تطوع مجموعة من شبان المدينة القديمة بابن سليمان، طيلة الأحد المنصرم، لتهيئة وتنظيف وترميم بناية آيلة للانهيار، تؤوي مجموعة من المقعدين والمكفوفين رفقة أسرهم الفقيرة، بعد أن أصبحت غرف وأكواخ تلك الأسر متعفنة، بلا أبواب ولا نوافذ واقية من البرد والأمطار وأشعة الشمس. وطالب الشبان بضرورة إغاثة هذه الفئة، وذلك بإعادة بناء ملجأ لهم يحميهم من خطر الانهيارات والتغيرات المناخية، وأكد الشبان الذين سبق لهم أن تطوعوا لتهيئة وتنظيف مقبرة المدينة من الأعشاب وقنينات الخمور والبلاستيك، أنهم مستعدون لتخصيص فترات شهرية أو دورية من أجل راحة المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة الذين لا حول لهم ولا قوة، مشيرين إلى أن معظمهم يعيشون مما يكسبونه يوميا من التسول، أو بعض المساعدات الهزيلة التي تصلهم بين الفينة والأخرى، مؤكدين أنهم في حالة يرثى لهم بسبب عدم قدرتهم على ترميم غرفهم وتوفير الأموال اللازمة لشراء الأدوية والأغطية اللازمة. وعاينت «المساء» البناية التي سبق أن تطرقت إلى وضعها الكارثي قبل ثلاث سنوات، حيث كتب على هذه الفئة المهمشة أن تعيش جحيم الفقر والمرض والنسيان داخل بناية لم تعد تصلح حتى لإيواء الماشية، إذ إن جدرانها متصدعة، تنهشها الرطوبة، وتتسرب من أسقفها الأمطار، كما لا تتوفر سوى على ثلاثة مراحيض جماعية متعفنة... لن تتوه وأنت تبحث عن تلك البناية المحاذية لسور الكولف المنزه، والتي تقابلك واجهتها الأمامية بباب أخضر اعتراه الصدأ، تحمل لوحتين خشبيتين مكتوب عليهما مقر جمعيتين، واحدة للمقعدين والمعطوبين تحمل اسم «الجمعية اليوسفية»، والثانية كتب عليها «فرع المنظمة العلوية لرعاية المكفوفين». وأكد أحد المتضررين أن الدعم الوحيد يأتي من مندوبية التعاون الوطني والعمالة. لكنهم غير مقتنعين بعملية التوزيع التي يشرف عليها مكتبا الجمعيتين، موضحا أن هناك تلاعبات في توزيع الدقيق والزيت، وباقي الدعم والهبات المفروض أن تصلهم من عدة جهات. وطالبوا بتشكيل لجنة من السلطات الإقليمية لإحصاء هذه الفئة وتمكينها من الهبات والدعم بالتساوي دون تمييز بينهم. ويشتكي سكان البناية المتصدعة مما يقع من إجرام بمحيط البناية، حيث أصبح ملاذا للمنحرفين ومدمني الخمر. وأصبحت أسرهم معرضة للسطو والاعتداء من طرف شباب يقضون الليالي الحمراء الصاخبة خلف جدرانهم المتصدعة. وكان وزير الداخلية الراحل إدريس البصري قد وضع نهاية التسعينيات الحجر الأساسي لبناء دار للعجزة المعوزين قرب مستوصف الحي المحمدي، إلا أن المشروع لم ير النور، كما أن المساحة التي كانت مخصصة للمشروع، تم السطو عليها من طرف المجلس البلدي ما قبل السابق، وتم توزيعها على بعض مستشاريه وموظفين بالعمالة وحاشيتهم. كما أن مشروعا آخر لإحداث دار للعجزة تم إجهاضه لأسباب ظلت غامضة، بعد أن بادر أحد العمال السابقين، محمد عسيلة، بوضع الحجر الأساسي لبنائها قرب دار الطالب.