في تطور لافت، وبعد رسالة «سرية» لعامل الإقليم، موجهة إلى قاضي التحقيق باستئنافية فاس، تقرر اعتقال متابعين في ملف ما أصبح يعرف ب «مافيا العقار» بمدينة ميسور يوم الجمعة المنصرم، بتهم تتعلق بالتزوير في محاضر رسمية واستعمال وثائق مزورة. وأحيل المعتقلان على خلفية الملف إلى السجن المحلي عين قادوس، فيما تقرر متابعة عدد آخرين الأسماء الواردة في القضية في حالة سراح. وقالت مصادر من قبيلة «أهل إكلي»، وهي من أكبر الجماعات السلالية التي خرجت في اعتصامات كبيرة واحتجاجات ضخمة في شوارع المدينة، احتجاجا على السطو على مساحات شاسعة من أراضيها من قبل «مافيا العقار»، إن قرار تحريك المتابعة في حق المتورطين يعتبر «إيجابيا»، في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات الجنائية في الملف. وقررت وزارة الداخلية، وهي تواجه احتجاجات مفتوحة لأعضاء القبيلة، الخروج عن «صمتها» برسالة «تكشف جزءا من المستور» في السطو على عشرات الهكتارات بالمدينة، و»تدين»، ضمنيا، ما تعرضت له مساحات شاسعة من أراضي هذه الجماعة السلالية بالمدينة، في وقت كان فيه قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس يستمع إلى بعض المتهمين، بناء على تعليمات وزير العدل والحريات الحالي، مصطفى الرميد. الرسالة «السرية»، التي حصلت «المساء» على نسخة منها، والتي وجهها عامل الإقليم إلى قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف تشير إلى أن سلطات الوصاية (في إشارة إلى وزارة الداخلية) تعتبر إحدى المساحات التي تطالب القبيلة باسترجاعها (اخنيدقات أولاد عزوز) دائما ملكا جماعيا. وتقول إن المعاملات العقارية التي أجرتها مصالح الوصاية المركزية عند تفويت القطع الأرضية إلى الجماعة القروية لميسور في بداية التسعينات من القرن الماضي أو التي تم كراؤها لبعض الخواص كانت على أساس أنها (أي وزارة الداخلية) وصية على الأراضي الجماعية التابعة لجماعة «أهل إكلي». عامل الإقليم أورد في الرسالة ذاتها المؤرخة ب 14 أكتوبر الجاري، بأن صفة الملك الجماعي لهذه القطعة الأرضية الثابتة منذ 1933 لا يمكن أن تفقد الصفة مهما طال الزمن طبقا للقانون المعمول به، والذي ينص على أن الأراضي الجماعية غير قابلة للتقادم ولا للتفويت والحجز، ما يؤكد، بالنسبة لأبناء القبيلة الذين تحدثوا ل«المساء»، ما تضمنته كل التقارير الصادرة عن القبيلة، والتي تعتبر أن مافيا العقار تواطأت مع بعض المنتخبين والإداريين لتحويل مساحات شاسعة من أراضي هذه الجماعة السلالية إلى تجزئات سكنية تولت المجالس المنتخبة المتعاقبة أمور تجهيزها وتهيئتها في ملابسات تستدعي التوضيح في نظر أعضاء هذه القبيلة. وتبلغ مساحة العقار الذي تتحدث عنه الرسالة حوالي 49 هكتارا، وتقول القبيلة إن تحرياتها أوضحت أن المساحة التي تم الاستيلاء عليها في هذه المنطقة تتجاوز هذا العدد من الهكتارات. وفي خضم التحقيق في هذه القضية، استمعت المحكمة إلى مهندس طوبوغرافي معروف بمدينة فاس سبق له أن قال في محاضر الشرطة بأن تحرير عقود تخص هذه الأرض من قبل عدول من مدينة صفرو لم يحترم مساطر إدارية معمول بها للحصول على شهادات إدارية. ولم يتم الاستماع إلى هؤلاء العدول، لكن الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف وجه سؤالا كتابيا إلى رئيس هيئة العدول بالجهة يستفسره فيها عن قانونية مثل هذه العقود. وقال رئيس الهيئة في جوابه إن هذا النوع من الرسوم معمول به في مختلف مناطق المغرب، مضيفا أن القضاة أجازوا هذا النوع من الرسوم، ومع ذلك، فقد أشار إلى أن العدول يبنون شهادتهم على المعلومات المدلى بها من طرف طالب الشهادة وفقا لمقتضيات القانون.