الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي: الاستفادة من معاش الشيخوخة ابتداء من فاتح ماي المقبل    الجزائر تحت المجهر: دعم مستمر للتنظيمات المسلحة وزعزعة لاستقرار القارة الإفريقية    "الإبادة في غزة" تطارد إسرائيل.. طرد سفيرها من مؤتمر إفريقي    وزارة الصحة المغربية تُخلّد اليوم العالمي للصحة وتطلق حملة للتحسيس بأهمية زيارات تتبع الحمل    بعد ضبط ممنوعات في "قفة العيد".. إدارة السجون تتوعد بإجراءات تنظيمية صارمة    وزارة العلاقات مع البرلمان تقدم الدليل المرجعي للمستشارين في الشؤون البرلمانية    الأمم المتحدة "الإطار الشرعي الوحيد" لمعالجة النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية (محمد ولد الرشيد)    أزيد من 700 عارض خلال الدورة ال30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    المنتزه الوطني للحسيمة .. الذئب الذهبي الإفريقي مفترس يضبط التوازن البيئي    مصيبة.. اغتصاب قاصر من طرف "أجودان شاف" في المستشفى العسكري    الذهب يهبط لأدنى مستوى    بعد طردها من مايكروسوفت…ابتهال المغربية تتوصل بعرض عمل من ملياردير كويتي    النيابة العامة بابتدائية الرباط: منع المعطي منجب من السفر يدخل ضمن مسطرة قضائية جارية بشأن شبهة غسل أموال    سعر النفط يواصل الهبوط بسبب تصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين ومخاوف الركود    بنك المغرب: ركود الإنتاج وارتفاع المبيعات الصناعية في فبراير 2025    المعارضة تدعو لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق بشأن دعم استيراد المواشي والأبقار بمليارات الدراهم    إسقاط الجزائر لطائرة مسيرة مالية يكشف المستور: هل تحمي المخابرات الجزائرية إياد أغ غالي؟    الفرحة تعود لمنزل سلطان الطرب جورج وسوف (صور)    الدكتورة غزلان توضح ل "رسالة 24": الفرق بين الحساسية الموسمية والحساسية المزمنة    أوزود تستعد لإطلاق النسخة الأولى من "الترايل الدولي" الأحد المقبل    الاستفادة من معاش الشيخوخة ابتداء من فاتح ماي 2025 (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي)    الرسوم الجمركية الأمريكية والإجراءات الصينية تلقي بظلالها على بورصة الدار البيضاء    تعزيز الشراكة العسكرية بين المغرب والناتو: زيارة وفد بحري رفيع المستوى إلى المملكة    علوم اجتماعية تحت الطلب    عصبة الأبطال.. الجيش الملكي يخوض أخر حصة تدريبة مساء اليوم تأهبا لمواجهة بيراميدز غدا الثلاثاء    مبابي: "أفضل الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا على أن الكرة الذهبية"    أمن إنزكان يوقف شاباً ألحق خسائر بممتلكات الغير    النيابة العامة تتحدث عن مسطرة قضائية جديدة في مواجهة المعطي منجب أدت إلى منعه من السفر    تراجع طفيف في سعر الغازوال والإبقاء على ثمن البنزين في 13,05 درهما    انهيار في مداولات البورصات الأوروبية بعد تراجع كبير في البورصات الآسيوية والخليجية الأحد    كأس إفريقيا للأمم لأقل من 17 سنة: المنتخب الوطني يتأهل لدور الربع بتغلبه على نظيره التنزاني    