ما فتئت العلاقات الاقتصادية بين المغرب وفرنسا تتطور سنة بعد أخرى، فالزيارة التي يقوم بها الوزير الأول الفرنسي جون مارك آريو للمغرب لابد أن تحمل الجديد على مستوى هذه العلاقات، خاصة في ظل الأزمة التي تعيشها أوربا، والتي فرضت على مجموعة من البلدان الكبرى التوجه نحو الضفة الجنوبية للمتوسط للبحث عن فرص استثمارية جديدة لحل مشاكلها الاقتصادية المتراكمة. ويجمع المراقبون على أن الوزير الأول الفرنسي لن يخرج خالي الوفاض من زيارته الحالية إلى المغرب، خاصة أن عددا من الشركات الفرنسية الكبرى لوحت مؤخرا بأنها ستستفيد من فرص استثمارية جديدة بالمملكة، خاصة شركة «ألستوم»، التي من المنتظر أن تحظى بمشاريع لإنجاز «الترامواي» في كل من فاس ومكناس ومراكش والناظور. بالمقابل، يرى المراقبون أن المغرب مطالب بتدبير علاقاته الاقتصادية مع فرنسا في الوقت الراهن بشكل ذكي يمكنه من استغلال خبرة الشركات الفرنسية في تطوير عدد من القطاعات الاستراتيجية، من خلال فتح المجال لشركات مغربية تدخل إلى جانب الشركات الفرنسية في المشاريع التي ستحصل عليها هذه الأخيرة. ويعد المغرب الوجهة الأولى لاستثمارات القطاع الخاص بفرنسا على الصعيد الإفريقي، بوجود 750 فرعا لمقاولات فرنسية بالمغرب، منها 38 شركة مدرجة في مؤشر بورصة باريس «كاك 40»، وتوفر 120 ألف فرصة عمل. وحسب وزارة الاقتصاد الفرنسية، فقد بلغت قيمة الصادرات المغربية نحو فرنسا، 3.2 مليارات أورو سنة 2011، في حين قدرت واردات المملكة من فرنسا ب 4.6 مليارات أورو. ويؤكد المصدر ذاته أن الصادرات المغربية نحو فرنسا تتمثل، على الخصوص، في منتجات النسيج (32 في المائة)، والمنتجات الفلاحية (16 في المائة)، وأجهزة النقل (16 في المائة)، مبرزا أن «ارتفاع الصادرات المغربية يعتبر مؤشرا على التقدم الذي تحققه الصناعة المغربية الموجهة إلى الخارج». وتتمثل الصادرات الفرنسية نحو المغرب بشكل أساسي في المنتجات الصناعية (أجهزة النقل، المعدات الميكانيكية والالكترونية)، والقمح (15 في المائة من الصادرات الفرنسية). وفي ما يتعلق بمساهمة السوق الفرنسية في السياحة الوطنية، فقد مثلت حصة هذه السوق 40 في المائة من عائدات الأسفار، وفقا لأرقام سنة 2010. كما بلغت حصة فرنسا من الأموال المحولة من طرف المغاربة المقيمين بالخارج 40.4 في المائة سنة 2011. وفي ما يخص المساعدات العمومية للتنمية، تقدر مساهمة فرنسا ب 38.9 في المائة. وعلى العموم، فقد بلغت قيمة الاستثمارات الفرنسية المباشرة في المغرب خلال السنة الماضية ما يناهز 850 مليون أورو، لتظل بذلك فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للمغرب. وأوضح مصدر دبلوماسي فرنسي أن الاستثمارات الفرنسية بالمغرب بلغت 420 مليون أورو خلال الستة أشهر الأولى من سنة 2012.