شخصيا، «غسلت يدي إلى المرفقين» على رئيس وزرائنا وعميدهم عبد الإله بنكيران، منذ أن «أعطى حماره» في قضية راتب مدرب المنتخب المغربي إيريك غيريتس، وقال في البرلمان إنه لم يتعاقد مع هذا الرجل الذي «يلهف» في شهر واحد أزيد من 280 مليون سنتيم بالعملة الصعبة. حينها، أيقنت أن القضية تتجاوز رئيس الوزراء ووزير الشباب والرياضة وتتعدى رئيس جامعة الكرة، وبرأته من تهمة محاربة الفساد والمفسدين، والتمست له العذر في كل خرجاته الإعلامية لأن الرجل لا يملك عصا سحرية تقول للفساد ارحل فينسحب، بل يفضل تغيير المنكر بأضعف الإيمان. لكن صورة بنكيران لدى الرأي العام تراجعت بعد ظهوره في برنامج «بلا حدود»، الذي يقدمه الصحفي المصري أحمد منصور، لأن المغاربة اكتشفوا مقاربة جديدة في مكافحة الرشوة والريع الاقتصادي، أرجأت محاسبة الذين عاثوا في البلاد فسادا إلى اليوم الآخر، حين ردد أكثر من مرة «سينتقم منهم الله» وأعاد على مسامعنا عبارة «عفا الله عما سلف»، مقررا إغلاق النافذة التي يأتي منها الريح ليستريح. ولأن الرئيس ديمقراطي، فقد شمل بعفو الله زميله في حزب العدالة البرلماني الوجدي أفتاتي. بين تصريحات بنكيران والدستور المغربي مسافة طويلة، فحين يتحدث دستور البلاد عن ربط المسؤولية بالمحاسبة، يفضل رئيس الوزراء عدم التعامل مع هذا البنذ بأثر رجعي، فيربط المسؤولية بمحاسبة صغار الموظفين وبسطاء الوظيفة العمومية، أما المنتفعون من مقالع الرمال والخطوط البرية والبحرية والأراضي التي استرجعت من المعمرين القدامى وسلمت إلى المعمرين الجدد، فالحكومة عجزت عن الكشف عن أسمائهم. وحين ألح الشعب الذي حمل العدالة والتنمية إلى مراكز القرار، وانتفض ضد العزوف الانتخابي، اكتشف أن كثيرا من وزراء زمن الحراك ابتلعوا ألسنتهم. أخشى أن تصدر الحكومة قرارا بتعطيل عمل المجلس الأعلى للعدل وتسرح قضاة المجلس الأعلى للحسابات، عملا بمبدأ «عفا الله عما سلف»، كما أخشى أن تتراجع «كوطا» حزب المصباح فيتحول في الانتخابات الجماعية القادمة إلى مجرد «فيوز» غير قادر على إضاءة عتمة الطريق، لأن دار لقمان لازالت على حالها، بل إن لقمان نفسه تقوى وتجبر. في كل مشاكل هذا البلد، إبحثوا عن «الجزيرة»، ستقفون على ضلوعها في جدل يعطل قطار التنمية ويعبث بسكته فيرميه صريعا كقطارات الخليع، فالقناة التي قال عنها بنكيران الشيء ونقيضه، حين وصفها بالمهنية والمسيئة إلى المغرب، تقلب مواجع كل الدول باستثناء قطر، التي يستحق منها برنامج «بلا حدود» عشرات الحلقات لفهم انقلاب أمير قطر على والده حين قال له أفٍّ ونهره ولم يقل له قولا كريما. إن هذا اللقاء الصحفي هو مقدمة لنقاش معمق حول منح «الجزيرة» شهادة السكنى في المغرب وتمتيعها ببطاقة «راميد» وتسجيل صحافييها في كناش الحالة الصحفية، إلا أن هناك بعض الشروط التي لم تبتلعها إدارة القناة في الدوحة، والأمور تسير في اتجاه طي الخلاف وتمتيع الفضائية القطرية بالسراح الإعلامي انسجاما مع مبدأ عفا الله عما سلف، أو ما تلف لافرق.