تغدوين مصطفى الحجري أمر مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، بإجراء بحث بخصوص ما تم الترويج له من تعرُّض نقوش تاريخية للتخريب على يد «سلفيين» مغاربة. وقال الرميد إن هذا الإجراء يأتي بالنظر إلى «تفاعل هذا الخبر سياسيا بشكل أعاد إلى الأذهان ما جرى في أفغانستان وما حدث مؤخرا في مالي».. وأكد الرميد أن النيابة العامة في مدينة مراكش أصدرت، في وقت سابق، تعليمات للشرطة القضائية بالتحقيق في الموضوع، بالنظر إلى «الإيحاءات السلبية لمثل هذا الخبر على صورة المغرب في الخارج، باعتباره بلدا للاعتدال والتسامح، ليتضح أن الأمر مجرّدُ مزاعم كاذبة». إلى ذلك، كشفت الزيارة الميدانية التي نظمتها وزارة الاتصال، أول أمس، إلى موقع «ياغور» في جماعة تغدوين في الأطلس الكبير، أن النقوش الصخرية التي توجد هناك، والتي تعود إلى 8000 سنة، مازالت على حالها ولم تتعرض لأي عملية تدمير أو تخريب على يد «سلفيين»، كما ما تداولت ذلك عدد من وسائل الإعلام. وعاين الوفد الصحافيّ الذي رافق وزيرَ الاتصال، مصطفى الخلفي، النقوش الصخرية، وخاصة لوحة الشمس، دون أن تسجل أي علامات أو مظاهر تخريب، في حين أكد احد قاطني المدشر القريب منها أن هذه الآثار هيّ ملك لجميع المغاربة، وأن السكان يعتزّون بها وسيمنعون أي محاولة للمس بها. وصرح الخلفي، الذي حرص على معاينة جميع النقوش، أن «ادّعاءات قيام أشخاص بتدمير هذه النقوش بخلفية دينية مجردُ أكاذيب لا أساس لها من الصحة، وهو ما يتضح من خلال الزيارة». وردا على سؤال حول ما إذا كانت الحكومة ستلجأ إلى إجراءات موازية على خلفية الضجة التي أثارها هذا الخبر، بعد أن تم تداوله في وسال إعلام دولية، مما أعطى الانطباع بأن عدوى تدمير المآثر على يد متطرفين كما وقع في تونس وليبيا قد انتقلت إلى المغرب، قال الخلفي إن «هذه الزيارة أحسن جواب على مثل هذه الادّعاءات الزائفة»، وأشار إلى أنه يتعين التدقيق والتحلي بالمهنية في مثل هذا النوع من الأخبار التي تمسّ صورة المغرب، كما تمس الاستثناء الذي يميزه على المستوى الثقافي بصيانته لتراثه ولتعدديته. إلى ذلك، أكد إسمهري امحفوظ، الكاتب العامّ للجمعية المغربية للفن الصخري والباحث في التراث القديم في شمال إفريقيا، أن ما تم الترويج له من تدمير لهذه النقوش عارٍ من الصحة واعتبر أن هذه الزيارة الميدانية هي فرصة من أجل دعوة جميع الجهات المسؤولة إلى تفعيل «إعلان السمارة لحماية الفن الصخري»٬ الذي صدر في ختام اللقاء الذي عقد في 2010. وقد استغرقت الرحلة على متن مروحيات تابعة للدرك الملكي، انطلقت من قاعدة الرباط، حوالي ساعة ونصف للوصول إلى الموقع، الذي يوجد في جبال الأطلس الكبير، على ارتفاع 2800 متر عن سطح البحر وسط طقس شديد البرودة. وخلقت الزيارة حالة من الفضول والخوف لدى عدد من سكان المداشر، التي حلّقت فوقها المروحيات على علو منخفض وسط أحوال جوية سيئة، فيما بدا واضحا أن حضور رجال الدرك والسلطة إلى الموقع استباقا للزيارة الميدانية ساهم في منع سكان الدواوير المنتشرة على سفوح الجبال، والذين يعيشون في ظل ظروف صعبة، من الاقتراب من الموقع، الذي تُستغَلّ الأراضي القريبة منه في الرعي.