سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مريزيقة: مجلس الجالية منشغل بالتبذير المادي وبمشاريع لا علاقة لها باحتياجات المهاجرين قال إن مهاجرين حاولوا الاستثمار في المغرب فأصبحوا «مجرجرين» أمام المحاكم
قال محمد مريزيقة، رئيس جمعية «مهاجر»، إن الجانب الانتفاعي والأمني هو العلامة البارزة والمهيمنة في تعامل السلطات الرسمية مع الجالية المغربية المقيمة في المهجر، ذلك أن تحويلات العملات الصعبة تلعب دورا أساسيا في هيكلة جميع السياسات الوطنية، مع انعدام أية سياسة عمومية جادة ترمي إلى تأطير وتقييم وتحسين هذه الهجرة. وذكر مريزيقة، في حوار أجرته معه «المساء» في باريس، أن عمالنا المقيمين بالخارج ما زالوا مصدرا هاما لتحويل العملات إلى الوطن، فقد حولوا أكثر من 54 مليار درهم بين سنتي 2011 و 2012. - كيف تنظرون إلى هجرة المغاربة نحو فرنسا؟ هذا سؤال شائك، لأن تاريخ هذه الهجرة يرجع عهده إلى نصف قرن من الزمن، وهذه الهجرة تدخل اليوم ضمن استمرارية على المدى البعيد ما دامت فكرة الرجوع إلى الوطن غير واردة لدى عدد من المغاربة المقيمين بالخارج، خصوصا الشباب منهم. وعمق المشكل يتجلى في انعدام أية سياسة عمومية جادة ترمي إلى تأطير وتقييم وتحسين هذه الهجرة. فالجانب الانتفاعي والأمني هو العلامة البارزة والمهيمنة على هذه الظاهرة، ذلك أن تحويلات العملات الصعبة تلعب دورا أساسيا في هيكلة جميع السياسات الوطنية، كما أن الخوف من المد الإسلامي بين صفوف المهاجرين هو من يحدد هذه السياسة. فالمجال الديني هو المجال الذي بذلت فيه الدولة المغربية جهودا جبارة. والمعركة المعلنة حول السيطرة على هذا المجال، أججت الصراع بين الجزائر وتركيا والمغرب، مما جعل هذا الأخير يسارع إلى تأطير وتموين جمعيات ثقافية مغربية عدة. والخلاصة هي أن جاليتنا المقيمة بالخارج، قد دخلت مرحلة جديدة من تاريخها بفضل التطورات السوسيولوجية والسياسية التي عرفتها على امتداد 15 سنة، بحيث إنها صارت اليوم أكثر مطالبة ووعيا بحقوقها وبطبيعة العلاقة التي تربطها بالمغرب. غير أن المنظمات غير الحقوقية التي تنضوي تحتها هذه الجالية، ليست بعد في المستوى المرغوب الذي يؤهلها للمطالبة بحقوقها بالكيفية الفعالة والناجعة سواء في فرنسا أو في المغرب أو غيرهما من البلدان. ولتسهيل بروز جالية مغربية قوية ونافذة، فإنه لا مناص من السعي إلى إنشاء منظمات غير حكومية قوية ومؤطرة ومهيكلة بشكل أفضل. وهذا بالذات ما نفتقده اليوم ويشكل بالتالي عائقا وفراغا كبيرين. غير أن التشبيب الذي أصبح يميز هذه الجالية، قد يدفع مستقبلا إلى الإسهام في تطور أحسن. - ما هي المشاكل التي تقف حجر عثرة أمام الجالية؟ إن جاليتنا في الخارج تتميز بالتعدد والتنوع، يشهد على ذلك انتظاراتها وتطلعاتها التي تعكس ذلك بجلاء. بيد أن هنالك مشاكل تتكرر بحدة وينبغي الانكباب عليها وإيلاؤها اهتماما زائدا. نسوق من بينها بعجالة وعلى سبيل المثال: أ تلقين التعليم واللغة الأم للأبناء. إن هذا التعليم ليس في مستوى تطلعات المهاجرين بتاتا، ذلك أن الطلب يفوق العرض بكثير. والدولة المغربية تحاول طوال أكثر من ثلاثين سنة مواجهة المشكل، ورغم المجهودات التي تبذلها مؤسسة الحسن الثاني في هذا المضمار، فإن المشكل