أخيرا أصبح البلجيكي إيريك غيريتس، رسميا خارج المنتخب الوطني لكرة القدم، بعد أن أعلن المكتب الجامعي في اجتماع عقده أول أمس السبت بالرباط، عن قرار الانفصال عنه. بدا رئيس الجامعة، علي الفاسي الفهري، وهو يتحدث للصحفيين عقب الاجتماع، كما لو أنه حقق إنجازا عظيما، وهو «يزف» للمغاربة خبر الاستغناء عن خدمات غيريتس، قبل أن يبدأ في الحديث عن المرحلة المقبلة، وعن ضرورة التعاقد مع مدرب وطني لديه كفاءة كبيرة، وعن ضرورة العمل على الخروج مما أسماه «المأزق». إن قرار الاستغناء عن غيريتس تأخر كثيرا، بل إن التعاقد معه كان خطأ فادحا، واليوم بعد أن حزم غيريتس حقائبه وسيغادر إلى بلجيكا بعد أن جمع «ثروة» من المغرب، وسيحصل على تعويضات خيالية، فإنه كان على الفهري أن يعترف بفشله الذريع، وأن يقول إنه شخصيا أخطأ في حق المغاربة باختياراته الخاطئة، وأنه يعتذر لهم، و يعلن استقالته. للأسف، لا شيء من ذلك حدث، واختار الفهري وجماعته أن يقيلوا المدرب البلجيكي غيريتس من مهامه ويبحثوا عن مدرب مغربي بديل، من أجل أن يمتصوا غضب الشارع ويضمنوا بقاءهم في الجامعة لأطول مدة ممكنة. إن إقالة غيريتس هي اعتراف ضمني ومباشر بأن مشروع جامعة الفهري، ومعها وزير الشباب والرياضة السابق منصف بلخياط قد فشل، فقد كان رهانهم كبيرا على المدربين الأجانب، لذلك تعاقدت الجامعة مع غيريتس ليدرب المنتخب الأول والهولندي بيم فيربيك ليشرف على المنتخب الأولمبي، ومقابل مبالغ مالية كبيرة وقد تم تقديم غيريتس على أنه «مدرب عالمي» بتجربة كبيرة وسيقود المنتخب الوطني إلى تحقيق إنجازات غير مسبوقة، لكن «المية كذب الغطاس» كما يقول إخواننا المصريون، قبل أن نستفيق على وقع كابوس مزعج. إن أزمة المنتخب الوطني ليست في المدرب فقط، ولكنها في وجود جامعة غير منتخبة ديمقراطيا، مشكلة من رئيس ومن العديد من الأعضاء الذين لا يمكن لهم أن يقودوا المنتخب الوطني والكرة المغربية إلى النجاح، بما أن الشغل الشاغل لعدد مهم هو السفريات والتقاط صور مع المدرب واللاعبين والحصول على التعويضات. ثم، إذا كان المدرب المغربي إلى الأمس القريب ليس صالحا حسب أعضاء الجامعة ومستشاري الرئيس المقربين، فلماذا أصبح اليوم مطلوبا بامتياز. الجواب واضح، هو الرغبة في عدم الخروج من «جنة» الجامعة، علما أن المفروض اليوم لو كانت هناك فعلا محاسبة أن يستقيل الرئيس ومعه أعضاء مكتبه الجامعي وأن يقدموا الحساب المالي والأدبي، أما تغيير المدربين فقط، فإنه اشبه بأقراص منومة و لم يعد كافيا، إذا كان القائمون على الكرة والرياضة في هذا البلد يريدون لها الخير.