حول الباعة المتجولون شوارع وأزقة حي الزهور بفاس إلى أسواق مفتوحة يوميا، دون أن تنفع الشكايات التي ترفعها وداديات الحي إلى السلطات المحلية، في معالجة هذا الوضع الذي يخنق حركة مرور السيارات، ويجد معه المواطنون صعوبات بالغة في المرور. ويقول سكان الحي إن هذا الوضع يؤدي إلى استفحال الأزبال في هذه الشوارع، بعد انصراف الباعة المتجولين، بسبب الضعف الحاد في تجهيزات وعمال شركة النظافة في تنقية مخلفات هؤلاء الباعة. ويشتكي السكان من كثرة الحشرات، ومن الروائح الكريهة التي تسببها مخلفات هذه الأسواق المفتوحة. كما تعاني العشرات من الأسر في هذا الحي من الضجيج الذي ينجم عن هذه الوضعية. وعادة ما تنشب نزاعات في هذه الشوارع، تزيد من حدتها «الترمضينة». ويقول مسؤولو الوداديات السكنية إن السرقات والنشل يتنامى في هذه الشوارع والأزقة. وكانت عناصر الأمن قد قامت بحملات ضد احتلال الباعة المتجولين للطريق العام في حي السعادة، بعدما أصبح المرور من هذا الطريق من أصعب التمارين بالنسبة إلى مستعمليه. لكن الوضع بقي على حاله في عدد من أحياء مدينة فاس. ويعتبر الدخول إلى حي عوينات الحجاج الشعبي بسبب انتشار الباعة المتجولين في الطريق العام من أعقد المهمات التي على المواطن أن ينجزها. وتسفر هذه الوضعية عن مشاحنات مستمرة بين الباعة المتجولين وبين المواطنين، وخصوصا بين مستعملي السيارات. ولا يختلف الوضع في هذا الحي عن الوضع في الشوارع الرئيسية لحي بنسودة، التي تحول فيها الشارع العام إلى «سويقة» مفتوحة. ويضطر عدد من راكبي السيارات إلى تغيير الاتجاه بحثا عن مسار آخر. وتقوت ظاهرة الباعة المتجولين في أحياء فاس بسبب تراخي السلطات في فترة ما يعرف ب«الربيع العربي». لكنها الآن أصبحت من أعقد الاختلالات التي تخدش صورة المنظر العام بعدد من الأحياء، لا فرق بين الراقي منها والشعبي. وفي غياب بدائل للتشغيل، لا يجد العشرات من شبان الأحياء الفقيرة في المدينة إلا امتهان البيع بالتجول، الذي أصبح مهنة من لا مهنة له، في الآونة الأخيرة. ويزيد من تعاطي الشبان لهذه المهنة دخول بعض التجار بالجملة على الخط. هؤلاء يعمدون إلى منح السلعة ومعها تجهيزات البيع بالمجان لهؤلاء الشباب، على أن يلجأ الطرفان إلى «الحساب» بعد الانتهاء من عملية البيع.