أفلح عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، على مائدة عشاء «تقشفي»، على حد وصف مصدر حكومي، في إطفاء النيران التي أشعلها وزيره للعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الحبيب الشوباني، في جسد الحكومة بعد أن وضع وزراء من الأغلبية الحكومية في لائحة «أكبر المتغيبين» عن جلسات البرلمان. فقد كشف مصدر حكومي مطلع ل«المساء» أن بنكيران تمكن، مساء أول أمس خلال استضافته للفريق الحكومي الذي يقوده في مقر إقامته بالرباط، من امتصاصِ غضب وزرائه وتجاوزِ الأزمة الجديدة التي تمر منها الأغلبية الحكومية بسبب التقرير الذي قدمه الشوباني والذي وضع فيه كلا من امحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، وعزيز أخنوش وعبد العزيز الرباح وعبد الواحد سهيل ومصطفى الرميد وأحمد التوفيق ونجيب بوليف ومحمد أوزين ولحسن حداد ومحمد الوفا في لائحة الوزراء الأكثر غيابا عن جلسات المؤسسة التشريعية. وحسب المصدر الحكومي، فقد عمل رئيس الحكومة بالمثل القائل «الاختلاف لا يفسد للود قضية»، داعيا -بطريقته- فريقه إلى تجاوز «الجزئيات» التي يمكن معالجتها في المستقبل، وعدم إعطاء بعض القضايا أكثر من حجمها»، والتركيز على التوجهات الكبرى والأولويات التي تتفق عليها الأغلبية الحكومية الحالية. وكشف المصدر ذاته أن الاجتماع غير الرسمي للحكومة مرّ في أجواء عادية، على خلاف الأجواء التي كانت تخيم قبل انعقاده، حيث كانت تسود حالة من «الاستنفار» و«الغليان» في صفوف الحكومة والأغلبية، ترجمتها التصريحات والردود القوية التي أطلقها كل من الوزير الحركي محمد أوزين والوزير عزيز أخنوش في حق الشوباني؛ كما طرحت عدة تساؤلات حول مدى انسجام التحالف الحكومي وتماسكه. وكان التقرير الذي قدمه الشوباني حول غيابات الوزراء في البرلمان خلال السنة الأولى من الولاية التشريعية قد أثار ردود فعل غاضبة من بعض الوزراء، تعكس غياب الانسجام بين أحزاب الأغلبية وتؤشّر على تصدُّع مُحتمل للحكومة. وكان الحركي أوزين قد قال، في اتصال أجرته معه «المساء»، إن «ما قام به الشوباني عمل لاأخلاقي»، متهما إياه ب«الضلال». من جهة أخرى، شهد اجتماع بنكيران بالطاقم الحكومي، الذي كان قد دعي إليه على عجل ودون تحديد جدول أعمال، مناقشة العديد من القضايا ذات الأولوية، في مقدمتها التنسيق الحكومي وقانون التعيين في المناصب السامية الذي ما زال مثار خلاف داخل الحكومة، والاستحقاقات الانتخابية القادمة، وورش الجهوية، فضلا عن الاستحقاقات الانتخابية القادمة التي ينتظر أن يطلق رئيس الحكومة المشاورات بشأنها خلال الأيام المقبلة. وفيما أكدت نقاشات الحكومة على ضرورة الإسراع بإماطة اللثام عن الأجندة الانتخابية ومشروع الجهوية لتوضيح الرؤية أمام الرأي العام، أشار مصدر حكومي إلى أن الحكومة تداولات كذلك في التعديلات التي أدخلتها «الهاكا» على دفاتر التحملات، دون أن يرشح أي شيء عن الموقف الحكومي من تلك التعديلات. إلى ذلك، نقلت حكومة بنكيران خلافها حول ما بات يعرف بقانون «ما للملك وما لبنكيران» من المجلس الحكومي إلى اجتماعها غير الرسمي المنعقد مساء أول أمس، حيث بحثت سبل الخروج من مأزق المرسوم التطبيقي لقانون التعيين في المناصب السامية، بعد أن وصلت النقاشات داخل المجلس الحكومي إلى الباب المسدود في ظل انقسام المجلس بين دعاة التمسك بتعيين فرق عملهم من أطر يعرفونها، وبين المتمسكين بالتطبيق الحرفي لنص الفصل 92 من الدستور الذي ينص على مبدأ الكفاءة والمساواة في تقلد المناصب. وقد كشف عبد العظيم الكروج، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، في اتصال أجرته معه «المساء»، أن الحكومة تمكنت من الحسم في مبدأين رئيسيين ينطلق منهما مشروع المرسوم التطبيقي هما: «فتح باب الترشيحات وإحداث لجنة دراسة الترشيحات»، فيما بقيت قضايا ذات طابع تقني سيحسم فيها خلال بضعة أيام، مشيرا إلى أن هناك حرصا على إحداث توازن بين سلطة الوزير المسؤول عن السياسة العمومية داخل قطاعه وبين المعايير المنصوص عليها في الدستور والقانون التنظيمي.