نشرت صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية يوم الخميس 3 يناير 2013 تقريرا من مراسلها في باريس جون ليتشفيلد يقول فيه ان شاهدا ابلغ قاضيا فرنسيا ب"وجود برهان موثق على ان الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي اخذ اكثر من 50 مليون يورو من الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي". وهنا نص التقرير: "وادلى بهذا الادعاء، قبيل عيد الميلاد رجل اعمال لبناني المولد، يدعى زياد تقي الدين، الذي يعمل وسيطاً لتعاملات قانونية واخرى يزعَم انها غير قانونية بين فرنسا والشرق الاوسط منذ 20 سنة. وفي تفصيل لادعاءات كانت قد صدرت عن احد ابناء العقيد القذافي وموقع تحقيقات فرنسي على الانترنت قال تقي الدين لقاضي تحقيق ان بوسعه ان يريه اثباتا مكتوبا على ان حملة الرئيس ساركوزي الرئاسية الاولى في 2006-2007 قد مولت "تمويلاً وفيراً" من طرابلس. وقال ان الدفعات استمرت بعد ان اصبح ساركوزي رئيسا. واوضح ان الدفعات غير القانونية الى ساركوزي تجاوز مجموعها ال50 مليون يورو التي أكدها نجل القذافي، سيف الاسلام، قبل وقت قصير من سقوط النظام الليبي جزئيا بفضل ضربات جوية فرنسية وبريطانية تحت راية حلف "الناتو" في سنة 2011. ورفضت مصادر قريبة من ساركوزي ادعاء تقي الدين ووصفته بانه "شائن" ول"مصلحة شخصية". وندد الرئيس ساركوزي العام الماضي بادعاء مماثل من جانب موقع "ميديبارت" للتحقيقات على الانترنت ووصفه بانه خيالي. ويخضع رجل الاعمال اللبناني نفسه لتحقيق رسمي لتنظيمه، كما يُزْعَم، وقبضه عمولات غير قانونية على صفقات اسلحة على مدى عقدين من الزمن. وقد اقر اليوم بان اتهاماته ضد الرئيس السابق ساركوزي كانت جزءأً من مقايضة مقترحة مع النظام القضائي الفرنسي لكشف كل الحقائق التي في جعبته مقابل تخفيف الاحكام القضائية التي قد تصدر ضده. وقال لصحيفة "لو باريزيان" انه على استعداد لأن يقدم للمحققين اثباتاً لتعاملات القذافي مع الرئيس ساركوزي اذا أُطلِقَ تحقيق قضائي في تمويل ليبيا للساسة الفرنسيين. وقال تقي الدين ل"لو باريزيان": "نعم، ليبيا مولت ساركوزي". وهذه الأخبار، مهما يكن الدافع وراءها، شديدة الاحراج للرئيس السابق ساركوزي. ذلك ان تقي الدين ارتبط بعلاقات عملٍ وصلات شخصية وثيقة لسنوات كثيرة مع عدد من ساسة يمين الوسط، بمن فيهم صديق طفولة للرئيس السابق هو برايس هورتيفوه وحليفه الوثيق ووزير داخليته السابق كلود غيانت والرئيس الحالي لحزب يمين الوسط الذي ينتمي اليه ساركوزي، جان فرانسوا كوبيه. ومن المعروف ايضا انه لعب دوراً مهما في تعاملات ساركوزي مع القذافي لاطلاق الممرضات البلغاريات اللائي وضعن في السجن في ليبيا في 2007 بعد تورطهن في حقن أطفال ليبيين بدم ملوث بفيروس السيدا. ويواجه ساركوزي اصلاً إتهامات منفصلة بأن حزبه تسلم تبرعات غير قانونية من اغنى امرأة فرنسية، وهي ليليان بيتنكورت، في 2007. وفي شهر ديسمبر 2012 رفض مراقب للحملات الانتخابية حساباته الرسمية المتصلة بحملة اعادة انتخابه الفاشلة للسنة 2012 وهو ما يؤشر إلى وجود تلاعب وفساد. ويذكر ان الإتهامات عن تعاملات غير مشروعة مع القذافي حساسة بصورة خاصة بالنسبة الى الرئيس السابق. وقد نظم مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وقاد الدعم الغربي للاطاحة بالقذافي ومقتله في اكتوبر 2011. ويشار إلى ان ساركوزي حير من قبل ذلك كثيرين من انصاره بمنحه القذافي زيارة دولة متذللة ذات بريق الى فرنسا في سنة 2007. وتبين لاحقاً انه تم توقيع عدد من العقود بين ليبيا وفرنسا، بما فيها صفقة لتزويد معدات تنصت الى جهاز الاستخبارات الليبية. ويخضع تقي الدين للتحقيق في عدد من المخالفات بما فيها تلقي عمولات على صفقات اسلحة فرنسية لباكستان والمملكة العربية السعودية في 1993-1995. وفي اجتماع في 19 ديبسمبر لمناقشة هذه الإتهامات مع القاضي رينود فان رويمبيك عرض تقي الدين ان يوجه النظام القضائي الفرنسي نحو اثبات مكتوب بخصوص دفعات الى حملة ساركوزي في 2007. وقال ان سلسة اجتماعات عقدت لتنظيم الدفعات في فترة 2006-2007 بين غيوانت ورئيس هيئة موظفي ساركوزي والسكرتير الخاص للقذافي، بشير صالح. وأبلغ تقي الدين القاضي ان روايات مكتوبة عن هذه الاجتماعات سلمت الى رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي. وبعد التحول في ليبيا، طلب المحمودي وتلقى بصورة غير رسمية حق اللجوء في فرنسا.