أغنية "تماسيح" جديد الشاب بلال تحتل المرتبة العاشرة في "الطوندونس" المغربي    مزراوي يحظى بإشادة جماهير مانشستر يونايتد    انتقادات تلاحق وزارة الفلاحة بسبب تنظيمها لبرنامج تكويني بسوس بمشاركة مؤسسة إسرائيلية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    مهمّة حاسمة للركراكي.. جولة أوروبية لتفقد مواهب المهجر استعداداً لتعزيز صفوف المنتخب    طقس الإثنين .. أجواء قليلة السحب مع تشكل كتل ضبابية    الرئيس البرازيلي السابق "بولسونارو" يتظاهر في الشارع    القاهرة ترفع ستار مهرجان الفضاءات المسرحية المتعددة    "الاثنين الأسود".. حرب الرسوم الجمركية تُفقد بورصة وول ستريت 5 تريليونات دولار    المغرب.. قوة معدنية صاعدة تفتح شهية المستثمرين الأجانب    ابتهال أبو السعد.. مهندسة مغربية تهز العالم بشجاعتها وتنتصر لفلسطين    ماراثون مكناس الدولي "الأبواب العتيقة" ينعقد في ماي المقبل    الولايات المتحدة الأمريكية تحظر منتوج ملاحة في كوريا    تفاعلا مع الورش الملكي لإصلاح المنظومة الصحية.. مهنيو الصحة 'الأحرار' يناقشون مواكبتهم لإصلاح القطاع    روعة مركب الامير مولاي عبد الله بالرباط …    وزان تحتضن الدورة الأولي لمهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي    الجسد في الثقافة الغربية 11- الجسد: لغة تتحدثنا    لاف دياز: حكومات الجنوب تستبعد القضايا الثقافية من قائمة الأولويات    سجل عشاق الراكليت يحطم رقمًا قياسيًا في مدينة مارتيني السويسرية    دش الأنف يخفف أعراض التهاب الأنف التحسسي ويعزز التنفس    "قافلة أعصاب" تحل بالقصر الكبير    توضيحات تنفي ادعاءات فرنسا وبلجيكا الموجهة للمغرب..    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتحاد كتاب المغرب
نشر في المساء يوم 17 - 09 - 2012

عاش اتحاد كتاب المغرب، منذ أكثر من عقد، أزمة مُركّبة. وقد كادت تودي به، بفعل الخفوت الثقافي الذي صارت تشهده أنشطته، وبفعل الترهُّل التنظيمي، الذي باتت تعرفه هياكله.
لقد استمر الاتحاد حاضرا بسحره لمدة تتجاوز أربعة عقود، بالتزامه الواضح بخطين متلازمين: الحفاظ على روح الحركة الوطنية، في نهجها التقدمي الديمقراطي، من جهة، والتشبث بشخصيته المُستقِلة، المتميزة بجرأتها النقدية، من جهة أخرى.
ولأن الاستقلالية عن الدولة كانت العنوانَ الأبرز فقد التحم اتحاد كتاب المغرب بمختلف قوى التغيير الحية في البلاد وقتذاك. وقد تطلب اتحاد الكتاب عقودا من الزمن، ليدرك مدى الحاجة إلى استقلاليته الصريحة المطلقة. ولا تكون تلك الاستقلالية إلا بالإنصات إلى النبض الثقافي، الذي ظلت تخفق به قلوب المثقفين المغاربة. المقاربة الثقافية توازي المقاربة السياسية، غير أنها لا تُماهيها بأي حال من الأحوال.. لا ثقافة بدون سياسة، كما أنْ لا سياسة بدون ثقافة. وفي اعتقادي، فإنّ تميز «الثقافي» عن «السياسي» يقف على أساسين: يتمثل الأول في التشبث بما هو مبدئي -معرفي، بعيدا عن كل براغماتية أو ديماغوجية. أما الثاني فيتمثل في النزوع النقدي، تلافيا لكل كسل أو طمأنينة أو انغلاق.
