اقتحمت عناصر للشرطة، بداية الأسبوع الجاري، مستشفى ابن الخطيب المعروف باسم «كوكار» بمدينة فاس لاعتقال طبيب مزور كان يرتدي وزرة بيضاء ويتجول في مرافق المستشفى لابتزاز المرضى. وأحيل الطبيب المزور يوم الأربعاء الماضي، في حالة اعتقال، على أنظار النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بتهمة انتحال صفة. وقالت المصادر إن الطبيب المزور، الذي لا يتجاوز عمره 19 سنة، نجح في اجتياز كل «العقبات» للوصول إلى «معاقل» حساسة للأطباء بالمستشفى الإقليمي ابن الخطيب، الذي يتوسط عددا من الأحياء الشعبية والمدينة العتيقة للعاصمة العلمية، وظل يتنقل بين مرافق المستشفى دون أن يثير الشبهات في بداية الأمر. وتفنن الطبيب المزور في تقليد الأطباء الحقيقيين في طريقة ارتداء الوزرة، والحركات، والنطق بالمعجم الطبي، وحتى في التعامل مع المرضى. لكن وجهه غير المألوف لدى عدد من عناصر الأمن الخاص، التي تستعين بها إدارة المستشفى لضبط إيقاع الدخول والخروج إلى مرافق هذه المؤسسة الصحية، عجل بالإطاحة به. فقد عمد بعض الحراس، بعدما راودتهم شكوك حول هويته، إلى ربط الاتصال بمدير المستشفى لإخباره بالنازلة. وبعد الحصول على موافقة الإدارة للتأكد من هويته، أحيط الطبيب المزور بحراس الأمن الخاصين، وتم تقديمه في حالة «اعتقال» للمدير. وتبين من خلال «التحقيقات الأولية» بأن الشاب لا علاقة له بمهنة التطبيب ولا بهيئة الأطباء ولا بمستشفى ابن الخطيب، فتم ربط الاتصال بالشرطة لإخبارها بالنازلة. وقام الأمن العمومي التابع للمنطقة الأمنية الثالثة باقتحام المؤسسة لاعتقال الطبيب المزور، بتعليمات من النيابة العامة. وتبين أثناء التحقيق معه في مخفر ولاية الأمن بأن آخر ضحاياه كانت مريضة ابتزها وحصل منها على 100 درهم، بعد أن وعدها بالمساعدة. ولم تتمكن إدارة المستشفى من العثور على الضحية، التي اختفت بين الموجات البشرية الكبيرة التي تفد على هذا المستشفى الإقليمي الذي يعاني من الاكتظاظ، ومن قلة الموارد البشرية، وكثرة الاعتداءات عليهم بسبب «الأعصاب الزائدة» لعائلات المرضى، وهي في طوابير الانتظار. وكان المستشفى الجامعي بفاس قد عاش حادثة مماثلة، في منتصف السنة الماضية، حيث أثار اعتقال طبيبة مزورة دويا في قطاع الصحة بالمدينة. إذ تقدمت الطبيبة المزورة باسم غير اسمها الحقيقي وبصفة غير صفتها الحقيقية إلى أقرب دائرة أمنية لتشتكي خطيبها الذي اتهمته بتعنيفها حد إجهاض جنينها الناجم عن علاقة جنسية معه. وقالت الطبيبة المزورة للمحققين، دون خوف أو وجل، وهي تدلي ببطاقتها المهنية المزورة، إنها مزدادة في بروكسيل، وبأن لها جواز سفر بلجيكيا، وبأن جل أفراد عائلتها يقيمون في ديار المهجر، وبأنها طبيبة داخلية في المستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، لكن تطورات الملف انتهت إلى الوقوف على حقيقة صادمة. فالشابة تتحدر من أسرة متواضعة في مدينة تمارة، ولم تسعفها ظروفها الاجتماعية من استكمال دراستها التي عدلت عنها في مستوى البكالوريا، قبل أن تتدرب كمسعفة في مؤسسة الهلال الأحمر المغربي، وتزاول لبعض الوقت هذه المهنة في مصحتين خاصتين بمدينة فاس. لكن شغفها بمهنة الطب، حسب أقوالها لاحقا، دفعها إلى انتحال هذه الصفة. وعمدت الطبيبة المزورة إلى تزوير «بادج» يحمل صورتها واسما مستعارا وضعته لنفسها، إلى جانب خاتم خاص بها ك»طبيبة»، وببذلتها البيضاء ظلت تدخل وتخرج من مختلف مصالح المستشفى، دون أن تثير أي انتباه أو شكوك، قبل أن تنفجر قضيتها ويتبين للمصالح الأمنية بأنها ظلت تتعامل مع طبيبة مزورة، وبأنها أنجزت لها محاضر دون التأكد من بطاقة تعريفها الوطنية. وقد نجحت الطبيبة المزورة في الفرار عندما افتضح أمرها، لكن تم اعتقالها لاحقا، وأدينت بالسجن النافذ.