في سياق استعداد المغاربة، ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر، تنظيم وقفة احتجاجية أمام سفارة الجزائر بالرباط يوم الخميس المقبل، كشفت مصادر جمعوية عن وجود مقبرة جماعية بأحد مستنقعات وهرانالجزائرية، يعود تاريخها إلى بداية الستينيات من القرن الماضي، وتضم جثث مغاربة وأوربيين. ويقدر عدد الضحايا المدفونين بهذه المقبرة، التي تعرف بمستنقع «بسخة»، بالآلاف. واضطرت السلطات الجزائرية إلى دفن الموتى بهذا المستنقع، في سنة 1962، بعد أن وقعت حالة اعتداء، بسبب نزاع عائلي بين أسرة جزائرية وأخرى فرنسية، تطورت بعد ذلك إلى حالة عامة من الاعتداءات استهدفت الأوربيين واليهود، قبل أن تنتقل إلى المغاربة. وامتلأت شوارع وهران بسبب هذه الاعتداءات بجثث الضحايا، مما اضطر السلطات إلى استعمال الشاحنات ودفن الجثث بهذا المستنقع. وفي المرحلة الموالية، استقبلت هذه المقبرة ضحايا مغاربة آخرين في سنة 1963، بعد حرب الرمال مباشرة. ودفعت هزيمة الجيش الجزائري، في تلك المرحلة، إلى ظهور العديد من حالات الانتقام ضد المغاربة المقيمين بالجزائر. وتقول المصادر إن عددا كبيرا من الضحايا كانوا من المغاربة المنحدرين من جهة سوس، والذين كانوا يتعاطون للتجارة، دون أن يكونوا مرفوقين بعائلاتهم. ولم يطرح اختفاء الكثير منهم، في تلك المرحلة، أي شكوك، لأنهم كانوا يقيمون في الجزائر بمفردهم. وفي سنة 1965، أي بعد انقلاب بومدين على بن بلة، أكلت الثورة عددا من المغاربة المحسوبين على تيار بن بلة. وفي سنة 1968، وقعت تغييرات في صفوف الجيش الوطني الجزائري، وحصدت هذه التغييرات عددا من رؤوس العسكريين الذين نشؤوا في المغرب، قبل أن ينتقلوا إلى الجزائر أو المنحدرين من أصول مغربية. ولم يسلم المغاربة، الذين عاشوا محنة الطرد في سنة 1975، من ذات المصير. فقد أخبرت أسرة مغربية بالناظور، في الآونة الأخيرة، بأن أباها دفن بذات المقبرة. وفي السياق ذاته، علم بأن جمعية الدفاع عن ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر ستوجه بداية هذا الأسبوع، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة تدعوه فيها إلى فتح تحقيق حول هذه المقبرة، وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة الدولية. كما أنها ستراسل كلا من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا تدعوها إلى مساندتها في «نضالها» من أجل إماطة اللثام عن هذه المقبرة. ومن المنتظر أن تبعث الجمعية برسالة طلب المؤازرة نفسها إلى وزارة الشؤون الخارجية الإسرائيلية، «نظرا إلى أن عددا من اليهود هم من مدفوني هذه المقبرة الجماعية»، يقول محمد الهرواشي، رئيس هذه الجمعية. ويصادف تنظيم الوقفة الاحتجاجية لهؤلاء الضحايا 18 دجنبر، ويؤرخ هذا اليوم لعيد الأضحى من سنة 1975، وهو اليوم الذي رحل فيه ما يقرب من 45 ألف أسرة مغربية من الجارة الجزائرية بسبب مشاكل سياسية آنذاك بين الدولتين. ويتذكر هؤلاء بكثير من الحزن هذا التاريخ.