خرج عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، خاوي الوفاض من أولى جلسات جس نبض المركزيات النقابية لاستئناف مفاوضات الحوار الاجتماعي، التي استهلها، أول أمس الاثنين، بلقاء وفد نقابة الاتحاد المغربي للشغل، بعد أن اصطدم رهانه على لعب ورقة «الإكراهات» الاقتصادية التي تواجهها حكومته لتفادي دخول اجتماعي ساخن برفض الاتحاد. يأتي ذلك، فيما اختارت قيادة الاتحاد المغربي للشغل التصعيد في مواجهة الحكومة الحالية بإعلانها، بعد ساعات قليلة على مغادرة مقر رئاسة الحكومة بالمشور السعيد، سلسلة من الإضرابات الوطنية في قطاع الجماعات المحلية عبر ثلاث محطات نضالية (20 و21 شتنبر الجاري و 11 و12 أكتوبر المقبل و18 و19 من نفس الشهر)، في ما يبدو ردا صريحا على الجلسات التمهيدية للحوار الاجتماعي، التي ينتظر أن تستكمل مع باقي مسؤولي المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية طيلة الأسبوع الحالي. ولم تنجح محاولات رئيس الحكومة في لعب ورقة الإكراهات الاقتصادية، التي باتت تؤرق مضجع حكومته، في تليين مواقف الميلودي مخاريق، الكاتب العام للاتحاد، ولا في دفعه إلى التراجع عن رفع مطالب قديمة تعود إلى جولات المفاوضات السابقة. وبينما أسهب بنكيران في الحديث عن الأزمة والوضعية الاقتصادية والإكراهات التي تواجهها الحكومة، اعتبر مخاريق، في اتصال مع «المساء»، أن النقابات والطبقة العاملة لن تكون هي «الضحية»، ولن تقبل أن تؤدي فاتورة إكراهات ناتجة عن سوء تدبير الشأن العام وحكامته. وبحسب المسؤول النقابي، فإن الأزمة ليست ذريعة لبقاء «كمشة» تستحوذ على خيرات البلاد، مبديا استغرابه ورفضه لما أسماه نغمة جديدة بدأ وزراء حكومة بنكيران يلوكونها، هي نغمة الأزمة الاقتصادية. مخاريق دعا بنكيران إلى إقرار الضريبة على الثروة، وهي الضريبة التي حالت الأغلبية الحكومية بكل ما أوتيت من قوة دون إقرارها خلال مناقشة القانون المالي لسنة 2012، لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية التي يمر منها المغرب. إلى ذلك، اختار مخاريق، خلال تدخله، إعادة تذكير بنكيران بمطالب نقابية، في مقدمتها ضمان ممارسة الحرية النقابية التي باتت، بحسبه، تتعرض للخرق في ظل الدستور الجديد، داعيا إياه إلى السهر على تطبيق مقتضيات الدستور والاتفاقيات الدولية بهذا الشأن. وأعاد الزعيم النقابي رفع مطالب تحسين أوضاع الطبقة العاملة في القطاع الخاص والعام وشبه العمومي، وتخفيض الضريبة على الدخل، محذرا من توجه الحكومة نحو حوار اجتماعي غير جدي وغير منتج لنتائج ملموسة وموجه للاستهلاك فقط. وفي الوقت الذي تمكن فيه مخاريق وفريقه من انتزاع تعهد رئيس الحكومة الحالية بدراسة تلك المطالب النقابية، كان لافتا التزام بنكيران أمام محاوريه بنهج سياسة التشاور القبلي مع الشركاء الاجتماعيين في كل القضايا التي تهم الشعب المغربي عامة والطبقة الشغيلة على وجه الخصوص لتفادي ما وقع بمناسبة الزيادة في أسعار المحروقات، يقول المسؤول النقابي، مشيرا إلى أن «من بين تلك القضايا التي يتعين التشاور بشأنها تبرز قضية إصلاح صندوق المقاصة، الذي يمتص 62 مليون درهم تذهب أغلبيتها إلى جيوب الميسورين وكبار البورجوازية، ونحن تقول لنا الأزمة». وفيما أشارت مصادر نقابية إلى أن الاتحاد المغربي للشغل لم يتوصل بأي جدول أعمال للجلسة التمهيدية لاستئناف جولات الحوار الاجتماعي، بعد أن اكتفت الحكومة بإخبار النقابة عبر مكالمة هاتفية بموعد الجلسة، كشف مخاريق أن بنكيران أمهل حكومته قرابة الشهر من أجل دراسة مطالب النقابة وتقديم أجوبة ملموسة عنها. إلى ذلك، وجه مخاريق رسائل مباشرة إلى قيادة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وزعيمها محمد نوبير الأموي، داعيا إياها إلى التنسيق لكن شريطة الابتعاد عن الحسابات السياسية، وقال: «إذا أراد الإخوان في الكونفدرالية التنسيق فمرحبا بهم لكن في إطار استقلالية كاملة عن الأحزاب السياسية، وبعيدا عن كل توظيف للنضالات العمالية في حسابات سياسية تقود بعض الأحزاب إلى الحكومة والبرلمان».