أبحاثهم العلمية. فثمة أخبار تروج في الصحافة الأوربية تتحدث عن احتمال وجود اتصالات مشبوهة بين بعض أعضاء لجنة نوبل وبعض المؤسسات المنتجة للأدوية، وعن احتمال تورط بعض المسؤولين في علاقات مشبوهة مع الصينيين. فقد أوردت صحيفة لوموند أن القضاء السويدي، ممثلا في وحدة محاربة الفساد، فتح تحقيقا تمهيديا في شأن البحث في حيثيات ودوافع رحلتين قام بهما إلى الصين ممثلون للجنة نوبل، دون الكشف عن هوياتهم. وتعود الرحلة الأولى، حسب لوموند، إلى شهر مارس 2006، والثانية إلى يناير؛ وقد استغرقت هذه الأخيرة أسبوعا كاملا والمعني فيها هو سفين ليدين، العضو في لجنة نوبل للكيمياء، وبريي جوهانسون عن لجنة نوبل للفيزياء، فضلا عن أعضاء آخرين، إذ يبلغ عدد الأعضاء الذين قد يشملهم التحقيق خمسة. وكشفت التحريات السويدية أن مصاريف السفر إلى الصين تحملتها السلطات الصينية بالكامل وأن الهدف الرسمي من الرحلتين كان هو إخبار المسؤولين الصينيين حول الطريقة التي يتم بها اختيار المرشحين لجوائز نوبل والمعايير المعتمدة في منح الجوائز. وصرح وكيل وحدة مكافحة الفساد، نيلس إريك شولتز، بأنه سيبحث في القيمة الحقيقية لتكاليف رحلتي أعضاء لجن نوبل إلى الصين، وحول هويات المشاركين فيهما ووظائفهم داخل لجن التحكيم. كما يسير التحقيق في اتجاه الكشف عن الأسباب التي دفعت السلطات الصينية إلى توجيه الدعوة إلى المسؤولين السويديين في جائزة نوبل بزيارة الصين. ويبقى السؤال الأساسي، تقول لوموند، الذي يجب أن يجيب عنه القضاء السويدي هو معرفة ما إذا كان هذا النوع من الممارسات يرمي إلى الضغط في اتجاه تفضيل منح جوائز نوبل للمرشحين الصينيين أم لا. والشق الثاني في القضية يتعلق بقرار الوكيل السويدي التحقيق في طبيعة مختلف العلاقات التي توجد بين المجموعة الصيدلية الأنغلو سويدية «أسترا زنيكا» ومقاولتين أخريين لهما علاقة متينة بمؤسسة نوبل. ويركز الوكيل، كذلك، على معرفة ما إذا كانت هذه العلاقة أثرت على قرار منح إحدى جوائز نوبل، لسنة 2008، في الطب للألماني هارالد زور هاوسن. في هذا السياق، ذكرت لوموند أن الإذاعة السويدية «سفيرين راديو» أوردت أن رئيس لجنة نوبل بيرتيل فريدهولم، المسؤول عن منح جوائز نوبل في الطب، سبق له أن اشتغل مرتين في المجموعة الصيدلية «أسترا زنيكا» كمستشار. كما أن عضوا آخر من نفس اللجنة، بو أنجلان، يشغل في نفس الوقت منصب كرسي في مجلس إدارة المجموعة منذ سنة 2007. من جهة أخرى، أوردت لوموند أن المختبر الصيدلي التابع للمجموعة المذكورة يرعى هيئتين اثنتين من مؤسسة نوبل، وهما: نوبل ميديا AB ونوبل ويب AB. ويذكر أن جائزة نوبل للآداب لسنة 2008، التي فاز بها الفرنسي لو كليزيو سبقتها وتلتها إشاعات تقول إن أخبارا تسربت من مؤسسة نوبل قبل إعلان الجوائز، وأن قرار منح الجائزة قد يكون تأثر بالعدد الكبير من أصوات الفرنسيين الذين دعموا مرشحهم.