سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عويطة: اعتزالي جاء متأخرا وزوجتي كانت أول من طلب مني التوقف قال إن كثيرين من أقاربه رفضوا قرار اعتزاله لأنهم تعودوا على الإنجازات الكبيرة التي كان يحققها
ظل البطل العالمي والأولمبي السابق سعيد عويطة يثير الجدل، سواء وهو عداء أو وهو مدير تقني أو بعدما أصبح محللا ل«الجزيرة الرياضية». عندما نجح عويطة في الفوز بذهبية ال5000 متر في أولمبياد لوس أنجلوس 1984، لم يتردد الملك الراحل الحسن الثاني في التأكيد، في خطاب رسمي له، على أن العالم يعرف المغرب بعويطة أكثر مما يعرفه بملكه. نقش عويطة اسمه في قلوب المغاربة، بل ونال لقب «الأسطورة» وهو يراكم الألقاب ويطيح بالكثير من الأرقام القياسيةالعالمية. في «كرسي الاعتراف»، يحكي عويطة ل«المساء» عن طفولته وعن الكيفية التي أصبح بفضلها عداء لا يشق له غبار، قبل أن يقرر الاعتزال؛ كما يحكي عن الكثير من المعارك التي خاضها فوق المضامير وخارجها، وعن علاقته بالملك الراحل الحسن الثاني وبوزراء الشباب والرياضة الذين عاصرهم، ويسرد أيضا قصة ارتباطه ب«الجزيرة الرياضية»، والكثير من الخبايا التي يكشفها لأول مرة. - ألم يمارس عليك وعدُك للحسن الثاني بإحراز ميداليتين ذهبيتين في أولمبياد سيول 1988 ضغطا إضافيا؟ لقد كنت متعودا على الضغوط، ولو لم تكن لدي القدرة على إحرازهما لما وعدت الملك الراحل الحسن الثاني بذلك؛ صحيح أنه طلب مني التركيز على سباق ال5000 متر، لكنني أقنعته بطريقة رياضية بأن لدي أحسن الأرقام، وأن هدفي أن أحرز ميداليتين للمغرب، وأن يضاعفهما ابراهيم بوطيب في مسافتي ال5 آلاف وال10 آلاف متر، ليحرز المغرب في النهاية أربع ميداليات. لقد فكرت في المجموعة أكثر مما فكرت في نفسي، وبالتالي لم يكن هناك أي ضغط إضافي علي، بقدر ما كان هناك إحساس بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقي؛ إلا أن إصابتي قبل الألعاب، بل وإجرائي سباق ال800 متر وأنا مصاب بشدٍّ عضلي هو ما حرمني من إحراز ميداليتين. - ألم تفكر في التوقف عن الجري بعد الإصابة التي تعرضت لها وفوتت عليك الفوز بميداليتين ذهبيتين في أولمبياد سيول؟ لا، لم يدر ذلك إطلاقا في ذهني خلال تلك المرحلة، بل إنني كنت مصرا على الاستمرار في المنافسة، وقد عدت بشكل قوي سنة 1989 وحطمت الرقم القياسي العالمي لسباق ال3 آلاف متر، واحتللت المركز الأول عالميا في سباق ال5 آلاف متر، كما فزت بالجائزة الكبرى، وشاركت في بطولة العالم داخل القاعة ببودابيست، حيث خضت سباق ال3 آلاف متر، كما كنت حاضرا في دورة الألعاب الفرانكفونية التي جرت بالمغرب، وخضت أيضا منافسات كأس العالم لألعاب القوى التي جرت ببرشلونة الإسبانية، حيث مثلت القارة الإفريقية. - ومتى أدركت أنك أصبحت قريبا من الانسحاب من المضامير؟ في سنة 1990 أمضيت موسما صعبا، فقد أجريت عمليتين جراحيتين، على خلفية مشكل في عضلات الفخذ. عمليا، انتهى مساري بعد هاتين العمليتين، وتوقفت عن التداريب لمدة، كما نصحني الأطباء بضرورة توخي الحذر وإلا ستتفاقم مشاكلي، لكنني مع ذلك كنت مصرا على الاستمرار. - في سنة 1991 شاركت في بطولة العالم بطوكيو حيث بزغ نجم نور الدين مرسلي، ولم تتمكن أنت من إحراز أية ميدالية؟ لقد شاركت في بطولة العالم بطوكيو، رغم أنني لم أكن جاهزا لأخوض المنافسات، إذ توقفت عن التداريب لمدة طويلة بفعل الإصابة، ولم أتهيأ بشكل جدي، وأصبحت أسير في خط تنازلي، في وقت كان فيه نور الدين مرسلي يسير في خط تصاعدي. وبالطبع، فكما أن هناك نقطة بداية هناك أيضا نقطة نهاية. توجهت إلى طوكيو من أجل هدف واحد هو إحراز ذهبية ال1500 متر، وقد أجريت السباقات التصفوية على نحو جيد، وفي السباق النهائي ظل التنافس منحصرا بيني وبين مرسلي، قبل أن أتخلى عن السباق وأواصله وأنا أمشي. - لماذا لم تواصل السباق عدوا رغم أنه كان بمقدورك إحراز المركز الثاني أو الثالث؟ لقد توجهت إلى طوكيو بهدف واحد هو إحراز الميدالية الذهبية والتغلب على الإصابة التي تعرضت لها، لكن لما لم أتمكن من ذلك تخليت وأكملت السباق مشيا فوق المضمار. - لكن زوجتك كانت قد طلبت منك عدم المشاركة في بطولة العالم بطوكيو وإعلان اعتزالك؟ طلبت مني ذلك فعلا، وكان رأيها أنه حان الوقت لأنسحب من المضامير، بفعل الإصابة التي تعرضت لها. لقد كانت صائبة في الكثير من آرائها، بل إن حدسها كان يجعلها دائما تتنبأ بالنتيجة التي سأحققها؛ لكنني رغم كل ذلك قررت المشاركة في دورة طوكيو. - حاولت المشاركة في أولمبياد برشلونة 1992؟ -- لقد شاركت بعد دورة طوكيو في ملتقى بروكسيل وفزت بسباق ال1500 متر، وحاولت العودة بعدها والمشاركة في أولمبياد برشلونة لتكون آخر مشاركة لي، لكنني لم أعط الراحة لساقي، وكان من الصعب علي بالتالي أن أعود إلى المضامير، وحينها قررت الاعتزال بشكل نهائي. - هل تتذكر آخر سباق شاركت فيه؟ لم أتوقف عن المشاركة مباشرة، فقط كانت لدي مع معلنين التزامات كان علي الوفاء بها، وشاركت أيضا في بعض السباقات من أجل جمع بعض المال؛ أما آخر سباق شاركت فيه فأتذكر أنه كان في البرازيل سنة 1993، وقد كان سباقا استعراضيا. - كيف تلقى المقربون منك قرار اعتزالك؟ لم يتقبل كثيرون اعتزالي، خصوصا وأنهم تعودوا على الإنجازات الكبيرة التي كنت أحققها، ولذلك كان القرار قاسيا بالنسبة إليهم، أما زوجتي فقد كانت ترغب في أن أعلن عنه قبل ذلك، خصوصا وأنها تعرف عني أدق التفاصيل، إلى جانب كونها رياضية بدورها، الأمر الذي أتاح لها استشعار لحظات صعودي ونزولي. - بعد الاعتزال، ما كانت وجهتك؟ لقد قررت الاستقرار في الولاياتالمتحدةالأمريكية، فألعاب القوى كانت قد جعلتني أنقطع عن دراستي، لذلك ظل هذا الأمر يطاردني وشكل لدي ما يشبه العقدة، فقررت بعد الاعتزال أن أعود إلى طاولات التحصيل العلمي، حيث واصلت دراستي في مجال إدارة الأعمال إلى أن حصلت على الماستر، علما بأنني كنت في السابق متخصصا في الأدب الإنجليزي. وقد كنت أعود إلى المغرب لقضاء العطلة فقط، علما بأنني سنة 1993 تسلمت الإدارة التقنية لجامعة ألعاب القوى باقتراح من الراحل الحسن الثاني، لكنني لم أقض بها مدة طويلة، إذ قررت المغادرة بعدما لم ترقني الكثير من الأشياء في الجامعة، والتي تتعارض مع مبادئي وتمثلي للأمور.