يقر العديد من المتتبعين بوجود صعوبات قانونية لدى العائلات المغربية، وخصوصا منها الفقيرة، في كفالة الأطفال اليتامى أو المتخلى عنهم، رغم أن مؤسسات الرعاية الاجتماعية ودور الأيتام تعجّ بالمئات من هذه الشريحة. وأمام وجود قوانين تُعتبَر بالنسبة إلى البعض، وخصوصا الأجانب منهم «شبهَ معقدة»، يبقى هاجس هذه العائلات هو البحث عن فلذات أكباد مفترَضين، بطرق غير مشروعة، عن طريق التزوير في المحررات الرسمية ودفع رشاوى إلى أعوان السلطات المحلية والاستعانة بشهود زور، قصد تسجيل الأطفال المتخلى عنهم بنسبهم العائليّ، رغم تحريم القانون المغربي كفالة المواليد المتخلى عنهم بهذه الطريقة. ويسجل عدد من علماء الاجتماع والنفس أن بعض النساء يلجأن إلى العديد من «الحيّل» حتى لا تُكتشَف حقيقة تبنيهن أطفالا، بعدما تفقد المرأة الأمل في الإنجاب، حيث تغري العديد من العائلات أعوانَ السلطات المحلية والسماسرة قصد تضمين معطيات خاطئة والاستفادة من تسجيل الكفيل في الحالة المدنية بنسبها العائليّ دون إتباع الإجراءات التي تتطلبها المحاكم الابتدائية، بينما تلجأ بعض العائلات الأجنبية إلى إدخال أطفال متخلى عنهم إلى مدن سبتة ومليلية المحتلتين، حيث تساعد منظمات الرعاية الإسبانية في نقلهم إلى عائلات إسبانية قصد التكفل بهم. ورغم أن النيابة العامة تتصدى، بوسائلها القانونية المتاحة، لمحاولة وقوع للأطفال المتخلى عنهم بين أيدي من لا يتوفرون على شروط الكفالة، حيث تسهر المحاكم على تطبيق إجراءات محددة، تتمثل في مباشرة وكيل الملك، بعد العثورعلى الطفل المتخلى عنه، إيداعه دور مؤسسات الرعاية الاجتماعية والمنظمات المهتمة بالموضوع، وتتكفل النيابة العامة بإجراء بحث دقيق حول الطفل المهمل ويُنجَز له محضر في الموضوع، للتأكد من عدم وجود أبوين له أو وجود أمه فقط، بعدما أصبحت العديد من المراهقات والفتيات في سن الرشد يلجأن إلى عملية الوضع في ظروف غير قانونية ويتّخلّصن من فلذات أكبادهن في الشارع العامّ أو بالقرب مراكز الأمن للتخلص منهم، وهو ما دفع المشرّع المغربيّ إلى وضع قوانين صارمة لعدم وقوع مثل هؤلاء الرضع بين أيدي العائلات التي تمنح نسبها العائليّ لهذه الشريحة، ولوضع حد لشبكات الاتجار في الأطفال الرضع. وتعمَد العائلات المغربية إلى طرق ملتوية، عن طريق التوجه إلى القرى والمداشر البعيدة عن أعين المراقبة، وتحصل على مواليد بطرقها الخاصة، بعد الاستعانة بوثائق مزورة من لدُن أعوان السلطات المحلية بطرق تدليسية، حيث تقوم بتسجيل الابن في الحالة المدنية بنسبها العائليّ، إذ ما تزال العديد من العائلات المغربية في القرى النائية تجهل طرق الكفالة أو تريد التخلص من المولود لأسباب ما زالت من «الطابوهات»، حيث صارت هذه العائلات الراغبة في التكفل تتحايل على القانون. ونصّ المشرع المغربي على مجموعة من القوانين، التي تعهد إلى قاضٍ للتحقيق في المحاكم الابتدائية، متخصص في شؤون القاصرين، كما يقوم القاضي بهمة تتبع ومراقبة شؤون الطفل ومدى وفاء الكافل بالتزاماته، ويفرض عليه ما يرى أنه في مصلحة الطفل. ووضع القضاء عددا من الشروط الكفيلة بتبني الطفل اليتيم، من أهمها أن يكون الزوجان مسلمين ومرت، على الأقل، ثلاث سنوات على زواجهما، كما يجب عليهم استيفاء مجموعة من الشروط الأخرى، كبلوغ سن الرشد القانوني وأن يكونا صالحين للكفالة أخلاقيا واجتماعيا ولهما وسائل مادية كافية لتوفير متطلبات الطفل. كما تشترط العدالة ألا يكون قد سبق الحكم على الزوجين بعقوبات سالبة للحرية، كالجرائم الماسة بالأخلاق أو المرتكبة في حق الأطفال وأن يكونا سليمين صحيا من كل مرض أو مانع يحول دون القدرة على تربيتهم، ويشترط في أن تكون للعائلة عدم وجود نزاعات قضائية أو مشاكل أخرى مع عائلة الطفل المكفول به. وعلى الرغم من دور الجمعيات في التكفل بالأطفال المتخلى عنهم، تشترط المحكمة على هذه المؤسسات الأخرى تسليم الأطفال المتخلى عنهم بشروط، تتمثل في قدرة مؤسسة الرعاية الاجتماعية التوفر على صفة المنفعة العامة والتوفر على القدرات الأساسية في حماية الطفل المكفول به. ومن شروط العدالة التي تدفع العائلات الفقيرة إلى سلوك مساطر غير قانونية أنه في حالة تواجد عائلة ميسورة وأخرى فقيرة ترغبان في التكفل بنفس الطفل، تُعطى الأولوية للعائلة التي لا تتوفر على أطفال ولديها ظروف اجتماعية ومادية ملائمة قصد حماية المكفول. كما أنه لا يمنع من العائلات التي تتوفر على أطفال كفالة أطفال مهمَلين آخرين، شريطة استفادة هؤلاء من جميع الامتيازات التي تتوفر عليها العائلة، كما لا يمكن أن يتم كفالة شخص في عقده 12 إلا بموافقته الشخصية، بينما لا تشترط موافقة الطفل إذا كان الكفيل مؤسسة اجتماعية مكلفة برعاية الأطفال أو هيئة أو منظمة ذات طابع اجتماعي معروف بمنفعته العامة. ومن الوقائع المثيرة التي هزّت المجتمع المغربي لجوء النساء إلى تناول أدوية ل«نفخ البطن»، قصد إيهام أزواجهن بالحمل.. حيث تحصل على طفل غير شرعي، ويتم تبنيه دون علم الزوج، بعد أن ترفض مؤسسات الرعاية الاجتماعية منح الكفالة لمثل هذه العائلات، خصوصا منها التي تحمل سوابق قضائية في جرائم الأخلاق العامة أو اعتداءات الاغتصاب أو إلحاق عاهات مستديمة بالأطفال. وتبقى حدود الكفالة من منظور القانون المغربي هي القيام بعمل إنسانيّ يرمي إلى ضمان حياة اجتماعية سليمة للطفل المُتكفَّل به، دون اللجوء إلى منحه النسبَ العائليّ، والذي بموجبه يحصل على الإرث. وتبقى وضعية الطفل القاصر في مدونة الأسرة الجديدة غيرَ واضحة، حيث لم يعرّف القانون المغربي بوضعية الكفالة، إذ حل مفهوم موضوع الكفالة نسبيا بدل مفهوم التبني الشائع أكثر في المغرب، والمحرم شرعاً من خلال انتساب الطفل إلى العائلة التي تتكفل به، إلا أن نظام الكفالة أصبح اليوم يخضع لمجموعة من الأحكام حول كيفية حصول الكفيل على الطفل المتخلى عنه والمساطر التي يجب إتباعها، بتسجيله في الحالة المدنية قصد ضمان حماية قانونية للطفل وحقوقه القانونية، دون منحه نسب العائلة الكفيلة. وتعرَض العديد من القضايا على المحاكم، مرتبطة بالتزوير أو شهادة الزور في تسجيل المكفول بهم، في الحالة المدنية بنسبها العائلي إلى العائلة الكفيلة، حيث يتورط العديد من رجال السلطات المحلية في التوقيع على شواهد رسمية بمعطيات خاطئة.