الرباط - المهدي السجاري يبدو أن صراع التقدم والاشتراكية وحزب الاستقلال داخل وزارة الصحة لم يجد بعدُ طريقه نحو الحل، حيث وجّه عادل بنحمزة، النائب البرلماني عن فريق الاستقلال، انتقادات لاذعة للعرض الذي تقدّمَ به وزير الصحة، الحسين الوردي، حول الميزانية الفرعية لوزارته، والذي وضع بنحمزة جميع صفحاته تحت المجهر في مداخلة تجاوزت ساعة من الزمن. وطالب عادل بنحمزة وزيرَ الصحة، خلال مناقشة ميزانية الوزارة أول أمس في مجلس النواب، بتقديم توضيحات حول صفقة اللقاحات التي كان وزير الصحة قد أوقفها بعد فتح تحقيق بشأنها، حيث تساءل بنحمزة عن الجوانب التي ربحها المغرب من توقيف الصفقة والجوانب التي خسر فيها، خاصة أن وزير الصحة سبق له أن أكد أن الوزارة اقتصدت حوالي 130 مليون درهم سنويا على مدى ثلاث سنوات من خلال صفقة لقاحات جديدة أبرمتها الوزارة عقب توقيفها الصفقة السابقة. وزاد بنحمزة، موجها كلامه لوزير الصحة: «لقد تراجعت جودة اللقاحات وتراجع عددها في الصفقة الثانية، ونريد أن نعرف كيف كانت وزارتكم تدبّر المرحلة التي سبقت المصادقة على الصفقة»، معتبرا أن «المغرب لا يمكن أن يستفيد من اللقاحات التي توفرها «يونسيف»، لأنها مخصصة لمجموعة من الدول الفقيرة، والمغرب لا يدخل في هذه الفئة». ولم يفتِ النائبَ الاستقلالي التطرقُ لموضوع الكاتب العام لوزارة الصحة، الذي كاد أن يعصف بمناقشة ميزانية الوزارة، بعدما همس أحد النواب في أذن زميله أن النائب عادل بنحمزة يتحدث باسم الكاتب العامّ السابق للوزارة، رحال مكاوي، وهو ما دفع أحد النواب إلى التدخل والمطالبة باحترام مداخلة النائب الاستقلاليّ لتفادي «شحن» الأجواء. وقد وجّه بنحمزة انتقادات شديدة اللهجة لوزير الصحة بخصوص الشروط التي وضعها للراغبين في الترشح إلى منصب الكاتب العام لوزارة الصحة. وقال بنحمزة إنه «في الوقت الذي وضعت وزارة الصحة شرط أن يكون المترشح طبيبا أو صيدليا أو طبيبا للأسنان، فأنا لا أفهم العلاقة بين هذه المهن والمهام المنوطة بمنصب الكاتب العام للوزارة». واعتبر بنحمزة أن «وضع مثل هذه الشروط يمسّ، في العمق، بمبدأ دستوريّ وهو تكافؤ الفرص والمساواة، ولا يوجد هذا الأمر في تجارب مقارنة، وحتى في المستشفيات الجامعية في عدد من الدول هناك توجّهٌ نحو التدبير، خاصة أن المغرب يعاني من نقص في الأطباء، وليس معقولا وضع شرط طبيب لتقلد مثل هذه المناصب»، موضحا في السياق ذاته أن مديرة الشؤون القانونية في الوزارة تجاوزت سن التقاعد بخمس سنوات ولا حديث عنها، «وإذا كان هذا الأمر يتعلق بالأفراد فهذه لغة، وإذا كانت هذه رؤية لتدبير وحكامة القطاع فهذا أمر آخر». ولم يكتف بنحمزة بموضوعَي صفقة اللقاحات ومنصب الكاتب العام للوزارة، بل تحدث عن كل كبيرة وصغيرة تضمّنها عرض وزير الصحة، في مواضيع تتعلق بخفض أثمنة الأدوية وإستراتيجية الوزارة للحد من وفيات الأمهات، وانتقد بشكل لاذع ما ورد في العرض على شكل منجزات وأخرى تتعلق بالحوار الاجتماعيّ رغم وجود شد وجذب، على حد تعبيره.