رمت جامعة كرة القدم بما يشبه القنبلة في وجه المدربين المغاربة عندما اقترحت على المدرب هشام الإدريسي راتبا شهريا قدره 5000 درهم، مقابل تدريب حراس مرمى منتخبي الفتيان والشبان والإشراف على تأهيل حراس المرمى والالتزام بالحضور بشكل يومي للمركز الوطني لكرة القدم. وإذا كانت لهشام الإدريسي الجرأة والشجاعة ليرفض عرض الجامعة، بل وذهب أبعد من ذلك عندما اعتبر الراتب الشهري الذي عرض عليه بأنه هزيل ويشكل إهانة للمدربين المغاربة، فإن العجز ربط ألسنة أعضاء جامعة الكرة، ولم يمتلك أي منهم الشجاعة ولا الجرأة ليقدم للرأي العام وجهة نظر الجامعة في هذا الملف، والمعايير التي استندت عليها لتخصص لمدرب لمنتخب وطني راتبا شهريا لم يعد له وجود حتى في بطولة الهواة. ليس الإدريسي الوحيد الذي وجد نفسه ضحية لمزاج رجالات الجامعة، فقبله عاش مصطفى الحداوي السيناريو نفسه سنة 2002 عندما طلب منه الإشراف على تدريب منتخب الفتيان مقابل راتب شهري لم يتجاوز 5000 درهم. كما أنها ليست المرة الأولى التي تخلف فيها الجامعة وعودها،فعندما أقالت الفرنسي هنري ميشيل لأنه انتقد السياسة الرياضية في المغرب،عقب الإقصاء من الدور الأول لكأس إفريقيا بغانا، لم تتردد في التأكيد أنها ستسند مهمة تدريب المنتخبات الوطنية لمدربين مغاربة، مقابل عقود محترمة. وعندما اشتد النقاش حول هوية مدرب منتخب الكبار، سرعان ما أخلفت الوعد وأسندت المهمة للفرنسي روجي لومير ضدا على رغبة الآلاف من المغاربة الذين طالبوا بعودة بادو الزاكي، رغم أن الرجل أهان المغاربة في مباراة ودية سابقة جمعت المنتخب الوطني بنظيره التونسي في 7 فبراير من سنة 2007. وعندما طوت الجامعة صفحة المنتخب الأول، لم تتردد مرة أخرى في التأكيد أن أطرا مغربية هي التي ستشرف على بقية المنتخبات. وبموازاة ذلك كانت ودادية المدربين هي الأخرى تصفق لقرارات الجامعة وتتحدث بصوت عال عن المكتسبات التي ستتحقق للمدربين المغاربة مع جامعة بنسليمان، وتبيع الوهم للمغاربة وللأطر الوطنية. لم تتردد الودادية وقتها في التأكيد أن الجامعة إذا لم تف بالتزاماتها، فإنها ستقيم الدنيا ولن تقعدها، لكن الودادية بلعت لسانها ولاذت بالصمت رغم أن هشام الإدريسي أبلغ رئيسها عبد الحق ماندوزا بأن الجامعة عرضت عليه راتب 5000 درهم. لكن الأكيد هو أنه لن يكون للودادية صوت في قضية الإدريسي، لأنها أصبحت منذ وقت طويل تتحرك بآلات التحكم عن بعد. تصفق، تهلل، وعندما تهان كرامة المدرب الوطني الذي تدافع عنه لاتتردد في أن تغرق في الصمت. فالكل يتغير ويتبدل، البشر والأشياء والطبيعة، إلا الجامعة وودادية المدربين.