يبقى قائما بشكل كلي، مما يدفع الناس إلى التوجه أكثر فأكثر نحو الجمعيات والمساجد لتلقين أبنائهم الثقافة المغربية ولغة الوطن. صحيح أن المدارس الخاصة تتناسل في باريس وضواحيها بشكل مربح لأصحابها، ولكنها لا تسد الحاجيات الكثيرة سوى بشكل جزئي. ب التمثيلية السياسية والمؤسساتية للمهاجرين المغاربة: إنها معضلة الساعة والموضوع الكبير والعريض الذي تدور حوله اليوم كثير من النقاشات. المغرب من جهته، يلجأ دائما إلى تبريرات مختلفة (سياسية ولوجستيكية وأمنية ) لمعارضة أو تأخير الاستحقاقات. وقد وضع خطاب الملك في شهر نونبر 2005 الخطوط العريضة لتمثيلية المهاجرين في الغرفة الأولى بالبرلمان المغربي. غير أنه بعد مرور سبع سنوات على ذلك التاريخ، بقيت دار لقمان على حالها. أما دستور 2011، فقد خصص خمسة بنود لجاليتنا المقيمة بالخارج، ولكن القوانين التنظيمية الكفيلة بتفعيل ذلك لم تر النور بعد. وجاء خطاب 20 غشت 2012 ليفتح في وجهنا مرة أخرى آفاقا جديدة. كما أن هنالك احتمالا بإشراك المهاجرين في مختلف المجالس المتوقع إنشاؤها من طرف الدستور الجديد على خلفية إصلاح المجلس الاستشاري للمغاربة المقيمين بالخارج. والمستقبل القريب هو وحده الكفيل بإظهار ما إذا كانت هذه الوعود جادة وقابلة للإنجاز، أم أنها مجرد سراب... ج الاستثمار يمثل عمالنا المقيمون بالخارج مصدرا هاما لتحويل العملات إلى الوطن، فقد حولوا أكثر من 54 مليار درهم بين سنتي 2011 2012. ويوجد من بينهم من يحملون مشاريع وأفكارا هامة للاستثمار، غير أن هذه النوايا الحسنة، كثيرا ما تصطدم بمعوقات لا حصر لها، من قبيل الرشوة والشطط في استعمال السلطة. أما بعض من ركب مغامرة الاستثمار في أرض الوطن، فهو اليوم «مجرجر» أمام محاكم المملكة بسبب تعرضه للنصب والاحتيال، هذا دون الخوض في العقبات والمتاعب الإدارية المختلفة التي تجعل كل مجهوداتهم تذهب أدراج الرياح. د الحالة الاقتصادية والاجتماعية التي يوجد عليها البلد المضيف أصبحت الوضعية الاجتماعية في فرنسا متوترة جدا... فالأزمة الاقتصادية وتفشي البطالة واستشراء العنصرية كلها عوامل تصيب عمالنا المهاجرين في الصميم، بحيث إنها تحد من قدراتهم الشرائية وتفرض عليهم عدم تحويل العملات إلى بلدهم. - ما مكانة النساء المهاجرات في المجتمع الفرنسي، وأي خَلَف تشكله بناتهن في إطار رؤية واضحة للمستقبل؟ تحتل المرأة المغربية في المهجر مكانة أصبحت تتميز بالحركية والوضوح أكثر فأكثر. فالتطور الحاصل في وضعيتها ودورها أصبح ملموسا في صورتها السوسيولوجية (صغر سنها ومستواها التعليمي الرفيع) وفي علاقتها مع الرجل المهاجر (زوجها، أخوها، والدها). إن هذه الوضعية تبدو في تطور مستمر يتجه نحو مزيد من الاستقلالية. والمدونة لا تفسر سوى قسط يسير من هذا التطور. كما أن هنالك عوامل أخرى ينبغي أخذها بعين الاعتبار، منها مثلا عامل التشبيب ومستوى التمدرس الذي أصبح مرتفعا مقارنة مع ما كان عليه في الماضي. لقد باتت المرأة تشكل خمسين في المائة من الجالية المهاجرة إلى الخارج، الشيء الذي قلب المعطيات القديمة رأسا على عقب. فالهجرة التي كانت ذكورية في الأساس، قد «تأنثت» اليوم. وقد أوضحت دراسة أخرى قام بها بين شهري ماي وأكتوبر 2010 كل من محمد بوندي وحسن عربي تحت