شكل تزامن إعلان تأسيس «رابطة كاتبات المغرب» مع المؤتمر الثامن عشر لاتحاد كتاب المغرب فرصة لتناسل الأسئلة حول الخلفيات الداعية إلى هذا الإعلان في هذا التوقيت بالذات: أهو مجرد مصادفة لا غير، أم تراها مصادفة مدروسة تم تدبيرها حتى يأخذ هذا الحدث مداه مع «الدخول الثقافي» الجديد؟.. وبغضّ النظر عن النوايا والغايات، فإن آمالا عراضا قد تعلق على ولادة هذا الإطار الوليد، الذي سيهتم بالكاتبات وب»فعل الكتابة» في بلادنا، ضمن مشهد متنوع وملتبس في آن. وقد كان من الممكن تجاوز المصادرات الجاهزة، التي لم تقرأ في هذه الإشارة الجميلة سوى «مؤامرة» صغيرة، خاصة أن «الداعيات» إلى الرابطة والمسؤولات في مكتبها المسيّر كاتبات وصحافيات لهن حضورهن المستحَقّ ولهن من الإمكانات ما يجعلهن في مستوى المهمة التي ندبن أنفسهن إليها، لولا أن بعض الحماس في الأقوال والأفعال، وهو مشروع على أي حال، كان من شأنه التشويش على التجربة وهي في طورها البدئي.. ففضلا على الربط بين الحدثين (حدث المؤتمر وحدث التأسيس) الذي جعل من ثانيهما متواريا إلى الهامش، كانت تصريحات بعض المنتسبات غير محسوبة، ليُزكّين، عن قصد أو دونه، مظنة أن شيئا ما كان يُبيَّت في الظلام (حتى ولو لم يكن).. وإلا فما معنى أن يتضمن «بيان التأسيس» إيحاء إلى الكاتبات الراغبات في الانضمام إلى الرابطة أن عليهن الهروب من «بيت الطاعة»، الذي هو «اتحاد الكتاب»، وما على أي مستاءة من «الاتحاد» إلا اللجوء إلى «الرابطة»؟.. صحيح أن هذا الكلام اتخذ طابعا تلميحيا، ولكنه لا يخلو من غمز ولمز، شبيه، إلى حد ما، بما ورد في تلك الرسالة التاريخية التي وجهها ألان بوسكي لسولجنستين، الهارب من الشرق إلى الغرب، في أوج الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدةالأمريكية، واصفا إياه بالمنشق الفار من «الجحيم» إلى «جهنم».. والحال أن «الاتحاد» و»الرابطة» هما «حال بحال»، لكنهما ليسا سجنا ولا ينبغي لهما أن يكونا.. ثم من قال «إنّ ما حققته المرأة المغربية للإبداع المغربي على مستوى الكتابة الفنية والرؤية الجمالية والوجودية، من حضور نوعيّ -والكلام للكاتبة عزيزة احضية عمر- ما يزال، إلى حد ما، بعيدا عن الاهتمام المسؤول وما تستحقه المرأة المغربية من اهتمام بأفق الكتابة لديها»؟ الا يكون الدفع بعكس ذلك، في واقع نالت فيه بعضهن أضعافَ ما تستحقه لغير ما سبب وجيه؟.. وعلى فرض صحة هذا الزعم، ما المانع في أن يتم تثمين الإبداع النسائي من طرف النساء أنفسهن، وفيهن من داخل الرابطة وخارجها ناقدات وأكاديميات وصحافيات محترمات؟ أليس في هذه الذرائع ما يصعّب المهام على أعضاء هذه الهيئة ما دامت المسألة تتجاوز الاتحادات والروابط والوزارات حتى؟ ألا يُخشى أن تُفهَم «المناصفة» على أنها «مناسفة» ترسم الحدود الإسمنتية بين الكتاب «الذكوريين»، من جهة، والكاتبات «النسوانيات»، من جهة أخرى، في اصطفافات لا تخدم الكتابة أصلا؟ وما معنى أن «مكتب الرابطة سيتشكل من الكاتبات الحاضرات (كذا) وكل الكاتبات المتواجدات في الساحة بدون استثناء أو إقصاء، من المُؤسسات لرابطة كاتبات المغرب ومن المقاطِعات لاتحاد الكتاب، واللواتي أخذن مساحة منه، واللواتي اخترن العطاء خارج هذا الإطار»؟.. ألا يحق لكاتبة عضو في «الاتحاد» الانضمام إلى الرابطة؟.. وهل صحيح أننا نملك هذا العدد من الكاتبات (وهن وفق اللائحة الأولى 285، كما جاء في بيان طلبات العضوية)؟ فما أسعدنا لو صحّ العدد... وهل قبول العضوية، كيفما كانت طالبتها، في صالح الرابطة أصلا؟ أليس في ذلك مجازفة بإغراقها بأسماء لا وزن لها ولا طعم ولا لون؟ وهل من حق الكتاب الذكور طلب العضوية في هذه الجمعية دونما وقوع في التنافي؟ ألا تكرر الرابطة بهذه المساعى الأخطاءَ ذاتَها التي قد تعيبها على ما سواها؟ ولمَ غاب على مستشاراتها التسع، وهن يقسمن المهام والاختصاصات، وضع «الكتابة باللغة العربية» ضمن روزنامة «تنزيل الدستور الجديد»؟.. عفوا، صديقاتي العزيزات، مشروعكن واعد ويستحق التهنئة، لكن «البيان» كان متسرعا، ما لم نقل مرتبكا بعض الشيء، قياسا إلى قيمة صاحباته المتمرسات بالكتابة والإبداع..