يمكن القول إن أزمة الاتحاد تمثلت في عدم قدرته على تدبير «الثقافي» في علاقته ب«السياسي»، في سياق ما عُرِف بالتناوب التوافقي في أواخر التسعينيات. إن عدم القدرة على التدبير ذاك جعلت الاتحاد يفتقد أسئلته «النقدية»، في مواجهة «أجوبة» ذلك التناوب المزعوم. ولأن الأمر ارتبط بغياب الأسئلة، بفعل غياب الجرأة النقدية، فمن الطبيعي أن يفتقد الاتحاد هويته وديناميته وتاريخه. حين يغيب كل ذلك يكون المجال مهيّأ لبروز المشاكل التنظيمية. هذا ما وقع في السنوات الأخيرة، في ظل شراسة ملحوظة من التطاحنات الشخصية.
لا يمكن اختزال «الاتحاد» في مجرد تنظيم أنشطة.. هذه المهمة يمكن أن تضطلع بها أكثر من جمعية، صغيرة أو كبيرة، في مختلف جهات البلاد. الاتحاد هوية ثقافية ارتبط وجودها بوجود المغرب المعاصر أصلا، إنه عنوان ثقافة، لا يمكن أن تكون إلا وطنية تقدّمية ديمقراطية متعددة. بغير هذه الثقافة، يؤول الاتحاد إلى مجرد هيكل تنظيمي بدون روح. إن الأمر يتعلق بثقافة تعددية، في لغاتها ومجالاتها ومقارباتها وأبعادها. فبقدْر ما هو معنيّ بالأدب والفكر، فإن الاتحاد معنيّ بالتعليم، بالمرأة، بالطفولة، بحقوق الإنسان... إنه صوت الروح وصوت العقل معا. إن المجالات المذكورة، في امتداداتها، هي التي ظلت تُكسب الاتحاد ذلك السحر وتلك الفتنة.
وفي إطار ما يحدث اليوم، ينبغي على الاتحاد أن يقترح أسئلة جديدة، يواكب من خلالها مختلف المتغيرات، وطنيا وإقليميا ودوليا. إن أهم عنوان لهذه المرحلة هو الشباب، في تطلعهم إلى المستقبل الواعد. ولذلك، فلا مفر من الانفتاح على طاقات جديدة في الكتابة والإبداع.. إنها الضمانة المثلى للصيرورة المُبدِعة، بعيدا عن كل صور الاجترار والاستنساخ. وبموازاة ذلك، يجدر البحث عن طرق جديدة للتنظيم والتأطير الثقافيين. وبما أن التخفّف من العبء «الحزبي» غدا أمرا واقعا في مؤتمر الاتحاد الأخير، فإن الانتصار لن يكون، منذ الآن، إلا لِما هو ثقافيّ. هكذا، يتم ركن الصراعات العقيمة جانبا، انتصارا للجوهر الثقافي المنزرع في كل كائن بشري.
أعتقد أن الفرصة أضحت مواتية للإنصات إلى الصوت الثقافي بامتياز. إنه الصوت الذي ينبغي أن يحد من غلواء الصوت السياسي -الحزبي. الأول صوت عقل وتأمل، بينما الثاني صوت صراخ وبراغماتية.. باستيعاب الثقافي للسياسي، يكون مستقبل المغرب الواضح. بهذا الفهم، تصير الثقافة ذاتَ بعد إستراتيجي. ليست ترفا ولا حلية. إنها الاصل.. كل شيء يغدو ثقافيا، بمجرد أن تلمسه يد الإنسان أو تستوعبه حاسة من حواسه.
المطلوب، اليوم، أن تسريّ هذه الروح في مختلف أجهزة الاتحاد. بالحوار والإنصات والتسامح، يمكن تدشين عهد جديد من التعاون الخلاق.. أساسه الإخلاص للثقافة والمثقفين. كان البعض يريدون أن يملؤا قلوبنا بالخوف، في محاولة للحجر على كل شيء، خدمة لنزوعاتهم الشخصية. الاتحاد لا يصنع تماثيل، ولذلك فهو لا يعبدها..
هكذا، انطوت صفحة من تاريخ الاتحاد.. عُمرها خمسون سنة. أما الآن فقد بدأت صفحة أخرى.. عمرها لا نهاية له..


عبد الدين حمروش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.