عنوان «المرأة المغربية في الجالية المستقلة بمدريد، حضور ومشاركة اجتماعية»، أن 83 في المائة من المهاجرات المغربيات يعشن بكيفية قانونية في مدريد ويتحدرن في معظمهن من الشمال المغربي (46 في المائة). وحسب نفس الدراسة، فإن 45 في المائة من هؤلاء النساء تتراوح أعمارهن بين 30 و 39 سنة. كما أن 58 في المائة منهن يفضلن العيش مستقلات بدون ربط مصيرهن بالرجال، وذلك طمعا في حرية تخول لهن إما البحث عن فرص أوفر للشغل وإما مساعدة أسرهن في المغرب بدون أية إكراهات. - ما هي العلاقات التي تقيمونها مع الفاعلين المدنيين المغاربة والفرنسيين؟ تتميز الحركة الجمعوية للمغاربة المقيمين بالخارج بفراغ كبير يتجلى في عدم قدرتها على ربط علاقات ثابتة مع محيطها المؤسساتي المحلي (العمادة، المقاطعة، المدرسة) وكذا عجزها عن العمل جنبا إلى جنب مع المجتمع المدني على العموم. وتبقى هذه الحركة تابعة في جوهرها للسلطات الوطنية المتمثلة في القنصليات. وقد فطنت جمعيتنا سريعا إلى جدوى العمل المشترك وفائدة التقرب من المنتخبين وأصحاب القرار المحليين. وفي هذا الإطار، بادرت إلى ربط علاقات متينة ودائمة مع المنظمات غير الحكومية، الشيء الذي أكسبها على الصعيد المحلي صورة جد إيجابية. أما مع المغرب، فإن علاقاتها طيبة كذلك، بحيث إنها تنبني على الشفافية والحرية وترتكز على الدفاع عن مصالح وقضايا البلاد مع تطوير حقوق المهاجرين. - ما هي الوسيلة التي ينبغي اتخاذها لمواجهة تفشي الخوف من الإسلام؟ (الإسلامفوبيا) بدأت هذه الظاهرة تأخذ أبعادا مقلقة في الدول الأوربية عموما، إذ لم تعد موسمية وتتأجج في الفترات الانتخابية وحدها، كما أنها لم تعد حكرا على أحزاب يمينية كالجبهة الوطنية، ولا على شخصيات متطرفة معروفة، وإنما صارت تتكرر بكثرة وتتسم بكثير من العنف. فعدد الأحداث العنصرية من قبيل الاعتداءات على أماكن العبادة واستباحة حرمة المقابر، والاستفزازات، ومظاهر العنصرية الأخرى، أصبحت كلها في تصاعد مستمر. إن جمعيتنا تبذل قصارى جهدها لمحاربة هذه الظاهرة المقيتة و لا تكل من التحذير من تداعياتها. أما المركز الفرنسي للجالية المغربية، فعليه أن يقوم بدور محوري في هذا المجال، كما أن من واجبه أن يعمل ويناضل لمحو هذه الظاهرة المتفشية في المجتمع الفرنسي. وعلى الدولة الفرنسية كذلك أن تتحمل مسؤولياتها المتمثلة في إقرار الأمن واتخاذ تدابير حاسمة تضمن للمسلمين من خلالها ممارسة شعائرهم الدينية في أحسن الظروف، كما أن عليها أن تتخذ جميع التدابير الوقائية وتبادر بتقديم المتورطين في الأعمال العنصرية إلى العدالة. وتجب الإشارة هنا إلى الدور البغيض الذي تلعبه بعض المنابر الإعلامية والفصائل الحزبية في تأجيج هذه الظاهرة المرفوضة. كما أنه يجدر التذكير بعجز المثقفين المسلمين والعرب عن ممارسة حقهم في الرد الناجع والفعال للتنديد بهذه الظاهرة، وذلك عبر إبراز التناقضات الحاصلة، مع تقديم الشروحات والتوضيحات الضرورية لرفع اللبس وإبادة الغموض المتسببين في تشويه صورة الإسلام والمسلمين. - ما رأيكم في المؤسسات الممثلة للجالية؟ تشكو الجالية المغربية من نقص كبير في التمثيل. فقد عجز المجلس الاستشاري للمغاربة المقيمين بالخارج عن القيام بالدور المنوط به. وعلى عكس ما كان ينتظر منه، انخرط منذ تأسيسه سنة 2007 في دوامة من التبذير المادي المؤسف مع إطلاق تصريحات متناقضة، ومباشرة مشاريع لا علاقة لها إطلاقا بشؤون واحتياجات المهاجرين، وهذا ما جعله بالتالي يفقد في أعيننا كل مصداقية. إن المهاجرين المغاربة يفتقدون لكل تمثيلية جادة وفعالة في المجالس الإدارية للمؤسسات الوطنية كالأبناك، والمؤسسات الاجتماعية، والمجالس الاقتصادية والاجتماعية وغيرها ... فتعدد المجالس والمؤسسات الموكل إليها معالجة شؤون المهاجرين، تطرح مشكلا عويصا على مستوى التواصل، والفعالية، والجواب إلى انتظارات وحاجيات المهاجرين الحقيقية. ونحن ننتظر من الحكومة الحالية أن تفعل ما جاء في خطاب الملك في 20 غشت 2011، وكذا ما طرحه الدستور الجديد من مقتضيات تهم المهاجرين المغاربة. - كيف تعالجون المشاكل المرتبطة بوفاة المهاجرين وترحيل جثامينهم؟ إنه لمشكل قديم لازال قائما إلى الآن. فالعديد من المهاجرين ليس لهم تأمين يدخل فيه ترحيل جثمانهم إلى المغرب في حالة الوفاة، وهذا ما يضع أمام أسرهم كثيرا من المشاكل المعقدة المتمثلة في إقامة الجنائز وتوفير تكلفة الترحيل. في مثل هذه الحالات، تلجأ جمعية «مهاجر» إلى جمع التبرعات والهبات التي يقدمها بعض المحسنين تضامنا مع إخوانهم، والأولوية تعطى للفقراء طبعا. وفي هذا السياق، نرى أن تخصيص مربعات لدفن المسلمين في المقابر البلدية الفرنسية قد يساهم في إيجاد حل لهذا المشكل الكبير. كما أن العديد من المغاربة المقيمين بالخارج ممن ازدادوا بالديار الفرنسية قد باتوا يفضلون هذه الصيغة نظرا لعدة أسباب أهمها إقامتهم الدائمة بفرنسا، وهذا ما سيساهم كذلك في الحد من ترحيل الجثامين إلى المغرب. وقد صرح الوزير المكلف بالجالية باتخاذ إجراء سيهدف إلى التكفل بترحيل جثامين الفقراء من المهاجرين، غير أن هذا الإجراء يبقى معقدا وعصيا عن التطبيق في الظروف الزمنية التي تفرضها الوضعية. إن جمعيتنا تجد عادة أذنا صاغية ودعما كبيرا من مؤسسة الحسن الثاني. وترجع آخر حالة عولجت في هذا المضمار إلى تاريخ 30 غشت من السنة الجارية.
نبذة حول جمعية «مهاجر» أُنشئت جمعية «مهاجر» في شهر دجنبر من سنة 1999 بهدف تقديم المساعدة والدعم الضروريين (الدعم المدرسي، الإجراءات الإدارية، الدفاع عن المصالح، تثمين الحقوق الثقافية) للمهاجرين في فرنسا بدون تمييز في الأصل والديانات. هذه الفلسفة وهذا التوجه جعلا من جمعية «مهاجر» جمعية تفرض نفسها على الصعيد المحلي كمجال للتواصل والنقاش وتبادل الأفكار. وبالتدرج، استطاعت هذه الجمعية أن توسع نشاطها الوطني والدولي (تماشيا مع التطورات الحاصلة)، إلى مجالات هي في غاية الأهمية والتنوع، منها مثلا: تنظيم المحاضرات، إنشاء موقع على الشبكة العنكبوتية (بنك للمعلومات حول الهجرة) إنشاء تجمع دولي منصهر في سنتي 2007 و 2010 ، إصدار دار للنشر تهتم بإبداعات جاليتنا في الخارج. وتزاوج هذا النشاط الثقافي مع نشاط اجتماعي وتضامني يشتمل على توزيع أكياس تحتوي على وجبات غذائية، وكذا مساعدة على التطبيب لفائدة المغاربة المعوزين، وترحيل جثامين المتوفين منهم إلى الوطن الأم. وإلى حدود اليوم، فإن قدرة التعبئة لدى جمعية «المهاجر» تصل إلى 250 شخص عند كل مظاهرة، أما عدد المنخرطين فيها فيتجاوز المائة.