في الرابع عشر من شهر شتنبر المقبل ستنطلق منافسات البطولة الوطنية لكرة القدم، في موسمها «الاحترافي» الثاني. وتحث الفرق الخطى من أجل أن تكون في الموعد وتتنافس على اللقب أو على الحفاظ على مكانتها في القسم الأول. «المساء» وعلى امتداد 16 حلقة ستقربكم من استعدادات الفرق المغربية، أهدافها وطموحاتها ولوائح لاعبيها. عانى حسنية أكادير من صعوبة تضاريس البطولة في أول موسم احترافي، كاد ممثل سوس العالمة أن يفقد فرامله ومركزه في دوري النخبة ويعيش في الظل، لولا أن انتشلته الألطاف الربانية وعزيمة اللاعبين والمسيرين والمدرب وتضحيات الجماهير وأبناء المنطقة، إذ قرر الجميع تأجيل الحساب إلى ما بعد الخروج من معبر العذاب. في عز الصيف غير الفريق جلده، فاستبدل رئيسه أبو القاسم ببيجديكن، أملا في إعادة الحسنية إلى زمنها الجميل، لكن الأهداف ظلت ثابتة لا تتغير، الاستمرار ضمن فئة «الباقيات الصالحات» واحتلال مكانة مطمئنة في ثاني موسم احترافي. قدر الحسنية أن يعيش في أول موسم احترافي أسير غرفة العناية المركزة، بعد أن تكالبت عليه الأزمات وكادت أن تعصف به إلى حيث يرقد رفيق دربه رجاء أكادير، في الدورات الأخيرة من بطولة الموسم الرياضي الماضي كادت الحسنية أن تكتب وصيتها لولا انتصارين متتاليين في الدورات الأخيرة على النادي القنيطري والمغرب الفاسي، ليخرج السوسيون من عنق الزجاجة ويتنفسوا الصعداء، «بعد الفورة ظهر الحساب» وتبين من خلال التشخيص الأولي أن الحسنية لم يكن يعاني فقط من ضعف في الهجوم والدفاع، بل عاش تراجعا رهيبا على مستوى إنتاج المواهب، لأن أكادير التي كانت قبلة للأندية يتسوقون من ملاعبها لم تعد تغر الوكلاء، إذ تراجع أداء نجوم الفريق كحيسا والبيساطي، كما افتقدت الحسنية لهدافيها وهي التي لطالما أنجبت فيلقا من الهدافين على شاكلة حمو موحال والقناص جيرار ثم النجدي. ولأن المصيبة لا تأتي منفردة، فقد عانى الفريق السوسي من هزائم موازية، حين خصمت جامعة كرة القدم من الرصيد الضعيف للفريق نقطتين ثمينتين، بعدما أشركت أربعة لاعبين أجانب في مباراة جمعت ممثل سوس بممثل الريف شباب الحسيمة، كما أغلق المدعمون صنابير الدعم على مكتب أبو القاسم، وظهرت شروخ في الصرح الجماهيري إذ حصلت انقسامات حولت إلترا إمازيغن إلى بؤرة للحروب الأهلية بين أنصار الفريق الواحد، وتمرد المنخرطون على المكتب المسير وخرج اللاعبون القدامى عن صمتهم وطالبوا بمنح كاد أن يلفها التقادم، قبل أن يصبح التغيير أمرا مكتوبا. على المستوى التقني، جدد المدرب مصطفى مديح تعاقده مع الحسنية، وهو الذي تمكن من إنقاذها من الغرق في عرض سواحل البطولة الاحترافية، لكن الأهداف لم تتغير بتغيير المدرب إذ ظل رهان السوسيين تحسين مواقع الفريق في ترتيب البطولة والتوقيع على موسم يصالح الحسنية مع محيطها، لكن هذا الرهان على الرغم من بساطته، يحتاج لسيولة مالية وللاعبين قادرين على ترجمته على أرض الواقع، لكن الوضع المالي لغزالة سوس لا يتيح فرصة التفكير في إحراز الألقاب، لذا تقرر الاعتماد على عناصر شابة وأخرى محربة لكن بكلفة مالية بسيطة، لكن التحول الكبير الذي عاشه الفريق السوسي في صيف هذه السنة، هو «الانقلاب» الأبيض، على عبد الله أبو القاسم، الذي يعتبر من جيل المسيرين القدامى، على غرار الكرتيلي والعموري وحنات، وغيرهم من الأسماء التي داهمتها رياح التغيير التي جادت بمسير الشكارة، في أكادير اتفق رئيس الجهة وعمدة المدينة على أن يتفقوا على تغيير المكتب المسير، بعد أن ضاقوا درعا بالأسماء التي ارتبطت طويلا بتدبير شأن الفريق، وعلى الفور تم إغلاق صنابير الدعم من أخنوش والقباج، وفي أحسن الأحوال التأخير في صرف دعم مجلس الجهة ومجلس المدينة والمؤسسات الصناعية، في ما يشبه الدعم مقابل الاستقالة والاستسلام، وأمام الوقفات الاحتجاجية التي قام بها بعض المنخرطين واستدراج فئة من الجمهور للمشاركة في حراك رياضي ضد المكتب المسير، حصل التغيير وتنحى الرئيس لخلفه بيجديكن الذي سلم ذات يوم مفاتيح الحسنية لأبو القاسم، وهو ما جعل الانتقال سلسا بين رئيسين بالرغم من التأجيلات التي عرفتها محطة الجمع العام. وكما كان متوقعا فقد نجح التحالف في إسقاط أبو القاسم، وانتخب لحسن بيجديكن في الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين 30 يوليوز رئيسا للمكتب المديري لفريق حسنية اكادير، وهو الرجل الذي يسعى إلى العودة إلى الواجهة عبر الرياضة، بعد أن قضى جزءا من وقته في ملعب السياسة، على الفور جالس المدرب مديح وأرسل إشارات ترشيد الإعداد والطموحات، في ظل أزمة مالية تهدد الفريق، اكتفت الحسنية بمعسكر في أكادير وآخر في الدارالبيضاء، واعتبرت مباريات تصفيات كأس العرش فرصة للاستعداد، أما الانتدابات فكانت على مقاس الوضعية الراهنة، في انتظار وفاء كثير من المدعمين، الذين ربطوا الدعم بانسحاب أبو القاسم، بالتزاماتهم المالية، وتحقيق انطلاقة جيدة تنسي الجمهور كبوة كأس العرش وتصالحه مع المدرجات التي ظلت على امتداد موسم كامل فضاء للاحتجاج وليس للتشجيع والمؤازرة.