لم يتوقف الجدل الدائر الذي خلفته المشاركة المغربية في أولمبياد لندن التي اختتمت الأحد الماضي، وخرج منها المغرب صفر اليدين ببرونزية يتيمة للعداء عبد العاطي إيكيدير في مسافة 1500 متر. وإذا كانت وزارة الشباب والرياضة قررت عقد ندوة صحفية في الأسبوع الأول من الشهر المقبل لإعطاء تقييم دقيق ومفصل حول مشاركة 12 نوعا رياضيا، وكذا إعلان ما أسمته ب»التوجهات الكبرى الخاصة بإصلاح وتقويم وهيكلة المنظومة الرياضية»، فإن تقييم المشاركة يجب ألا يقتصر فقط على الرياضات التي شاركت في الدورة الأولمبية والتي حضر بعضها للمرة الأولى، وعاد بعضها الآخر للتباري بعد غياب طويل، ولكن التقييم يجب أن يمتد أيضا للرياضات التي استفادت من دعم لجنة رياضيي الصفوة ولم تنجح في تأهيل أي من رياضييها، وأن يطال التقييم أيضا دور اللجنة الأولمبية، التي تبدو أشبه ب»الشبح» في المنظومة الرياضية المغربية، وفضاء للتسوق والنزهة لبعض المتقاعدين والمسيرين السابقين. إن هناك رياضات تحضر بشكل دائم في الألعاب الأولمبية كألعاب القوى والملاكمة والجيدو والتيكواندو وكرة القدم، وخروجها خاوية الوفاض باستثناء ميدالية إيكيدير، هو إخفاق بكل المقاييس، يجب معرفة مسبباته، خصوصا وأن المغرب لديه تقاليد أولمبية في هذه الرياضات، وجميع البلدان التي تشارك في الأولمبياد تراهن على رياضات معينة للتتويج، كما هو الحال بالنسبة لإيران مثلا التي نجحت من خلال رياضتي رفع الأثقال والمصارعة في احتلال المركز الثاني عشر عالميا. التقييم يجب أن يطال أيضا الجانب التقني، وأن تعرف الوزارة لماذا أصرت مجموعة من الجامعات على عدم الاستعانة بمؤطرين من المستوى العالي، وهل الأمر يتعلق باختيار أملته عوامل موضوعية، أم لأن بعض المدربين أصبحوا يشكلون قوة انتخابية في الجموع العامة قد تطيح بهذا الرئيس وتأتي بالآخر، ومعرفة ظروف التحضير، وهل كان الرياضيون يشاركون في دوريات حقيقية أم يكتفون بالتنزه في عواصم العالم؟ التقييم يجب أن يضع سؤالا طويلا عريضا يكشف الدور الحقيقي للجنة الأولمبية، خصوصا أنها توجد خارج الشرعية منذ زمن طويل، وأصبحت تسير بدون بوصلة تحدد لها معالم الطريق، علما أنها كان من المفروض أن تكون سباقة إلى عقد ندوة صحفية لشرح أسباب الإخفاق. وإذا كان الجانب التقني مهما، فإن جوانب أخرى تستحق أن يطالها الاهتمام، ومن بينها صفقة الملابس الرياضية التي لم تكن في المستوى اللائق، بل وبدا الرياضيون المغاربة وكأنهم يمثلون بلدا آخر وليس المغرب، إذ يبدو غريبا ألا تحصل اللجنة الأولمبية على صفر درهم مقابل أن يرتدي رياضيوها هذه الألبسة، أما التقييم الحقيقي فهو أن يدخل هواء الديمقراطية إلى الجامعات الرياضية.