حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    المغرب التطواني يفوز على مضيفه اتحاد طنجة (2-1)    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    الإمارات: المنتخب المغربي يفوز بكأسي البطولة العربية ال43 للغولف بعجمان    الوزير بنسعيد يترأس بتطوان لقاء تواصليا مع منتخبي الأصالة والمعاصرة    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    وسط حضور بارز..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تخلد الذكرى الستين لتشييد المسجد الكبير بالعاصمة السنغالية داكار    الجزائر تعتقل كاتبا إثر تصريحاته التي اتهم فيها الاستعمار الفرنسي باقتطاع أراض مغربية لصالح الجزائر    مكتب "بنخضرة" يتوقع إنشاء السلطة العليا لمشروع أنبوب الغاز نيجيريا- المغرب في سنة 2025    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي        اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور    الشراكة الاستراتيجية بين الصين والمغرب: تعزيز التعاون من أجل مستقبل مشترك    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    استغلال النفوذ يجر شرطيا إلى التحقيق    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    "مرتفع جوي بكتل هواء جافة نحو المغرب" يرفع درجات الحرارة الموسمية    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    انخفاض مفرغات الصيد البحري بميناء الناظور    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    اختفاء غامض لشاب بلجيكي في المغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    الوزير برّادة يراجع منهجية ومعايير اختيار مؤسسات الريادة ال2500 في الابتدائي والإعدادي لسنة 2025    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزهر: المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي للحد من الإجرام
قال إن استفحال الجريمة مرتبط بعوامل اقتصادية خاصة كالفقر والبطالة
نشر في المساء يوم 19 - 09 - 2012

قال محمد الأزهر، أستاذ في علم الإجرام، إن الجريمة استفحلت بشكل كبير في بعض المدن، ففي الدار البيضاء
مثلا أصبح السكان يفضلون التنقل في سياراتهم أو على متن سيارات الأجرة لمسافات قصيرة جدا، وذلك درءا لأي اعتداء إجرامي، لأن الخوف والحذر يجثم على قلوب الناس، واعتبر أن الدراسات في علم الإجرام لا تكفي، بل تنفيذها هو المهم، وذلك بتهييء مقومات هذا التنفيذ من توفير موارد بشرية خبيرة وإمكانات لوجيستيكية متطورة، وأضاف أن اكتظاظ السجون وقضاء السجين مدته العقابية في الترقب والملل وتبادل أطراف الحديث مع بقية المجرمين لا يكرس سوى ثقافة الإجرام أكثر من التقويم، وأكد على ضرورة مساهمة المجتمع المدني والأحزاب والنقابات والقطاع الخاص، لأن محاربة الجريمة ليست شأنا خاصا ولكن من مهام الجميع.
- عادت الجريمة من جديد إلى شوارع مجموعة من المدن بشكل ملحوظ، ما هو السبب في رأيك؟
إن الجريمة ظاهرة اجتماعية، ولا يمكن فصل أي مجتمع عن الجريمة، إذ كلما كثر الاحتكاك إلا وتفشت الجريمة بشكل كبير، وكلما كان النمو الديموغرافي فاحشا إلا وانتشرت الجريمة في المجتمع بشكل ملحوظ، ويتم ذلك بنسب تتفاوت من خلال تدخل عدة عوامل منها ما هو ثقافي أو قيمي أو تربوي أو اقتصادي، فهذه العوامل كلها تؤثر على معايير زيادة معدل الجريمة من مكان إلى آخر، إضافة إلى الاختراق الثقافي عبر القنوات الفضائية والانترنيت خصوصا التوجيه إلى أنماط استهلاكية جديدة، واستشراء ثقافة الاتكال، والحلم بالبذخ والرفاهية في غياب أي تفكير جدي للإنتاج والإبداع والخلق، وحين تتبدد هذه الأحلام لابد من بديل أي نهج أساليب غير مشروعة، كالسرقة والاعتداء، والبغاء، والوساطة فيه، إضافة إلى الفساد الإداري والرشوة وهي عوامل مساعدة ، ناهيك عن المخدرات والمسكرات.
