أدلى محمود عباس أبو مازن، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، لقناة إسرائيلية بتصريحات صادمة دعا فيها، ضمنيا، كل المغتربين الفلسطينيين إلى التنازل عن حق العودة إلى مدنهم وقراهم في فلسطين لأنها أصبحت جزءا من إسرائيل. وقال أبومازن إنه، شخصيا، لا يفكر في العودة إلى مدينة صفد التي عاش فيها طفولته لأنه يعتبر هذه المدينة جزءا من الدولة الإسرائيلية. وقد أثارت هذه التصريحات ردود فعل قوية وسط الفلسطينيين، لكونها تشكل تفريطا في أهم حق من حقوقهم، أقرته العديد من القرارات الصادرة عن الأممالمتحدة. لقد ضرب محمود عباس بتصريحاته تلك واحدة من القضايا الكبرى للشعب الفلسطيني، وهي حق العودة -الذي يحتل المرتبة الأولى، بحيث يأتي قبل وحدة مدينة القدس- وأصاب فلسطينيي الخارج بخيبة أمل كبيرة في القيادة الفلسطينية التي من المفروض أن تكون أكثر حرصا على الدفاع عن مطالب الشعب الفلسطيني وليس التفريط فيها والتنازل عنها، خاصة وأن الكثير من العائلات الفلسطينية لا تزال تحافظ حتى على مفاتيح بيوتها التي خرجت منها بسبب الطرد والمذابح الإسرائيلية قبل عقود، باعتبارها رمزا للانتماء إلى الأرض. أمام تراجع الملف الفلسطيني إلى الصف الثالث أو الرابع من الاهتمام الإعلامي العربي والدولي، ربما تجد إسرائيل الفرصة متاحة للانفراد بالقيادة الفلسطينية ودفعها إلى تقديم تنازلات أكبر، من أجل إعادة تسويقها بعد أن تستتب الأوضاع وتأتي إدارة أمريكية جديدة؛ لكن مغامرة السلطة الفلسطينية والتضحية بأهم المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني قد تدخل البلاد في دوامة عنف بين الفصائل، ليكون الرابح الوحيد آنذاك هو الدولة الإسرائيلية، لذلك من المهم أن يعيد أبومازن النظر في موقفه قبل فوات الأوان.