أبرز عدد من الباحثين خلال ندوة يوم السبت بطنجة أن الهجرة المغربية نحو الخارج شهدت تحولات عديدة على المستويين الثقافي والاجتماعي خلال العقود القليلة الماضية. وأوضح المشاركون خلال ندوة «»الهجرة : الإسهامات والتبادل الثقافي»», المقامة في إطار المهرجان المتوسطي الخامس للثقافة الأمازيغية أن طبيعة الجالية المغربية تطورت على مر السنين واتسعت رقعة انتشارها واندماجها الثقافي مع مجتمعات الاستقبال. وفي هذا الإطار سجل رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج إدريس اليزمي مجموعة من التحولات الأساسية للهجرة بالخارج خلال العشرين سنة الماضية من خلال استطلاع الآراء الذي قام به المجلس مؤخرا وسط عينة من3 آلاف شخص من الجالية المغربية المقيمة بأوربا. وعلى مستوى النمو الديموغرافي أبرز أن عدد المغاربة المقيمين بالخارج المسجلين لدى القنصليات ارتفع من أزيد من مليون و300 ألف شخص منتصف التسعينات إلى أزيد من3 ملايين و400 ألف مغربي خلال سنة 2005 . وبعد أن أشار إلى أن نمو الجالية المغربية بالخارج خلال هذه المدة القصيرة يعتبر بمثابة مفارقة خصوصا وأن عددا من بلدان الاستقبال اتبعت سياسة حمائية للحد من الهجرة اعتبر أن الرقم المعلن لم يأخذ بعين الاعتبار المهاجرين غير الشرعيين والقاصرين غير المسجلين لدى القنصليات. ولاحظ أن رقعة انتشار المهاجرين المغاربة عبر العالم قد بدأت تتسع بالرغم من استقبال أوربا لحوالي 80 بالمائة, فإن جالية مهمة قد بدأت تستقر بالولايات المتحدة وكندا والبلدان العربية مع اتجاه الهجرة أكثر نحو التأنيث نتيجة قوانين التجمع العائلي وظهور مهاجرين من الجيلين الثاني والثالث. وبالرغم من احتفاظ الجالية المغربية بعلاقات متينة مع الوطن الأم أكد اليزمي أن مسلسل اندماج المغاربة في مجتمع الاستقبال أصبح سريعا مع ظهور الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين وشيخوخة الجيل الأول وهو ما تشير إليه عدد من المؤشرات من قبيل ارتفاع طلبات الحصول على جنسية البلد المضيف وارتفاع نشاط المجتمع المدني بالخارج. وتناول الباحث الجامعي ميمون عزيزة الآثار الاجتماعية والثقافية للهجرة على مستوى القرى بمنطقة الريف, مبرزا في هذا الإطار أن الهجرة دفعت بالعديد من الأسر إلى تغيير نمط عيشها من خدمة الأرض إلى الاعتماد على تحويلات المهاجرين. واعتبر أن هجرة أب الأسرة خلق بعض «»الاختلالات»» على مستوى التنظيم الأسري بالمنطقة بالرغم من الوجود القديم لثقافة الهجرة بقرى الريف التي اشتهر رجالها بالهجرة للعمل في البلدان المجاورة و في أوربا. كما تطرق عدد من المتدخلين إلى تمظهرات تأثير الثقافة المغربية على الفنانين والأدباء المقيمين بالمهجر من خلال الاعتماد على رموز محلية في إبداع لوحات فنية أو تأليف روايات أو تصوير شرائط سينمائية. وقد دعا المشاركون خلال هذه الندوة إلى ضرورة تبني رؤية ثقافية واضحة خلال السنوات المقبلة من اجل دعم الحضور الثقافي المغربي بالخارج والاستجابة إلى انتظارات الأجيال الجديدة من المهاجرين الراغبين في الحفاظ على علاقاتهم المتينة بالوطن الأم والحد من تأثير ثقافات الاستقطاب الدخيلة. وتم خلال هذه الندوة عرض شريطين وثائقيين حول موضوع الهجرة, إذ يحكي شريط «»الجذور تحيى»», لمخرجته سناء صلو»», إشكالية الاندماج في مجتمعات الاستقبال بينما يتناول شريط «»ذاكرة الهجرة المغربية بهولندا»», المنجز من طرف جمعية «»ذاكرة بهولندا»» هجرة آلاف المغربية نحو هولاندا بين سنتي 1965 و1975.