يبدو أن متاعب الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي مع القضاء لن تتوقف أبدا، فبعد تنفسه الصعداء بسبب قضية «باتنكورت»، كشف رجل أعمال لبناني يحمل الجنسية الفرنسية، يوم الأربعاء الماضي، أنه يمتلك أدلة على كون الرئيس الفرنسي السابق قد تلقى مبلغا يفوق 50 مليون أورو من الدكتاتور الليبي معمر القذافي لأجل تمويل حملته الانتخابية. وكشف هذه المعطيات الجديدة في هذا الملف، الذي سبق أن أثاره نجل القذافي حين أكد أن والده موّل حملة ساركوزي الانتخابية، اللبناني زياد تقي الدين، الوسيط في بيع الأسلحة والمتورط في عدد من صفقات بيع السلاح المشبوهة على خلفية متابعته في تلك الصفقات.. وقال تقي الدين، أمام قاضي التحقيق رينو فان رومبك، إن العقيد القذافي كان «سخيّا» تجاه فرنسا بتوفير الدعم الماليّ لساركوزي خلال حملته الانتخابية لسنة 2007، وأكد تقي الدين أن ذلك الدعم تواصل حتى بعد دخول ساركوزي قصر الإليزي.. حسب ما نقلت صحيفة «لوباريزيان» في عدد الأربعاء الماضي. ووعد تقي الدين القاضي بتقديم أدلة عن المبالغ التي تلقاها ساركوزي، والتي سبق أن كشف عنها سيف الإسلام، نجل العقيد القذافي، وأحد المواقع الفرنسية على الأنترنت، متخصصة في صحافة التحقيق. وحسب التصريحات التي أدلى بها تقي الدين، الذي تعوّدَ على لعب دور «الوساطة» في جميع المعاملات القانونية والمشبوهة على حد السواء بين فرنسا ودول الشرق الأوسط، فإنّ القذافي موّل ب»سخاء كبير» الحملة الانتخابية لساركوزي سنة 2007. كما أشار تقي الدين إلى أن «ساركوزي بدأ يتلقى الدعم المالي من العقيد الليبي الراحل مع حلول شهر دجنبر من سنة 2006، دون أن يتوقف ذلك الدعم حتى بعدما أصبح ساركوزي رئيسا للجمهورية الفرنسية». كما كشف رجل الأعمال اللبناني أنه مستعد لتقديم الأدلة التي يمتلكها في حالة فتح تحقيق قضائيّ بخصوص تقديم ليبيا الدعمَ الماليَّ للمسؤولين السياسيين الفرنسيين. وتتجاوز قيمة تلك الأموال، حسب تقي الدين، 50 مليون أورو، تلقاها بشكل غير قانونيّ الرئيس السابق ساركوزي. وندّدت مصادر مقربة من ساركوزي بفحوى هذه «الادّعاءات» ووصفتها ب«الشنيعة» والمثارة ل«مصالح شخصية»، على شاكلة ما وقع في السنة الماضية حينما تم التنديد بادّعاءات مماثلة كشفها موقع «ميديا بارت» الإخباريّ، وجرى وصفها ب«الشنيعة». وتأتي هذه التصريحات المثيرة، التي تضع ساركوزي -من جديد- في قفص الاتهام بخصوص الدور الذي يمكن أن يكون قد لعبه في تصفية العقيد الليبي ل«إسكات» صوته إلى الأبد، في إطار متابعة تقي الدين ضمن التحقيق الذي يجريه القضاء الفرنسي معه بخصوص تلقيه أموالا «من تحت الطاولة» في إطار صفقات مشبوهة لبيع السلاح على امتداد عقدين من الزمن.. كما صرح هذا الأخير لجريدة «لوبارزيان» أنه مستعد للكشف أمام المحققين الفرنسيين عن جميع الأدلة التي يتوفر عليها، والتي تثبت تورط ساركوزي في تلقي الدعم الماليّ من القذافي إذا فُتِح تحقيق رسميّ بخصوص تلقي المسؤولين الفرنسيين أموالا ليبية. وتأتي خطوة رجل الأعمال اللبناني كمحاولة منه للتخفيف من حدّة الاتهامات الموجهة ضده بخصوص صفقات السلاح المشبوهة التي تعود إلى سنة 1993، من خلال إثارة هذا الملف الحساس داخل فرنسا. وبغضّ النظر عما إذا كانت تلك الادّعاءات تأتي في إطار خدمة المصالح الشخصية، فإنّ هذه المعطيات الجديدة بمثابة «فضيحة كبيرة» لساركوزي، بالنظر إلى العلاقات الشخصية الوثيقة التي كانت تجمع الأخير بزياد تقي الدين والمصالح المتبادَلة التي كانت تجمع بينهما، إضافة إلى العلاقات التي نسجها تقي الدين مع مجموعة من الوجوه السياسية الفرنسية التي تنتمي إلى اليمين الفرنسي، بمن فيهم صديق طفولة ساركوزي، بريس هورتفو، وحليفه المقرب منه ووزير الداخلية السابق، كلود غيون، وجون فرنسوا كوبي، زعيم حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية. كما أن تقي الدين لعب دورا حاسما في التدخل الذي قام به نيكولا ساركوزي لدى معمر القذافي لأجل تحرير الممرضات البلغاريات في سنة 2007. محمد حمامة