-لكن ما هي الأسباب التي تجعل الجريمة تنتشر بشكل كبير في المدن الكبرى كالدار البيضاء وفاس مثلا؟
إن الجريمة استفحلت بشكل كبير في بعض المدن وليس كلها، ففي الدار البيضاء مثلا أصبح السكان يفضلون التنقل في سياراتهم أو على متن سيارات الأجرة لمسافات قصيرة جدا، وذلك درءا لأي اعتداء إجرامي، فقد أصبح الخوف والحذر يجثم على قلوب الناس، حيث الاعتداءات أصبحت في واضحة النهار وفي الأماكن الآهلة بالناس، تستهدف فئات معينة من المجتمع ، كالفتيات أو النساء أو العجزة أو الصغار، وفي حالة إذا ما واجه المجرم شابا تظهر عليه معالم القوة، فإن الاعتداء يكون ببشاعة وبقوة للحد من اندفاعه وكبح جموحه درءا لأي مفاجأة أو حصول مالا تحمد عقباه.
ويمكن القول إن كل العوامل السابقة متضافرة أدت إلى استفحال الجريمة، غير أن ما تعرفه بعض المدن كالعاصمة الاقتصادية من اختناق على مستوى حركة المرور و في الأسواق وغيرها تساعد على انتشار السرقة والنهب، حيث يصعب على الشرطة سلوك هذه الممرات والتواجد باستمرار في بؤر الإجرام، خصوصا أنها تفتقد إلى الكثير من الوسائل اللوجيستيكية والموارد البشرية، إضافة إلى أن الوضع الحالي يساعد على الإفلات، والانسلال وسط الزحام، لكن يجب ألا نستبعد العوامل الاقتصادية خاصة الفقر المدقع والبطالة.
- ألا تعتقد أنه حان الوقت لإعادة النظر في طريقة التصدي للجرائم؟
رغم ما قيل فإن الشرطة والدرك يقدمون يوميا جحافل من المشبوه فيهم إلى المحاكم، بمعنى أن العمل متواصل رغبة في التصدي للجريمة وإعمالا للمقاربة الأمنية للحد من الجريمة وهذا يترجمه كذلك الاكتظاظ الشديد الذي تعرفه السجون، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في إشكالية التعامل مع الجريمة للحد منها ابتداء من الوقاية ومرورا بالتصدي لها وانتهاء بتقويم المحكومين، وهذا ورش كبير يجب أن تنخرط فيه جميع مكونات المجتمع، مع التركيز على مواجهة أسباب تنميط الفرد إلى الاستهلاك وتحفيزه على الإنتاج داخل المجتمع الذي يجعل الفرد يستهلك أكثر مما ينتج، ومواجهة أباطرة الاتجار في المخدرات والمسكرات، الحبوب المهلوسة، كما يجب إعادة النظر في المنظومة التعليمية والتربوية.
- بعض المراقبين يؤكدون أن غياب دراسات علمية حول انتشار الجريمة يحد من عملية ضبطها والتحكم فيها، هل هذا صحيح؟
لابد من القول إن الدراسات لا تكفي، بل تنفيذها هو المهم، وذلك بتهييء مقومات هذا التنفيذ من توفير موارد بشرية خبيرة وإمكانات لوجيستيكية متطورة، وفي تقديري إن المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي، صحيح أنها من أهم الوسائل المؤدية إلى الحد من الجريمة، لكن بقاءها رهين ببقاء أسبابها، وكذلك بالسياسة العقابية التي تروم العقاب بدل التقويم.
- هناك من يقول إن الأوضاع داخل السجون تشجع على شيوع الجرائم، هل تتفق مع هذا الكلام؟
إن اكتظاظ السجون وقضاء السجين مدته العقابية في الترقب والملل وتبادل أطراف الحديث مع بقية المجرمين لا يكرس سوى ثقافة الإجرام أكثر من التقويم، وإن هذا الأمر لا يفيد في شيء، بل إنه يساعد على الاستفادة من بعض المعلومات وكيفية القيام ببعض الأعمال الإجرامية و طرق التملص منها، ومن هذا المنطلق يمكن القول إن الحد من الجريمة يرتكز بشكل كبير على الاعتناء بالطفولة والشباب، عبر التشجيع على الابتكار والاعتناء بالذات رياضيا وفكريا، وإن هذا الأمر لا يساعد فقط في قضية الحد من الجريمة، ولكن أيضا في الرقي بالبلاد والدفع بعجلة الإنتاج والحد من الكثير من المخالفات التي تكون بمثابة عصا أمام عجلة تقدم البلاد اقتصاديا وثقافيا وحضاريا.
