سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بنبركة: هيئة الإنصاف والمصالحة حذفت 200 صفحة تخص المهدي من تقريرها قال إنهم طلبوا من الدولة الحفر في معتقل «P.F.3» فكان الجواب هو رفع السور مترين إضافيين
يحكي البشير، نجل المهدي بنبركة، أكبر معارضي نظام الحسن الثاني الذي تم اختطافه واغتياله سنة 1965، في اعترافاته ل«المساء»، عن تفاصيل حياة والده ونضاله ضد الاستعمار ومشاركته في اتفاقية «إيكس ليبان» قبل أن يعود ليقول إن هذه الاتفاقية كانت خطأ. كما يروي البشير تفاصيل أخرى حول المسؤوليات التي تقلدها والده بعد الاستقلال، وحول اختلافه مع تلميذه الحسن الثاني، وحول موقفه المساند للجزائر ضد المغرب في حرب الرمال، وكيف أصبحت عائلة المهدي تحمل جوازات سفر جزائرية وتقيم في مصر؛ كما يرد البشير بنبركة على اتهام والده باغتيال عباس المسعدي، ويتوقف طويلا عند واقعة الاختطاف بفرنسا، ويرد على تهمة «التخابر» مع المخابرات الإسرائيلية والتشيكوسلوفاكية الموجهة إلى والده، وكيف قررت أسرة المهدي بنبركة العودة إلى المغرب بعد وفاة الحسن الثاني، وكيف حز في نفس والدته ألا يستقبلها الوزير الأول حينها، عبد الرحمان اليوسفي، الذي كان صديقا للعائلة وكان يقيم في بيتها كلما حل بمصر، وكيف «تُماطل» الدولة المغربية ممثلة في حكوماتها، وضمنها وزيران للعدل من حزب الاتحاد الاشتراكي، هما الراحل محمد بوزوبع وعبد الواحد الراضي، في الكشف عن حقيقة قضية المهدي بنبركة. - كيف استطعتم تحديد مكان المعتقل السري «P.F.3» الذي يقول الإخوة بوريكات إن رأس المهدي بنبركة مدفون فيه؟ استطعنا تحديد موقع «P.F.3» عن طريق المناضلين الحقوقيين وبعض الصحافيين في المغرب، كما استطاع صحافي تلفزيون «فرانس 3» جوزيف تويل أن يصور مقر ذلك المعتقل السري من الخارج سنة 2000 أو 2001. وبالرغم من أن البنايات التي كان يعتقل داخلها الإخوة بوريكات قد تم هدمها بالكامل، فإن هؤلاء (الإخوة بوريكات) أنجزوا رسما لهذه البنايات يبين بالتدقيق طريقة توزيع وتجهيز الزنازين، وذلك في الكتاب الذي أصدروه سنة 1992. ويتضح في شريط تلفزيون «فرانس 3» أن الأسوار قد تم هدمها، لكن أثرها على الأرض يظهر أنها مطابقة تماما لما جاء في رسم الإخوة بوريكات. - هل يتحدث الإخوة بوريكات عن مكان محدد، مفترض طبعا، يكون رأس المهدي بنبركة قد دفن فيه؟ نعم، يتحدثون عن كونه يوجد جنب الحائط. لكن «P.F.3» محروس باستمرار من طرف أجهزة الأمن المغربية. - ماذا كان رد المسؤولين المغاربة على طلبكم إياها القيام بالحفر في هذا المكان؟ الجواب الوحيد الذي تلقيناه في عهد محمد السادس، من الدولة المغربية، بعد الشريط الذي بثته قناة «فرانس 3» عن معتقل «P.F.3»، هو إصدار الأوامر برفع سور المعتقل بمترين إضافيين. - من هي الجهة المغربية التي تقدمتم إليها بطلب إجراء حفريات في «P.F.3»؟ في إطار الانتداب القضائي الدولي، تقدمنا إلى السلطات القضائية منذ سنة 2002 بطلب إجراء حفريات في «P.F.3»، لكننا لم نتلق أي جواب. كما تم الأمر عن طريق هيئة الإنصاف والمصالحة التي استقبلت العائلة، وكان استقبالا رسميا طويلا. - ترأسه الراحل ادريس بنزكري؟ كانت هيئة الإنصاف والمصالحة كاملة، وضمنها الرئيس ادريس بنزكري، وقد استقبلت عائلة المهدي بنبركة التي كانت ممثلة بي وبأخي منصور، بحضور محامينا موريس بيتان والأستاذ عبد الرحيم بنبركة، المحامي بهيئة الرباط. وجدير بالذكر أن الأستاذ موريس بيتان كان في البداية محاميا عن جدتي، أمّ المهدي، وهو الآن يصاحب عائلتنا منذ 47 سنة. وقد عقدنا جلسة مطولة مع هيئة الإنصاف والمصالحة، طرحنا خلالها الملف، كما طرحنا طلباتنا المتمثلة في ثلاثة أركان هي: الكشف عن جثة المهدي، وتحديد المسؤوليات السياسية ومسؤوليات الأجهزة، ثم تحديد مسؤوليات الأشخاص، وهذا الركن الثالث لا يهمنا إلا بقدر تمكينه من معرفة الحقيقة بالنسبة إلى العائلة والتاريخ. - ماذا كان جواب ادريس بنزكري على طلباتكم الثلاثة؟ كان جواب ادريس بنزكري وأعضاء الهيئة بأن قضية المهدي بنبركة تعد من أولوياتهم وتقع في مقدمة انشغالاتهم، وأنهم سيقومون بكل ما يمكنهم القيام به في قضية المهدي. ومن جانبا، كأسرة وهيئة دفاع، أبدينا استعدادنا الكامل للتعاون مع الهيئة وتزويدها بما نتوفر عليه من وثائق ومعلومات لمساعدتها على التقدم في عملها. وبالفعل، تكلف الأستاذ عبد العزيز بناني بتنسيق عمل الهيئة في ما يتعلق بقضية المهدي بنبركة، ثم التقيت به أنا والمحامي موريس بيتان وزودناه بالوثائق اللازمة. وقد كانت لدينا الثقة في عمل الهيئة. لكن الخبر الذي وصلنا لاحقا هو أن ادريس بنزكري زار معتقل «P.F.3» ووقف على مشارف مدخله ثم قال: ليست هناك ضرورة لإجراء بحث، ولا شيء يستوجب القيام بحفريات داخل «P.F.3». هذا ما وصلنا من هيئة الإنصاف والمصالحة في هذا الصدد. - كيف كان تقييمكم للجزء المتعلق بالمهدي بنبركة في تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة؟ كان استغرابنا وقلقنا كبيرين بعد خروج تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة، فقد وجدنا أن الجزء المخصص للمهدي في هذا التقرير لم يتعد صفحة ونصف الصفحة، كما وجدنا أن مضمونه ليس في مستوى عمل الهيئة ولا في مستوى أعضائها ورئيسها الراحل ادريس بنزكري الذي كان دائم الاتصال بالعائلة عندما كان مناضلا في المنظمة المغربية لحقوق الإنسان وفي المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، ولا في مستوى عضو الهيئة ادريس اليزمي الذي كان عضوا بالفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان وهو على علم بكل تفاصيل ملف المهدي من الناحية السياسية والقضائية؛ ونفس الشيء بالنسبة إلى مبارك بودرقة. - ما هي الخلاصة التي قدمها تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة في ما يتعلق بقضية المهدي بنبركة؟ الطريقة التي طرح بها التقرير قضية المهدي كانت دون المستوى إطلاقا، حيث انتهى إلى التقليل من المسؤولية التامة لأجهزة أمن النظام المغربي في اختطاف واغتيال المهدي. حصل هذا في الوقت الذي تناهى فيه إلى علمنا أن الأستاذ عبد العزيز بناني، عضو الهيئة، أنجز تقريرا من 200 صفحة ضمّنه مجمل التحريات التي قام بها في قضية المهدي بنبركة. وقد أصدر الأستاذ بناني بيانا استنكر فيه ما قامت به رئاسة هيئة الإنصاف والمصالحة. - تعني ادريس بنزكري؟ طبعا، بنزكري وبعض أعضاء الهيئة من حوله. وقد استنكر الأستاذ بناني ما قامت به رئاسة الهيئة في ملف المهدي. كما سوف يصرح الدكتور النشناش، الذي كان عضوا بهيئة الإنصاف والمصالحة، في لقاء عمومي، بأن رئاسة هيئة الإنصاف والمصالحة تعاملت بشكل أمني مع ملف المهدي بنبركة، وأن الحيز الذي خصص لقضية المهدي (صفحة ونصف) في تقرير الهيئة فرض من طرف رئاسة الهيئة على أعضائها.