عبد الرحيم ندير مازالت تداعيات تخفيض التصنيف الائتماني للتوقعات الاقتصادية للمغرب ووضعه تحت رقابة خبراء وكالة «ستاندارد أند بورز» متواصلة، فقد هددت الوكالة بتخفيض تنقيط السندات السيادية المغربية إذا لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة لإعادة الثقة إلى الاقتصاد الوطني. وحسب تقرير أخير للوكالة، فقد وضعت «ستاندارد أند بورز» المغرب، إلى جانب كل من الغابون وباهاماس، تحت الرقابة في انتظار تخفيض تنقيط سنداته السيادية، وهو القرار الذي ستكون له نتائج وخيمة على خطة الحكومة بيع سندات سيادية بقيمة مليار دولار مستقبلا. وحذر اقتصاديون مغاربة من تداعيات قرار وكالة «ستاندارد أند بورز» تخفيض التصنيف الائتماني بخصوص توقعات نمو الاقتصاد الوطني إلى درجة سالبة، وكذا إمكانية تخفيض تنقيط السندات السيادية المغربية على خطة المغرب المتعلقة ببيع سندات سيادية بقيمة مليار دولار، وكذا إمكانيات جلب استثمارات جديدة. وقال الاقتصادي حماد قسال ل«المساء» إن التنقيطات التي تعلن عنها وكالات التصنيف الائتماني أصبح لديها الآن تأثير كبير على ثقة المستثمرين والبنوك والمؤسسات الدولية في البلدان التي يشملها التصنيف، مشيرا إلى أن القرار الأخير الخاص بالمغرب ستكون له تداعيات سلبية على خطة بيع السندات السيادية المغربية. وأوضح قسال أن تأثيرات قرار وكالة «ستاندارد أند بورز» ستظهر على مستويين اثنين، الأول يتعلق بمعدل الفائدة، حيث سيضطر المغرب إلى الاقتراض مستقبلا بمعدلات فائدة مرتفعة، والثاني يتعلق بالضمانات، حيث ستطالب البنوك والمؤسسات الدولية الحكومة المغربية بتوفير ضمانات مهمة من أجل الحصول على أي قروض مستقبلية، مشيرا إلى أن والي بنك المغرب ووزير الاقتصاد والمالية مطالبان حاليا باتخاذ إجراءات عاجلة من أجل تطمين المستثمرين والمؤسسات الدولية والتأكيد على أن قرارات وكالات التصنيف العالمية لا يجب الأخذ بها، بالنظر إلى وجود لوبيات تتحكم في هذه الوكالات وتستخدمها في تحقيق مصالحها. وأكد أستاذ الاقتصاد، عبد الصمد ديبي، أن قرار «ستاندارد أند بورز» تخفيض التوقعات بالنسبة للاقتصاد الوطني إلى درجة سلبية يأتي بناء على عدة معطيات واقعية، من بينها التأخر في إعداد قانون مالية 2012، والتراجع الملموس للاستثمارات الخارجية، والارتفاع الكبير لعجز الميزانية وعجز ميزان الأداءات، وغياب رؤية واضحة لدى الحكومة، بالإضافة إلى انعكاسات قرار الحكومة تخفيض توقعاتها للنمو الاقتصادي بخصوص السنة المقبلة. وكانت «ستاندرد أند بورز» عزت تقييمها السلبي للمغرب إلى مخاطر ناجمة عن عجز الميزانية وميزان المعاملات الجارية، الذي تغذيه أزمة الديون السيادية بمنطقة الأورو، أكبر شريك تجاري للمملكة. وأضرت أزمة منطقة الأورو، أيضا، بعائدات السياحة في المغرب التي تراجعت بنسبة 3.6 في المائة حتى نهاية شتنبر الماضي، لكن الانخفاض كان أقل من هبوط بنسبة 5 في المائة بين يناير وغشت الماضيين. ويواجه المغرب هذا العام انخفاضا في المحصول الزراعي المحلي وارتفاعا في أسعار السلع الأولية، وهو ما يعني أنه يتعين على الرباط استيراد المزيد من المنتجات الزراعية بسعر أعلى، وسيؤدي ارتفاع سعر النفط أيضا إلى زيادة تكلفة الاستيراد. وتشير أحدث التوقعات إلى أن نمو الاقتصاد المغربي سيتباطأ هذا العام إلى ما بين 2 و3 في المائة مقارنة مع 4.9 في المائة في 2011.