- هل تعتقد أن إحداث أبحاث متخصصة في علم الإجرام يمكن أن يساهم في الحد من هذه الظاهرة؟
لا يمكن لأي مجتمع أن يتطور دون البحث العلمي في جميع المجالات، وأعتقد أن مجال العلوم الإنسانية أولى بهذا الاهتمام لعلاقته بالعنصر البشري داخل المجتمع، وفي مجال الجريمة يلاحظ أن كل الدول المتقدمة تخصص ميزانيات ضخمة لهذا المجال، فالشرطة البريطانية توظف مجموعة من العلماء للابتكار والاختراع في مجال التحقيق وقراءة آثار الحمض النووي، والأمر نفسه تقوم به الولايات المتحدة وفرنسا، فبعيدا عن مجال الشرطة التي لها احتكاك مباشر بالمجتمع، هناك جيوش من العلماء والخبراء مهتمون بالدراسات والبحوث العلمية والإستراتيجية والدراسات الإنسانية للحد من الجريمة.
ولكن ماذا عن المغرب؟
في المغرب هناك بعض الدراسات، ويكفي الرجوع إلى بعض النقاط المتضمنة في التقرير الخمسيني، الذي تكلم بسوداوية عن بعض العوامل ومن بينها المنظومة التعليمية المهترئة، والدخل الفردي المتردي وواقع البوادي، الذي يؤدي إلى النزوح إلى المدن، وهذا ينعكس على الحياة داخل المدينة ببروز بعض الصراعات الثقافية، التي تعتبر من أهم أسباب استفحال الجريمة، هذا إضافة إلى دراسات متخصصة لابد من تعميقها، كما يجب الاشتغال على الدراسات الاجتماعية والسوسيو اقتصادية، وكذا المتعلقة بالأحياء الهامشية.
- هل صحيح أن الأوضاع الاجتماعية الهشة في بعض المناطق المحيطة بمراكز المدن تساعد على استفحال الجرائم؟
إن العديد من الأحياء تعاني كثيرا من قلة المرافق الأساسية كالإنارة العمومية وعدم تشذيب الأشجار دون الحديث عن غياب المرافق الترفيهية والتربوية، وهو ما يؤدي إلى سخط وكره وحقد من قبل بعض شباب هذه المناطق، فالدراسات تؤكد على ضرورة الاعتناء بناشئة هذه الأحياء عبر إحداث المرافق الرياضية والثقافية، وذلك للحد من معدل انتشار نسبة الأمية والجهل والتدريب على تدبير الوقت، وذلك في أفق التقويم، فالدراسات لها أهمية بالغة، دون أن ننسى أهمية رصد الإمكانات الضرورية لتنفيذ هذه الدراسات حتى لا تبقى حبرا على ورق.
- لماذا في رأيك يفتقر المغرب إلى معطيات حول تاريخ الجريمة في المغرب؟
أعتقد أن المغرب يفتقر إلى الاعتناء بتراثه وبالدراسات القابعة في مكتبات الجامعات، وهناك مجموعة من الدراسات الأكاديمية في مجالات مختلفة، ويمكن النبش فيها للوقوف على تاريخ الإجرام، كما نفتقد لمعاهد ووحدات دراسية في هذا المجال، حيث يمكن الدفع بالباحثين إلى الانكباب على مثل هذه المواضيع، ثم إن كلية الآداب وشعبة الدراسات الإنسانية نوقشت فيها بعض الرسائل في هذا المجال، أما معهد الشرطة، فهو معهد للتكوين في مجال عمل الشرطة والتحقيق الجنائي.
