ما إن غادر الملك محمد السادس قاعة الجلسات العمومية بمجلس النواب، بعد أن أنهى خطابه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية، زوال يوم الجمعة الماضي، حتى غصت جنبات بهو مجلس النواب بالوزراء والبرلمانيين وعدد من المسؤولين، الذين تهافتوا على مختلف أنواع الحلويات المحشوة باللوز والجوز والشكلاطة، وكؤوس الشاي والعصائر، خاصة عصير الزنجبيل الذي لقي إقبالا كبيرا لكونه «فعال لأمراض البرد» بتعبير أحد البرلمانيين، فيما بدا مشهد البرلمانيين وهم يتهافتون على الحلوى كما لو أن البلد ضربته مجاعة. وقد تجمهر عدد من المواطنين أمام البوابة الخلفية لمجلس النواب، بعد مغادرة الملك محمد السادس مقر المجلس، في انتظار من يجود عليهم ببعض الحلويات، لكن المثير هو رفض أحد ممثلي الأمة أن يمنح أحدهم بعض الحلويات التي كان يحملها معه. في الجهة الأخرى من مقر البرلمان تربص عدد من المواطنين، الحاملين للطلبات والشكايات، ببعض المسؤولين. وما إن خرجت زليخة الناصري، مستشارة الملك محمد السادس، من البوابة الرئيسية للبرلمان، في اتجاه سيارتها بجانب نافورة حديقة شارع محمد الخامس، حتى تحلق حولها عدد من المواطنين لمدها بطلبات للحصول على عمل أو مأذونيات للنقل، وأخرى تتضمن شكايات وتظلمات. وردد بعضهم عبارات من قبيل: «الله يجازيك بيخير ألالة زليخة لما وصلي هادشي لسيدنا»، وعبارة «حنا عارفينك إنسانة طيبة ومتواضعة الله يرحم ليك الوالدين». بيد أن زليخة ناصري بدت صارمة في تعاطيها مع طلبات المواطنين، ورفضت بشكل قاطع أن تتسلم أي رسالة أو طلب. وردت قائلة: «ممنوع عليا نشد شي حاجة»، وطلبت منهم إرسال تلك الطلبات إلى القصر الملكي في اسم «جلالة الملك محمد السادس». وتمكنت زليخة الناصري من الوصول إلى سيارتها بصعوبة شديدة بعدما وجدت نفسها محاصرة بين المواطنين الذين رافقوها على طول الطريق الموصل إلى سيارتها. نفس الأمر سيحدث لإدريس الضحاك، الأمين العام للحكومة، الذي وجد نفسه محاصرا بعدد من المواطنين الذين أمطروه بالطلبات والشكايات. لكن الضحاك، عكس زليخة الناصري، لم يرفض أي رسالة، بل تسلم جميع الرسائل التي سلمت له. وقد وجد الضحاك نفسه في حرج شديد وسط عدد كبير من المواطنين، بعدما تاه عن سيارته الخاصة، حيث رافقه عدد من رجال الأمن في محاولة لإيجاد سائقه الخاص الذي تأخر في الوصول إلى بوابة البرلمان، مما استدعى صعوده إلى سيارة مسؤول آخر لتفادي تجمهر المواطنين، قبل أن يحضر السائق الخاص لإدريس الضحاك. وقد بدا الأمين العام للحكومة غاضبا في حديثه للسائق، خاصة بعد أن تحلق حوله المواطنون وبدؤوا يتدافعون من أجل تسليمه الرسائل.