مر الاحتفال بخمسينية السينما المغربية باهتا في المهرجان، وحين كنا نظن أنه بالإمكان تلافي برودة الاحتفال باقتراح ندوة ما في محور ما، أو بتشريح واقع حال ال50 سنة من السينما ومن تعثراتها ومن إضاءاتها المشرقة التي جعلتها تصعد على مستوى الإشراقة في العديد من التجارب الفردية. لكن يبدو أن الطابع الاستعراضي بالمعنى البسيط لايزال هو المهيمن على التعاطي مع الشأن السينمائي، فاحتفالية البساط الأحمر هي لحظة احتفالية، لكنها لا تتعدى أن تكون كذلك. وبالتالي، فقد كانت الذكرى خالية من كل تقييم ومن كل مراجعة ومن كل حديث صريح.. فالأعطاب في السينما المغربية كثيرة، والمتطفلون عليها كثر وهم ينبتون يوميا مثل نبات وحشي في كل الطرقات وفي كل المسالك المؤدية إلى صندوق الدعم السينمائي. في حين تتدخل جهات أخرى خارجية في لعبة السينما عن طريق الدعم المشروط، وعن طريق التبسيط الشديد لقضايا المجتمع والناس، وبشكل أقرب إلى سينما الكاملوت التي تريد كل شيء ولا تفعل شيئا. والنتيجة هي إقبار التجارب الجيدة والمضيئة والوطنية في هذه السينما، والتي أنتجت بدايات لم يقيض لها أن تكتمل، في الوقت الذي يفتح فيه الباب على مصراعيه لأشخاص يدخلون مجال السينما كأنما يدخلون إلى سوبرماركت كل شيء فيه قابل للبيع والشراء، بما فيها قيم الفن الحقيقية. ولعل خير دليل على تخبط السينما المغربية هو الفيلم المغربي «قنديشة» الذي مثل المغرب في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش السينمائي الدولي، ففي غياب رؤية واضحة لا يمكن أن تنتج إلا هذا النوع من التخبط حتى ولو حشدت جحافل من الإمكانات المادية. الوعي بالسينما هو المرتكز، وما عداه باطل، ولا يمكن إنجاز سينما وطنية بادعاء ذلك، فعند الامتحان يعز المرء أو يهان، وتلك هي المسألة، التي تغيب عند متربصي السينما المغربية. كل الأمل اليوم في الجيل الجديد العائد من الاغتراب الأوروبي، هذا الجيل المعول عليه في النهوض بالسينما المغربية ومنحها تطلعات جديدة، وإذا ما فشل هذا الجيل وجرفه الاعتداد بدوره، فسلام على السينما والسينمائيين المغاربة الأحياء منهم والأموات. وإذا ما نجحت محاولة العودة فإن نفسا جديدا ربما قد تعرفه السينما المغربية، التي تحتاج أكثر إلى خبرة أبنائها حتى تخرج من أصلابهم مولودا حلالا، لا شكوك في نسبه المغربي.