- لماذا في رأيك تنوعت أشكال الجريمة بشكل مقلق مقارنة مع السنوات الماضية، حيث هناك جرائم متعلقة بالأصول، كما أن طريقة تنفيذ الجرائم أصبحت جد وحشية؟
جل الجرائم الوحشية والجرائم المرتكبة ضد الأصول تعود أسبابها إلى المخدرات خصوصا العقاقير المهلوسة ، حيث يكون الفاعل مخدرا، أو في حالة السكر، فالمواد المخدرة تحجب العقل، و الفاعل لا يكترث بما يقوم به ولا يهمه الآخر، فكم من شاب قتل أمه، وبعد ذلك ندم بعد إفاقته من حالة التخدير، ثم إن هذا النوع من الجرائم قد يكون بفعل الحقد، سيما بسبب المشاكل المتعلقة بتقسيم التركة مثلا، والملاحظ أن هناك ظاهرة خطيرة أصبحت مستفحلة بين الشباب هي حمل السيوف، إضافة إلى التطور الرقمي الأخير، حيث تحولت بعض المواقع إلى فضاءات للسب والشتم والوعد والوعيد بين رواد هذه المواقع، وكل هذا الأمر ساهم بشكل كبير في تنوع أشكال الجرائم.
- يشتكي رجال الأمن من قلة الوسائل وضعف الموارد البشرية، هل يكمن من خلال الاعتماد على المقاربة الأمنية حل مشكل الجريمة؟
كما قلت سابقا المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي وإن الأمر يتطلب تبني سياسة وفق منظومة دقيقة معززة بالموارد البشرية، وذلك مع إعادة التكوين دون أن ننسى المسألة المتعلقة بالتحفيز المادي والمعنوي بالنسبة لمن يجتهدون في محاربة الجريمة، ومعاقبة كل شخص تورط في التقاعس في هذا الأمر، وهذا يتطلب ربط المسؤولية بالمحاسبة، كما نص على ذلك الدستور الجديد، لأن هذا الأمر لا يجب أن يقتصر على قضايا ضيقة، بل لابد أن يشمل جميع القضايا، فاستفحال الجريمة في منطقة معينة وانتشار المخدرات لا يجب أن يمر مرور الكرام، إذ لابد أن تطرح مسألة المكلفين بالأمن في هذه المنطقة عن الأسباب المؤدية لذلك، لأن المساءلة ستدفع الآخرين إلى بذل مجهود كبير للحد من انتشار الجرائم في المناطق التي يشتغلون فيها، وفي تقديري أن محاربة الجريمة لن تتم دون التصدي لظاهرة الاتجار في المخدرات والحد من استهلاكها..
- لم يلاحظ هناك اهتمام حكومي لحد الساعة بالقضية الأمنية، وخاصة الجوانب المتعلق بالجريمة؟
من قال إنه ليس هناك اهتمام حكومي للحد من الجريمة، فجل الحكومات المتعاقبة اهتمت بهذه القضية، لكن السؤال يكمن في مدى اشتغال الحكومات على استباق الظواهر الإجرامية، حيث يجب تضافر جميع مكونات الحكومة لهذا الغرض، فلا بد أن يكون التعليم إجباريا على الجميع، إضافة إلى إعادة النظر في منظومة التفكير وفق أساليب حديثة وحداثية وإحداث فضاءات للعب، ولابد أن نقطع مع سياسة إغلاق أبواب المدارس بمجرد ما ينتهي الموسم الدراسي، لأنه من الأفضل أن تبقى هذه المؤسسات مفتوحة لاستقبال الأنشطة الموازية، وذلك بسبب قلة دور الشباب والثقافة في عدة مناطق، دون أن نغفل أهمية التربية والتهذيب عبر البرامج التلفزيونية والحد من الاختراق الثقافي عبر القنوات الفضائية، ووضع حد للإنتاجات الأجنبية الرديئة، كالمسلسلات البرازيلية والمكسيكية، لأن العديد من الأطفال يتماهون بها، والأطفال بطبعهم يقلدون ومنهم من أصبح يقوم بالحركة الثلاثية للصليب الرأس والكتفين بكل تلقائية وبراءة دون فهم معناها، وخلاصة لابد أن يشارك الجميع في الحد من الجريمة ولا يجب أن يقتصر هذا الأمر على طرف دون آخر، وهنا أركز على ضرورة مساهمة المجتمع المدني والأحزاب والنقابات والقطاع الخاص، لأن محاربة الجريمة ليست شأنا خاصا ولكن من مهام الجميع.
