في قرار مفاجئ، أصدرت غرفة الجنايات في محكمة الاستئناف في الرباط، أول أمس، حكما ببراءة حسن عارف، البرلماني ورئيس بلدية عين عودة، عن حزب الاتحاد الدستوري، من تهم الاغتصاب والافتضاض الناجم عنه حمل، وهي التهم التي سبق أن أدين من أجلها بسنة حبسا نافذا خلال المرحلة الابتدائية. وخلّف قرار البراءة صدمة لدى الدفاع وأفراد أسرة الضحية، التي أصيبت بحالة هيستيرية جعلتها تحاول كسر الواجهات الزجاجية للمحكمة، قبل أن تسقط أرضا وهي تصرخ «كيفاش براءة؟.. كيفاش؟».. وحاول عدد من رجال الأمن السيطرة على الوضع وإقناع الضحية بمغادرة المحكمة واللجوء للنقض، إلا أنها أصرّت على البقاء فيها، وهي تنتحب، في الوقت الذي غادر البرلماني المتهم مقرَّ المحكمة بسرعة نحو سيارته.. وجاء قرار البراءة، الذي صدر بعد مداولة استغرقت نصف ساعة، مفاجئا للنيابة العامة أيضا، بعد أن التمست في مرافعتها «إدانة المتهم بأقصى العقوبات»، وأكدت أن «المحكمة يجب ألا تلتفت إلى البرلمانيّ المتابَع بعد أن حاول إقحام السياسة في الملف، وأصرّ على إنكار علاقته بالضحية بشكل مطلق، رغم وجود الخبرات الطبية التي تؤكد أنه الأب البيولوجيّ للطفل، الذي نجم عن واقعة الاغتصاب». وأشار ممثل النيابة العامة إلى أن المتهم واصل إنكاره رغم وجود أزيد من 284 مكالمة هاتفية بينه وبين الضحية، وهي المكالمات التي سُجِّلتْ في قرص مدمج ضمن الأدلة، وقال للمحكمة إن إصرار المتهم على الإنكار رغم نتائج الخبرات الجنية التي أجريت في مختبرات الدرك الملكي على الطفل بناء على عيّنة لعاب أخذت من البرلمانيّ، وكذا الخبرة التي أجريت على ثياب داخلية للمتهم كانت في حوزة المشتكية تمنح المصداقية لرواية هذه الأخيرة. وقال ممثل الحق العام: «في حدود علمي فإن مريم العذراء وحدها من وضعت طفلا دون أن يمسّها إنس ولا جان، والخبرات الطبية العلمية تؤكد أن المتهم هو الأب البيولوجيّ للطفل بنسبة 99.99 في المائة»، وأشار إلى أن النيابة العامة ستنحاز إلى الطفل باعتباره أكبرَ ضحية لهذا الملف. وقال ممثل النيابة العامة إن «المحكمة يجب ألا تتعامل بمنطق ذكوريّ يجعل المرأة متهمة إلى أن تثبت إدانتها»، قبل أن يلتمس عدم تتميع المتهم بظروف التخفيف، كما تم في المرحلة الابتدائية، والحكم عليه بأقصى العقوبات. وكان البرلماني حسن عارف قد أنكر خلال جلسة أول أمس وجود أي علاقة بينه وبين الضحية، وقال اإنه يعرفها كما يعرف أي شخص من ساكنة عين عودة، متهما خصومه السياسيين ب»تدبير هذا الملف للإطاحة به»، وتعرض المتهم لموقف محرج وهو يقف أمام القاضي، بعد أن توجه إليه طفل الضحية، البالغ من العمر سنتين وأمسكه من ثيابه وهو يقول «عمّي».. ووصف دفاع الضحية الحكم الصادر بأنه «غريب ويطرح أكثرَ من علامات استفهام»، وقال المحامي بوشعيب الصوفي إن الدفاع سيستأنف الحكم موازاة مع الاستئناف الذي تقدّمت به النيابة العامة، قبل أن يضيف: «نحن كدفاع نستغرب كيف نزلت هذه البراءة بعد الإدانة في المرحلة الابتدائية، ونستغرب أكثر كيف أن المحكمة لم تأخذ بأدلة عليمة دامغة، في الوقت الذي كنا ننتظر أن يتم إنصاف الضحية ورفع العقوبة، مع إثبات نسَب الطفل إلى المتهم».