فجّرت اللجنة الوطنية للمنافسة في إسبانيا قنبلة من العيار الثقيل في مجال النقل البحريّ للمسافرين والعربات بين ضفتي المتوسط، يُنتظَر أن تصل شظاياها إلى المغرب. وأدانت اللجنة، مؤخرا، ست شركات تنشط في تأمين في النقل البحريّ بين المغرب وإسبانيا بغرامات قياسية بعد ارتكابها مخالفات أضرّت بحقوق المهاجرين المتنقلين بين الضفتين بحرا، وأغلبهم مغاربة، في الفترة الممتدة بين سنتي 2002 و2010. واتهمت اللجنة، التي تماثل مجلس المنافسة المغربي، الذي يترأسه عبد العالي بنعمور، هذه الشركات ب«إحداث «كارتل» أو تفاهم خفيّ بينها لتحديد أسعار تذاكر المسافرين على متن بواخرها في مستويات أعلى من الأسعار العادية، الأمر الذي مسّ بحقوق المسافرين على متن خطوطها وأخلّ بقواعد المنافسة الشريفة». وأكدت اللجنة أن الشركات المعنية عقدت، في مستهلّ العقد الماضي، اجتماعات توصلت في أعقاباها إلى اتفاق أبقته طيّ الكتمان حددت بموجبه سقف الأسعار المعمول بها في نقل المسافرين والعربات، ولاسيما في أوقات الذروة، التي تصادف العودة المكثفة للمهاجرين المغاربة إلى وطنهم الأم. وشمل «الكارتل» المعلن عنه، أيضا، ظروفَ وشروط النقل وأوقات انطلاق الرحلات من المغرب وإسبانيا على حد سواء. وقررت اللجنة ذاتها تغريم ستّ شركات، ضمنها فروع ل«كوماناف» المغربية، بحوالي 5 ملايين أورو، وهو ما يعادل 982 مليون درهم، ل»ارتكابها ممارسات مخلّة بالمنافسة الشريفة وماسة بحقوق المستهلك في تأمين النقل البحري للمسافرين والعربات بين إسبانيا والمغرب في الفترة الممتدة من 2002 إلى 2010». وأفادت اللجنة، كذلك، أن «الغرامة لا تمثل سوى 15 في المائة من إجماليّ الأرباح التي جنتها الشركات المتورطة بفضل عقدها هذا الكارتل». وتعتبر هذه الغرامة الثانية من نوعها من حيث الأهمية في تاريخ ضبط سوق الأعمال في إسبانيا، بعد إقرار غرامة فاقت 120 مليون أورو في حق شركات أخلّتْ بقواعد المنافسة في قطاع التأمينات في سنة 2009. وكانت أقوى الغرامات من نصيب ثلاث شركات، وهي «كوماناف»، المغربية، و«الشركة البحرية المغربية -النرويجية» و»الخطوط البحرية الأوربية»، بمبلغ إجماليّ بلغ قرابة 28 مليون أورو. وفي المقابل، كانت أضعفُ الغرامات من نصيب شركة إحدى الشركات الإسبانية المتهمة بالمشاركة في «التوافق الخفيّ» بمبلغ لم يتجاوز 2.2 مليون أورو، بعد استفادتها من تخفيض وصل إلى 40 في المائة من الغرامة المنصوص عليها قانونيا في مثل هذه الحالات بفضل تعاونها مع المحققين وتقديمها معطيات وإدلائها بوثائق مكّنت اللجنة الوطنية للمنافسة من دعم ملفّ إدانة باقي الشركات. وأعلنت اللجنة نفقسها، مؤخرا، استعدادَها لتمكين الشركات الأخرى المتورطة في القضية من التخفيض نفسه إذا تعاونت مع المحققين وأدْلت بالوثائق المؤرخة لهذا «الكارتل»، إذ تم تمديد العمل بنظام الاستفادة من حكم مُخفَّف في حالة إبداء الاستعداد التعاون ومد المحققين بمعطيات دامغة لتحريك المُتابَعات القضائية في حق الشركات الرافضة للتعاون مع محققي اللجنة الوطنية للمنافسة.