أسدل الستار، مساء أول أمس الأحد، على فعاليات النسخة الثانية من المهرجان الوطني للوتار المنظم بمدينة سطات بشراكة بين جمعية المغرب العميق لإحياء التراث ووزارة الثقافة وجامعة الحسن الأول، وبدعم من المجالس الجهوية الإقليمية وبلدية سطات، تحت شعار «انبعاث تراث». وكان المهرجان الذي يهدف إلى التعريف بالموروث الثقافي والمحافظة على التراث الغنائي المغربي، قد عرف على مدى ثلاثة أيام نشاطا مكثفا زاوج بين التكريم والفرجة والبحث العلمي عبر محطات مختلفة. وإذا كان المهرجان الوطني الأول للوتار، المنظم بمدينة ابن احمد عاصمة امزاب سنة 2010 قد كرم الشيخ محمد ولد قدور، أحد أعلام لوتار بالشاوية إلى جانب تكريم رائد مدرسة لوتار بالأطلس محمد رويشة، فإن المهرجان في نسخته الثانية شهد تكريم أشياخ آخرين يعتبرون من أعمدة العزف على هذه الآلة الشعبية، ويتعلق الأمر بالشيخ عويسة من عبدة، الذي اشتهر في السبعينيات من القرن الماضي بتطويره لآلة لوتار، بإضافة وتر ثالث إلى هذه الآلة التي لم يكن يتعدى عدد أوتارها الاثنين، والشيخ أوهاشم بوعزمة، وهو شاعر أمازيغي من الراشيدية يصاحب قصائده بالعزف على آلة لوتار، وكذلك الثنائي المشهور قشبال وزروال، اللذين طورا هذه الآلة من حصرها في الحلقة بالأسواق الشعبية إلى إشهارها لدى جماهير واسعة بفضل مواضيعهم المتنوعة المستوحاة من الحياة اليومية للمغاربة. ويعتبر مدير المهرجان، عبد الله الشخص، آلة لوتار مشتركا اجتماعيا موحدا لمختلف شرائح المجتمع المغربي من طنجة إلى الكويرة، على اعتبار وجود هذه الآلة في الصحراء والسهول والجبال بأسماء متعددة كلوتار، الهجهوج، الكنبري والسويسي، على الرغم من أن بعض الباحثين، خلال الندوة التي نظمت على هامش هذا المهرجان بكلية الحقوق بسطات، يرجعون أصل آلة لوتار أو شبيهها إلى صنعاء باليمن. ومن جهته، أفاد الشيخ محمد مغني أن المهرجان يكتسي أهميته ليس في العزف فقط، بل في التعارف بين الأشياخ عبر المدن المغربية وتلاقح الأذواق وتبادل التجارب بينها، متحسرا على وضعية الفنان الشعبي ككل الذي طاله التهميش بعد الانحسار الذي عرفه الحقل الفني، عكس ما كان عليه الأمر في زمن سابق كانت تنشط فيه الفرق في مناسبات وطنية مختلفة، مشيرا إلى أن بعض الفنانين كانوا يوفرون خلال مناسبة وطنية واحدة ما يكفيهم لعام كامل، وأبرز قصته مع الإنصاف والمصالحة ومطالبته بحقه في التعويض لما أصابه من اعتقال خلال السبعينيات حينما غنى بعض قصائده الأمازيغية ذات النفحة السياسية. وذكر عبد الرحيم رياب، مبدع سمفونية لوتار التي أدتها فرقته التي تفوق عشرين عازفا أغلبهم شباب لا تتعدى أعمارهم عشرين سنة، بأن هذه السمفونية، وهي عبارة عن كشكول من روائع الأغنية الشعبية مؤداة بلوتار، اشتغل عليها حوالي شهر بمدينة اسفي، والتي استهلها بعزف النشيد الوطني، هي إشارة إلى قدرة لوتار على تطويع جميع أنواع الموسيقى وتوظيف نغماتها المختلفة من جهة، ومن جهة أخرى فرصة تشجع على إحداث مدرسة للتكوين في هذه الآلة.