- هل أصبح المغرب مطالبا بمخطط أمني يضع محاربة الجريمة ضمن أولى الأولويات؟
من قال إنه ليس هناك مخطط أمني، أظن أن رجال الأمن والدرك يعملون جاهدين للحد من الجريمة وفق منظومة أمنية مدروسة، وربما قلة الإمكانات البشرية واللوجستيكية تحول في بعض الأحيان دون تطبيق هذه المخططات على أحسن وجه، ولكن الإجرام لا يمكن القضاء عليه بهذا الشكل، بل لابد من عناصر مساعدة تكون وفق الدراسات المتوفرة، خاصة في مجال السياسة الجنائية والعقابية، وأعتقد أن الانكباب على هذين العنصرين، بالإضافة إلى ما سبق أن أشرت إليه قد يحد نوعا ما من تفشي الجريمة، دون نسيان أهمية التكنولوجيا المتطورة، خاصة على مستوى الحد من سرقة الوكالات البنكية وتتبع آثار المجرمين من خلال آثار الهاتف النقال وتقنية الخريطة الالكترونية.
- أحدثت في السنوات الأخيرة مقرات أمنية للقرب في عدد من مناطق الدار البيضاء، لكنها لم تحد من انتشار الجرائم في المناطق التي أحدثت بها؟
إن كثرة إنجاز البنايات ووضع رجال الشرطة بها لا يكفي، لأن الحماية تكون فقط في محيط هذه البنايات والمقرات، خاصة إذا لم تكن هذه المقرات مجهزة بكل الوسائل الضرورية من معدات للتواصل ووسائل إلقاء القبض، إضافة إلى الفرق المتنقلة، فالمراكز الموجودة غالبا ما يكون بها شرطيان يتكلفان فقط بتلقي بعض الشكاوى وبعد ذلك الاتصال عبراللاسلكي لإخبار الشرطة المتحركة، وفي الحقيقة إن الكثير من البنايات تم إقفالها، ومنها ما أصبحت مأوى للمتشردين وفي بعض الأحيان مخبأ للمجرمين، وأعتقد أنها لم تلعب دورها جيدا بسبب ضعف الإمكانات والموارد البشرية.. وقد تفيد كثيرا لو جهزت بأهم الضروريات وجعلها مقرا لانطلاق الصقور مع سيارة للمساعدة لنقل المشتبه فيهم إلى هذه المراكز أو إلى الديمومة أو المراكز المختصة.
- ظهر في السنوات الأخيرة على السطح مشكل يتعلق بشغب الملاعب والذي تنجم عنه مجموعة من الجرائم، والمرتبطة بشكل كبير بالسرقة والنهب وتكسير زجاج السيارات والحافلات، هل نحن بصدد تكوين «هوليغانز» مغربي؟
للأسف الشغب لم يعد يقتصر على الملاعب، بل أصبح ظاهرة منتشرة في الكثير من الأحياء تحت غطاء الاحتجاج على النتائج المسجلة في مباريات كرة القدم، الذي يتحول في بعض الأحيان إلى اعتداءات ونهب وتخريب بعيدا عن الرياضة، وما يقع في الملاعب يساعد كثيرا، لأنه يسمح بتجمعات قد تنفجر في أي لحظة تحت أي مبرر بفعل الحقد والغل المتمكن من البعض، وخلال هذه الجموع تتولد نزعة الانتماء وتتغذى بالصياحات والشعارات، حيث «تورم»نزعة الحقد التي يجب تصريفها بأي وسيلة، وهذا ما يجعل شرارة الغضب تنتشر، وقد يكون الاعتداء خطيرا في مواجهة أي غريب عن هذا التجمع، وقد ثبت أن رقم مبيعات العقاقير المهلوسة يكون خياليا خلال مباريات كرة القدم. وقد بدأت هذه النزاعات تظهر بشكل كبير ، وذلك في الوقت الذي ولى فيه زمن «الهوليغانز»، فهناك من يأتي إلى الملاعب ليس للفرجة ولكن فقط لإثارة الشغب حاملين معهم السكاكين والسيوف، علما أن العديد من مثيري الشغب مراهقون ويافعون، وهو ما يسهل مسألة التأثير عليهم ليجدوا أنفسهم وسط اعتداءات طابعها سادي في بعض الأحيان، وشخصيا أستغرب كثيرا للشباب واليافعين لمن يقفون في محيط الملعب قبل وأثناء وبعد إجراء المباراة، يتسولون ويعتدون على المارة، ومن دخل منهم للملعب يثير الشغب، وعند النهاية يركب الحافلة مجانا ثم يبدأ في تدميرها...


حاوره
أحمد بوستة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.