سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المعتصم: إحدى الشخصيات الوطنية طلبت مني مقابلة التوفيق لحل مشكل الحزب قال إنه بعد التضييق على حزبه راسل الملك ولم يذهب إلى القضاء الذي يرسل العشرات من أبناء المغرب إلى السجون بمحاكمات غير عادلة
يروي مصطفى المعتصم، واحد من السياسيين الستة الذين وجهت إليهم تهم ثقيلة في ملف خلية بلعيرج، في اعترفاته ل«المساء»، تفاصيل مثيرة ارتبطت بحياته الشخصية والدعوية والسياسية. ويعترف مصطفى المعتصم بأنه كان وراء إطلاق «العمل الإسلامي» في الثانويات والجامعات أيام كانت قلاعا يسارية، ويحكي كيف تعرف على عبد الكريم مطيع، زعيم «الشبيبة الإسلامية»، ليصبح قياديا فيها بعد هروب هذا الأخير إلى الخارج إثر اغتيال الاتحادي عمر بنجلون، حيث سيقابله في السعودية ليقول له مطيع: «احذر عبد الإله بنكيران فهو عميل للنظام». ويحكي المعتصم تفاصيل ما دار بينه وبين عبد السلام ياسين وكيف تخلص منه مرشد العدل والإحسان قائلا: «أنت تصلح لحزب التحرير وليس لجماعتنا». ويقف مطولا عند علاقته بعبد القادر بلعيرج، المحكوم عليه بالسجن المؤبد في قضايا الإرهاب، وتجربة توحيد الحركات الإسلامية، وتجربة القطب الديمقراطي مع حرزني وصلاح الوديع وآخرين سنة 2002، وتأسيسه حزب «البديل الحضاري» ثم اعتقاله بتهمة الإرهاب، وكواليس استنطاقه ومحاكمته، ثم تجربته السجنية. - ما الذي قمت به بعدما طلب منك أحمد الرامي، المعارض المغربي المقيم في السويد، عندما التقيت به في 2001 بطهران، التوسط لفائدته من أجل الدخول إلى المغرب؟ عندما عدت إلى المغرب، اتصلت ببعض الإخوة الذين ذكرتهم سابقا بغية حل هذا المشكل وطي ملف الرامي. وقد رحب بالأمر كل من تكلمت معهم في الموضوع، ولكن لا شيء حدث. ومع مرور الوقت، بدأت أفهم أنه يجب أن أصرف النظر عن هذا الأمر، وهذا ما فعلته، خصوصا بعد خرجة أحمد الرامي في «الجزيرة». - أرسلتم في البديل الحضاري مذكرتين إلى الملك، وحاولت أنت حلّ مشكلة الرامي فيما السلطة تضيق عليكم الخناق، حسب ما صرحتم به مرارا؛ لماذا؟ أولا، وكما قلت سابقا، فإن خطابات الملك محمد السادس التي عبر فيها عن الضرورة الحيوية لإنجاز الانتقال الديمقراطي ومبادراته والمشاريع التي أطلقها ورغبته في طي صفحة الماضي الأليمة، كلها أمور جعلتني أتشبث بالأمل في مغرب آخر، مغرب لكل المغاربة، وأدافع عن ضرورة أن تلعب المؤسسة الملكية الدور الفعال، إلى جانب كافة القوى الديمقراطية، لتحقيق وإنجاح الانتقال إلى الديمقراطية. وقد آمنا في جمعية البديل الحضاري بالدور المركزي الذي سيقوم به الملك نظرا إلى ما له من رمزية دينية وصلاحيات دستورية. لهذا، حاولنا أن نقدم مصلحة بلادنا على معاناتنا مع السلطة. - سنة 2002، تحولت حركة البديل الحضاري إلى حزب البديل الحضاري؛ لماذا كان هذا التحول؟ نحن أسسنا في البداية جمعية سياسية، هي أكبر من جمعية ثقافية وأقل من حزب سياسي. وبانضمام العديد من الإخوة والأخوات إلى الحركة وتوسع قاعدتها وأمام التلويح بقرب طرح قانون أحزاب جديد يفصل بين الحزب والجمعيات، قررنا تأسيس حزب سياسي أخذ اسم البديل الحضاري بتاريخ 14 يوليوز 2002. وأثناء عقدنا للمؤتمر حاولت جهات سلطوية الهجوم علينا لإفراغ القاعة التي كنا نعقد فيها جمعنا التأسيسي، مما دفعنا إلى التسريع بوتيرة أشغال المؤتمر بانتخاب أمانة عامة مكونة من 15 عضوا وإصدار البيان الختامي. - هل تسلمت منكم السلطة وثائق التأسيس؟ طبعا، وفي كل مرة كنا نقدم فيها ملف التأسيس كانت السلطة المعنية تتسلمه منا، ولكنها كانت ترفض تسليمنا وصل الإيداع. ومنذ ذلك التاريخ وإلى حدود شتاء 2004، بذلنا كل الوسع وناضلنا من أجل نيل حقوقنا الدستورية المشروعة. وبعد المسيرة الشهيرة، في اتجاه مقر وزارة الداخلية، التي كانت قد نظمتها قوى يسارية وشاركنا فيها نحن تضامنا مع حزب النهج الديمقراطي -وهي المسيرة التي جعلت الداخلية تفتح معهم نقاشا وتعترف بوجودهم- كان لا بد من تأكيد حضورنا على صعيد الساحة السياسية الوطنية، فقررنا تسطير برنامج نضالي تصاعدي تكون مقدمته مؤتمرا استثنائيا، وهو المؤتمر الذي عقدناه في 2004، وكان بالفعل استثنائيا في كل شيء: في عدد الإخوة والأخوات الذين شاركوا فيه، وفي الحضور الكثيف والنوعي للضيوف الذين مثلوا مختلف الحساسيات السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وفي التغطية الإعلامية الكبيرة التي حظي بها، وفي المكان الذي عقدناه فيه والذي كان هو المقر المركزي للحزب الاشتراكي الموحد الذي كانت وما تزال تربطنا به علاقات أخوة وحوار وتنسيق. - ماذا حدث بعد مؤتمركم الاستثنائي؟ الواضح أن الحضور النوعي للمدعوين قد فاجأ الجميع، وخصوصا السلطة، لأن ذلك المؤتمر كان بمثابة وصل اعتراف سياسي من الساحة السياسية والحقوقية المغربية. وبالرغم من كل هذا ستستمر السلطة في رفض تسليمنا وصل الإيداع حتى بعد تسلمها الملف القانوني للحزب. وقد شجعنا تفاعل القوى السياسية والجمعوية معنا على المضي في البرنامج النضالي الذي سطرناه، لأننا تأكدنا من أننا سنحظى بالدعم والمؤازرة من طرف القوى الديمقراطية في بلادنا. ولكن قبل التصعيد، بادرت إلى رفع مظلوميتنا إلى القصر الملكي من خلال مذكرة وضعتها بالديوان الملكي. - لماذا لجأتم إلى مراسلة القصر ولم تلجؤوا إلى القضاء؟ لم يكن همنا شغل القصر بمشاكلنا مع السلطة، ولتعلم أنه سبق لنا أن تقدمنا في إطار الجمعية، بعد المؤتمر الأول سنة 2000، إلى المحكمة الإدارية لحسم خلافنا مع السلطة، وإلى حدود اليوم لم يكن لدعوانا صدى. أيّ قضاء هذا الذي تريدنا اللجوء إليه في سنة 2004 أو 2005! قضاء التعليمات، القضاء الذي كان يرسل العشرات من أبناء المغرب إلى السجون وبمدد طويلة بعد محاكمات لم تكن تدوم في بعض الأحيان أكثر من ساعة زمنية، محاكمات غابت عنها كل شروط المحاكمة العادلة ومبنية على نوايا الأظناء بحجة الاستباقية. نحن لم نكن نثق في القضاء حينها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فنحن راسلنا الملك بصفته حكما، وهي صفة دستورية تخول له التدخل عندما يكون هناك مشكل.. ومشكلتنا كانت مع وزارة الداخلية لإصرارها على منعنا من ممارسة حقنا الدستوري في أن نختار بكل حرية التنظيم الذي نريده. - ماذا كان رد القصر؟ بعد شهر ونيف على مراسلتي، أي في يناير 2005 على ما أعتقد، اتصل بي أحد شرفاء هذا الوطن ليطلب مني الالتحاق به في بيته قبل صلاة المغرب لأن شخصية حكومية وازنة تريد رؤيتي. - من كانت تلك الشخصية؟ كانت وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية.